موسى يفشل في الحصول على «إقرار» بانتخاب سليمان والأكثرية تدرس تفويض غير الحريري لمحاورة عون

جلسة البرلمان أرجئت 10 أيام والخلاف لم يسمح بالوصول إلى مناقشة التمثيل الحكومي

الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى يستمع الى شرح من رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، خلال لقائه به أمس في بلدة معراب (خاص بـ«الشرق الأوسط»)
TT

أرجئت مرة جديدة جلسة البرلمان اللبناني المقررة لانتخاب رئيس للجمهورية في ظل فشل الاتصالات الجارية التوفيق بين مطالب المعارضة و«تنازلات» الاكثرية في موضوع حكومة الوحدة الوطنية التي قد تؤلف عقب انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان الذي اعلن الطرفان التزامهما انتخابه.

وفشل الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى في تقريب وجهات النظر بين الطرفين رغم زياراته للعديد من المسؤولين ولقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري للمرة الثالثة منذ وصوله الى بيروت يوم الاربعاء الماضي. وأشارت المعلومات التي توافرت لـ«الشرق الاوسط» الى ان موسى لم يتخط بعد المرحلة الاولى، اي انه لم يتمكن من الوصول الى تعهد من المعارضة بالنزول الى مجلس النواب لانتخاب سليمان قبل الانتقال الى مشروع خلاف آخر يتعلق بآلية انتخاب قائد الجيش الذي يقول معظم الخبراء الدستوريين انه يحتاج الى تعديل للدستور ليتم انتخابه رئيسا باعتباره موظفا رسميا يجب ان يستقيل قبل سنتين على الاقل من موعد الانتخابات. كما لم يتم بت في موضوع التشكيلة الحكومية التي لا «تعطي حق التعطيل للمعارضة ولا حق الترجيح للاكثرية» في ظل استمرار التفسيرات المتباينة للبند المتعلق بالحكومة في مبادرة الجامعة العربية.

ولم يصل موسى بعد الى صيغة لجمع الطرفين المتنازعين، في ظل اصرار المعارضة على حصر عملية التفاوض برئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون، في حين ان الاكثرية لاتزال تنظر الى رئيس مجلس النواب نبيه بري على انه «الطرف الصالح للتفاوض». وقد تلقت قيادات الاكثرية دعوة عون لزعيم الاكثرية النيابية سعد الحريري الى التفاوض، بشيء من الاستغراب، وعلمت «الشرق الاوسط» ان الحريري اقترح على موسى عقد لقاء موسع يضم ممثلين لكل الاطراف. ونقلت المصادر عن الحريري قوله انه عند «اعلان الرئيس بري انه مفوض من المعارضة في 31 اغسطس (اب) الماضي، تشاورت قيادات «14 اذار» وقررت تفويض النائب الحريري، اما في حال اصرار المعارضة على تفويض عون فانه سيعود الى حلفائه للاتفاق على اسم آخر للتفاوض مع عون».

وتبادل طرفا الازمة اللبنانية الاتهامات بالتعطيل، فاشارت مصادر في الاكثرية لـ«الشرق الاوسط» الى ان موسى فشل في الحصول على اقرار بمبدأ الانتخاب، ليصار بعدها الى الاتفاق على المسار الدستوري ومن بعدها توزيع الحصص داخل الحكومة. فيما قالت مصادر في المعارضة لـ«الشرق الاوسط» ان الاكثرية «تلعب لعبة تقطيع الوقت ورفض الشراكة الحقيقية في السلطة». وفيما تردد ان المعارضة مصرة على طرح مبدأ المثالثة في الحكومة (ثلث للمعارضة واخر للموالاة والثلث الثالث لرئيس الجمهورية)، اكدت الاكثرية رفضها «التنازل عن كونها اكثرية برلمانية» ورفضها التساوي في عدد المقاعد الحكومية.

وترددت معلومات غير مؤكدة عن ان موسى اجرى ليل أول من امس اتصالات عربية واسعة لتطويق اجواء الرفض التي عبرت عنها المعارضة في اللقاءين اللذين جمعاه مع عون ظهرا والأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله ليلا. وقيل ان هذه الاتصالات شملت رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الذي يزور لبنان اليوم ووزير خارجية سلطنة عمان. ونقل عن موسى اعترافه بـ«الالتباس الواسع الذي تسبب به الغموض الذي عبرت عنه الفقرة الثانية في المبادرة العربية».

