بوش يناشد الوزراء وزعماء الأحزاب اليمينية الحفاظ على حكومة أولمرت

مشددا على أن سلاما كهذا أفضل لإسرائيل في هذه الفترة بالذات لأنه هو على رأس الإدارة الأميركية

TT

لم يتردد الرئيس الأميركي، جورج بوش، في مناشدة الوزراء ورؤساء أحزاب الائتلاف الحكومي الاسرائيلي بشكل مباشر دعوتهم الى الحفاظ على الائتلاف الحكومي الحالي برئاسة ايهود أولمرت. وأوصاهم، قبيل مغادرته اسرائيل امس في طريقه الى الكويت، بأن يحافظوا على أولمرت زعيما وقائدا أول للدولة العبرية. وقال بوش، خلال حفل العشاء الذي أقامه أولمرت على شرفه، الليلة قبل الماضية، ان «السياسة الحزبية في اسرائيل باتت مثل لعبة الكاراتيه، لا تعرف كيف ومتى وأين تتلقى الضربة القادمة فيها، ولكن هناك ظروفا حساسة في المنطقة وفرصة نادرة لانهاء الصراع الاسرائيلي ـ الفلسطيني والتوصل الى اتفاق سلام حقيقي يضمن السلام والأمن لكلا الشعبين». وأضاف بوش ان «أولمرت هو قائد سياسي قوي ومهم لاسرائيل ينبغي الحفاظ عليه ودعمه كرئيس حكومة».

ولم يكتف بوش، حسب مصادر سياسية اسرائيلية، بالحديث العام للوزراء، بل انفرد بالوزيرين اليمينيين اللذين يهددان بالانسحاب من الحكومة، أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب «اسرائيل بيتنا» لليهود الروس، وايلي يشاي، رئيس حزب «شاس» لليهود الشرقيين المتدينين، وراح يقنعهما بأن أولمرت، بإدارته المفاوضات السياسية مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (ابو مازن)، انما يدير إحدى أهم المعارك لخدمة مصالح اسرائيل ولديه فرصة لتحقيق سلام آمن لاسرائيل اليوم. وقال لهما صراحة ان سلاما كهذا أفضل لاسرائيل في هذه الفترة بالذات، لأنه هو (أي بوش) يقف على رأس الادارة الأميركية، ملمحا بذلك انه لن يكون لاسرائيل صديق أقوى منه في البيت الأبيض.

وما أن تسربت هذه الأقوال الى الصحافة الاسرائيلية، أمس، حتى انفجرت موجة احتجاج في أوساط السياسيين والاعلاميين الاسرائيليين، وخصوصا في صفوف اليمين المعارض، وراحوا يهاجمون بوش مباشرة، متجاوزين حدود الإجماع الاسرائيلي في التعامل مع «أكبر وأقوى أصدقاء اسرائيل». فنقل عن النائب ميخائيل ايتان من الليكود القول إن بوش تجاوز الخطوط الحمراء في التعامل مع اسرائيل، ونسي الأسس الديمقراطية التي تمنع رئيس دولة ديمقراطية من التدخل في الشؤون الحزبية الداخلية لدولة ديمقراطية أخرى. وقال رئيس الاتحاد القومي، زبولون أورليف، «ان بوش يجعل اسرائيل دولة دمية لسياسته، ونحن لسنا مستعدين لقبول رئيس حكومة يحرك بالخيوط، حتى لو كانت تلك أصابع صديقنا الأميركي». وقال النائب تسفي هندل، وهو من نفس الحزب «إن بوش يعرف أن ما يطلبه من اسرائيل لتحقيق رؤياه حول دولتين لشعبين غير ممكن. وان شخصية مهزوزة وهزيلة ويائسة مثل أولمرت فقط يمكنها أن توافقه على تقسيم القدس والانسحاب الى حدود 4 يونيو (حزيران) 1967 ولهذا فإن أولمرت يعتبر أخطر رئيس حكومة في تاريخ اسرائيل ويجب تغييره ويلتزم بيته».

وقال النائب نيسان سلوميانسكي، وهو من قادة المستوطنين «ان الهدف الوحيد لزيارة بوش هو إنقاذ أولمرت من السقوط. ولكن هذا يسمى في لغة التخاطب: إنقاذ ما لا يمكن انقاذه، لأن أولمرت سيبدأ بالسقوط مع نشر تقرير لجنة فينوغراد للتحقيق في اخفاقات الحرب على لبنان». وحتى الوزراء الذين توجه اليهم بوش بالتوصية للحفاظ على أولمرت أعربوا عن الحرج وراحوا يسربون الأنباء عن انهم رفضوا بأدب توصية بوش وتملصوا منها بالقول ان «القضية ليست ضد أولمرت بل ضد تقديم تنازلات للفلسطينيين من دون ضمان وجود قيادة قوية لهم». وقال يشاي انه لا يريد التخلي عن القدس وانه لا يريد اتفاق سلام مع نصف الشعب الفلسطيني. وقال ليبرمان ان الانسحاب الاسرائيلي من غزة أدى الى انتخاب «حماس» والى إغراق بلدات الجنوب بالصواريخ. وقبل أن تحل هذه المشاكل ويسيطر أبو مازن على السلطة الفلسطينية بالكامل، فإنه لا يؤيد التفاوض معه على القضايا الجوهرية.

وكان اليمين الاسرائيلي قد نظم مظاهرة صاخبة في ساحة صهيون في القدس الغربية على مقربة من مقر أولمرت ومن الفندق الذي ينزل فيه بوش، الليلة الماضية، ردوا فيها على البيان الذي لخص فيه بوش زيارته الى اسرائيل والسلطة الفلسطينية والذي اعتبروه «توجها خطيرا ضد الثوابت الاسرائيلية واعتداء خطيرا على مشروع عودة اليهود الى أرض الميعاد» ورفعوا صورة بوش وكتبوا عليها شعارا يقول: «هذا هو مؤسس دولة فلسطين/ حماسـان». وصورة أخرى لأولمرت وهو وراء قضبان السجن وكتبوا تحتها: «حتى بوش لن يستطيع إنقاذك» وهتفوا ضد الرئيس شيمعون بيريس: «خائن». وكان أحد الخطباء الأساسيين في المظاهرة، الراباي المعروف بتطرفه، شالوم دوف وولف، الذي هدد بعمليات انتحارية يهودية ضد إخلاء المستوطنات، قد قال: «على كل مستوطنة يحاولون اخلاءها في المستقبل، سنحارب أضعاف حربنا عند اخلاء مستوطنة عمونة (قبل سنتين). سنحارب حتى آخر نقطة دم. فنحن نسير وراء مقولة «جيد ان تموت من أجل الوطن» ولن ينجح بوش وأولمرت في مخططهما لسلبنا هذا الوطن».