كينيا مهددة بالغرق في حمام دم جديد بعد فشل المفاوضات

المعارضة تستأنف مظاهراتها بدءا من الأربعاء.. والشرطة تفرض حظرا على التجمعات

طفل محمول من أخته يبكي أثناء مرورهما من امام ركام منزل وهما يهربان من قرية كيبيرا (أ.ب )
TT

بعد فترة هدوء نسبية سادت كينيا اثر تعليق المعارضة تظاهراتها العنيفة التي أدت الى مقتل نحو 600 شخص للتفاوض مع السلطة، بدا أمس أن الوضع يتجه نحو التدهور من جديد نتيجة إعلان المعارضة معاودتها التظاهر بعد فشل المفاوضات مع الرئيس مواي كيباكي وتحذير السلطات لها من استئناف هذه التظاهرات. ودعت الحركة الديمقراطية البرتقالية المعارضة أمس الى تجمع الاربعاء المقبل في نيروبي بعد فشل مفاوضات دبلوماسية حثيثة استغرقت اسبوعا بحثا عن تسوية سياسية بين كيباكي وزعيم الحركة المعارضة رايلا اودينغا، وتوسط خلالها عدد من الاطراف الدوليين أبرزهم مبعوثة الخارجية الاميركية جنداي فريزر ورئيس الاتحاد الافريقي جون كوفور. وجاء في بيان للأمين العام للحركة الديمقراطية انيانغ نيونغو وزع على الصحافيين خلال مؤتمر صحافي أمس: «سنعقد اجتماعا عاما الاربعاء 16 يناير (كانون الثاني) في حديقة اوهورو اعتبارا من الساعة 10.00 (7.00 توقيت غرينتش)». واضاف البيان في نسخة وجهت الى الشرطة في العاصمة الكينية: «نظرا للعدد الكبير المتوقع من الاشخاص نطلب من الشرطة ضمان أمن التجمع».

وفور إعلان المعارضة استئناف تظاهراتها، أعلن رئيس الشرطة الكينية فرض حظر على التجمعات الاحتجاجية.وكان المتحدث باسم الحركة سليم لوني قد قال لوكالة الصحافة الفرنسية في وقت سابق امس (الجمعة) ان «الحزب المعارض سيعاود فورا تظاهراته الحاشدة والتجمعات التي تم تعليقها». واضاف «اخذنا علما بعدم اكتراث الحكومة بأي حل تفاوضي للأزمة في بلادنا». وفشل كوفور في وساطته بين كيباكي وخصمه اودينغا تاركا للامين العام للامم المتحدة سابقا كوفي انان المهمة الصعبة لإخراج كينيا من ازمة تهدد بزعزعة استقرارها. غير ان رئيس غانا جون كوفور الذي يتولى حاليا رئاسة الاتحاد الافريقي، وبعد مهمة دامت يومين، حصل من كيباكي واودينغا على التزام بالحوار و«وقف العنف». كذلك غادرت مساعدة وزيرة الخارجية الاميركية للشؤون الافريقية فريزر نيروبي أمس عائدة الى واشنطن. ومنذ اعلان اعادة انتخاب كيباكي في 30 ديسمبر (كانون الاول) منعت قوات الامن التظاهرات التي دعت اليها المعارضة، او ألغيت كبادرة تهدئة في اطار جهود المجتمع الدولي لحل الأزمة السياسية. وقال المتحدث باسم الشرطة الوطنية اريك كيريث لوكالة الصحافة الفرنسية: «ان اي طلب ترخيص تجمع سياسي سيبحث حالة بحالة. ان الشرطة لن تسمح بأي تظاهرة يمكن ان يستغلها مجرمون». وأسفرت اعمال العنف التي تلت اعلان فوز كيباكي عن سقوط 600 قتيل على الاقل ونزوح 255 الفا اخرين. وقد تراجعت حدة المواجهات كثيرا بين انصار الزعيمين منذ اسبوع لكن التوتر ما زال شديدا لا سيما في غرب البلاد حيث معقل اودينغا. وافاد مصدر امني امس عن إشعال النار في ستة منازل واصابة شخص بجروح في اعمال عنف مساء اول امس قرب مدينة كيسيي عند الحدود بين اقليمي وادي ريفت ونيانزا. واعلنت قائدة الشرطة الاقليمية في نيانزا غرايس كايندي ان «التوتر شديد جدا والناس يفرون لكننا نشرنا ما يكفي من رجال الشرطة في المنطقة لخفض التوتر». واضافت انه تم توقيف مشتبه فيهم.

وبدأت انعكاسات اعمال العنف تطال بشدة اكبر نظام اقتصادي في شرق افريقيا. وراجع مصرف «ستاندارد شارترد» بالانخفاض توقعات النمو من 5.6% الى 5% خلال 2008 في الاقتصاد الكيني وقال ان اعمال العنف «شوهت سمعة كينيا» المعروفة بانها واحة استقرار في شرق افريقيا. من جانبها قدرت فدرالية السياحة الكينية الجمعة بنحو 42 مليون يورو خسائر قطاع الفنادق في يناير (كانون الثاني) وحده في اوج الموسم السياحي في البلاد.

تجدر الاشارة الى ان واشنطن تنظر منذ زمن بعيد الى كينيا بوصفها احدى الدول المحورية الى جانب مثيلتيها جنوب افريقيا ونيجيريا. وتعتبر واشنطن حكومة نيروبي مفتاح الاستقرار وآفاق التنمية الاقتصادية في القارة الافريقية. ومنذ العام 1998 عندما دبرت «القاعدة» اول هجماتها القاتلة بتفجير السفارتين الاميركيتين في كينيا وتنزانيا المجاورة، ما ادى الى مقتل أكثر من 200 شخص، كانت كينيا خط الجبهة ايضا فيما يعرف بالحرب على الارهاب. وبعد اربع سنوات من ذلك فجر ثلاثة مهاجمين انتحاريين فندقا في كينيا ليسفر عن مقتل 15 شخصا. وبرهنت كينيا على انها شريك مخلص للأمن الاميركي، فقد سارعت على سبيل المثال في تكثيف الحشود على حدودها واعتقلت العشرات فيمن يشتبه بانهم من الاسلاميين المتشددين ممن فروا من الصومال بعد ان طردتهم القوات الاثيوبية من معاقلهم بالصومال آواخر العام 2006. وتتخوف الادارة الاميركية من أن تؤدي الاضطرابات الراهنة بالسلطة الكينية الى صرف أنظارها عن القضايا الأمنية الدولية.