وفي ظل إقفال ابواب الحلول سقطت جلسة الانتخاب التي كانت مقررة اليوم، وصدر عن الامانة العامة لمجلس النواب بيان اعلن تأجيل الجلسة الى الحادي والعشرين من الشهر الحالي. وافادت معلومات رسمية صدرت عن دوائر رئاسة المجلس ان قرار التأجيل اتى بعد اجتماع استمر ساعة مع الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى والوفد المرافق. واشارت الى ان هذا التأجيل «يأخذ في الاعتبار المساعي الحميدة التي بذلها ويبذلها الامين العام للجامعة في سياق تنفيذ مقررات مؤتمر وزراء الخارجية العرب».

وكان موسى واصل اتصالاته مع القيادات اللبنانية، فزار ظهر امس رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع في معراب. وبعد اللقاء نفى موسى، ردا على سؤال عن وجود عرقلة للقاء الذي كان يفترض ان يجمع الحريري وعون خصوصا انه قيل ان جعجع هو من بين المعرقلين، مشيرا الى ان هناك افكارا كثيرة في ابواق بيروت، تطير يمينا وشمال، ولكننا لا نستطيع القول انه تم اتفاق على امر ومن ثم حصلت عرقلة فهذا كلام غير دقيق. واعتبر ان المشكلة لا تكمن في اللقاء بين زعيم الاكثرية وممثل المعارضة، بل هي اعمق واوسع من ذلك بكثير.

وعن اجواء لقاءاته قال موسى: «هناك اختلافات في وجهات النظر ومواقف معروفة يمكن ان يحصل لها تشديد ما وتقريب في ما بينها ونحن استأنفنا العمل منذ يومين ومشكلة لبنان ثقيلة وتحتاج الى الوقت الكافي. ولفت موسى الى انه يمكن ان يغادر او لا يغادر لبنان (اليوم) السبت وفقا للوضع. واشار الى «تفاهم حول تركيبة الحكومة المقبلة»، لكنه رفض ان «يدخل في مسألة الارقام». وقال: «لم انفق كل هذا الوقت بلا فائدة. على العكس، ليس هناك من اتفاق نهائي بل نقاط تقارب وتباعد يتم التباحث حولها». وزار موسى الرئيس السابق للحكومة عمر كرامي. وقال ردا على سؤال عما اذا كان لمس لدى الموالاة قبولا بالتفاوض مع العماد عون: «الكل يعلم ان العماد ميشال عون يتحدث باسم المعارضة، ويفاوض بإسم المعارضة، وتحدثت معه بالامس، وكما صرحت بالامس المقابلة كانت ايجابية ومهمة وصريحة، ومازلنا نعمل في هذا الاطار والاتجاه». قيل له: النائب سعد الحريري رفض التفاوض مع العماد عون؟ فأجاب: «كلمة الرفض لم تصلني بالشكل الذي تتكلمون عنه». وقال: «الاقتراح بلقاءات بين الطرفين قائم بأشكال مختلفة، ومازلنا نعمل على ذلك»، رافضا «هذه المرة» الرد على سؤال عما اذا كان متفائلا. لكنه قال: «جدار الازمة اللبنانية مصطنع ومن السهل كسره وهدمه والتخلص منه وان يعمل اللبنانيون جميعا سويا، فكسر هذا الحائط ليست المشكلة». وأضاف: «طبعا هناك عقبات من الاكيد وجود عقبات واختلافات في وجهات النظر، وإلا ليس هناك مشكلة نرجو الا تستغرق الوقت الطويل». وأشار الى انه قد يمدد زيارته «اذا احتاج الامر». وعن لقائه مع نصرالله قال: «اللقاء كان جيدا جدا، وانا دائما استمتع بلقاءاتي مع السيد حسن نصرالله».

والتقى موسى في مقر اقامته وفدا من حزب «الطاشناق» ورحب بالمبادرة العربية، منوها «بجهود السيد موسى لإيجاد حل للازمة»، ومبديا «استعداده للمساهمة في الجهود التي يبذلها الأمين العام لحل الأزمة».