مسؤولون: مناورة عسكرية أميركية سرية عام 2002 في مواجهة قوارب سريعة.. تثير القلق من قدرات إيران

«الهجوم الحاشد» بأعداد كبيرة من القوارب السريعة كبد خسائر من ضمنها حاملة طائرات

TT

هناك سبب وراء قلق الضباط الاميركيين بخصوص التكتيكات التي استخدمها البحارة الايرانيون في الاسبوع الماضي، خلال المناوشات بين الجانبين في مضيق هرمز، هذا السبب هو مناورات بحرية سرية اجرتها اميركا عام 2002 وتكلفت 250 مليون دولار، وفي هذه المناورات هاجمت مجموعة من القوارب السريعة (على غرار القوارب الإيرانية) قافلة تابعة للاسطول الاميركي، وألحقت به اضرارا كبيرة، اذ فقد اسطول الفريق الازرق، الذي يمثل الولايات المتحدة، 16 سفينة حربية كبرى وحاملة طائرات ومدمرات وسفنا برمائية، وذلك أثر تعرضها لهجوم شمل تكتيكات جماعية من قوارب العدو. وجاء هذا الكشف بعد أيام قليلة فقط من المواجهات بين السفن الاميركية والقوارب السريعة الإيرانية في مضيق هرمز. واعترف الضباط الاميركيون بأنهم يدرسون من جديد الدروس المستفادة من المناورات التي اجريت عام 2002. وقال الجنرال المتقاعد بول فان ريبر من سلاح المارينز، الذي شارك في المناورات كقائد للفريق الاحمر، الذي يمثل قوة عسكرية اقليمية، «عدد القوارب السريعة الذي شارك في العملية تغلب على قدرتنا العقلية والالكترونية لمواجهة الهجوم. وانتهى الامر بأكمله فيما يتراوح بين خمس دقائق الى 10 دقائق». وقال الجنرال فان ريبر انه اشتكى انذاك من عدم اعتراف القوات المسلحة الاميركية بالدروس المهمة من تلك المناورات. لكن بعض كبار الضباط قالوا ان المناورات والتحليلات التابعة والتدريبات ساهمت في تركيز الانتباه على التهديدات التي تمثلها القوارب الايرانية الصغيرة السريعة، وساهمت في اعداد القيادات لمواجهة الاسبوع الماضي.

واذا كانت هجمات 11 سبتمبر 2001 قد اثبتت للرأي العام كيف يمكن للارهابيين تحويل طائرات ركاب مخطوفة الى صواريخ كروز مليئة بالرهائن، فإن مناورات «التحدي الالفي 2002» مع الجنرال فان ريبر كانت تحذيرا للقوات المسلحة الاميركية حول كيف يمكن لعدو ان يطبق تفكيرا مماثلا.. أي صراعا غير متوازن في البحر. وقال الادميرال مايك مولن رئيس هيئة الاركان المشتركة للصحافيين امس الاول «من الواضح، استراتيجيا، الى اين مضت القوات المسلحة الايرانية. ففي السنوات التي جرى فيها هذا الانتقال الاستراتيجي نحو القوارب الصغيرة السريعة، كنا نركز على ذلك، على تأثير ذلك الانتقال».

وفي مناورات 2002 بعث الجنرال فان ريبر موجة بعد الاخرى من القوارب السريعة الرخيصة نسبيا، للهجوم على الاسطول الاكثر كلفة وتقدما، الذي يقترب من الخليج. وهاجمت قواته المكونة من قوارب صغيرة السفن الكبيرة باستخدام البنادق الرشاشة والصواريخ المدعومة بصواريخ جرى اطلاقها من الارض والجو. وكانت بعض القوارب الصغيرة مزودة بمتفجرات جاهزة للانفجار الى جوار السفن الاميركية في هجمات انتحارية. وجوهر التكتيك طبق في الواقع في الاسبوع الماضي، وإن كان على مستوى محدود وبدون اطلاق النيران.

وطبقا للبنتاغون والمسؤولين في الاسطول الخامس الاميركي توجهت خمسة قوارب دورية سريعة تابعة للحرس الثوري نحو قافلة من ثلاث سفن ودارت حول مدمرة وفرقاطة وطراد في مواجهة دامت نصف ساعة. وكان موقع المواجهة هو نقطة التقاء خليج هرمز الضيق بالبحار المفتوحة في الخليج ـ وهي نفس النقطة التي اختارها الجنرال فان ريبر لمواجهته.

وفي المواجهة التي وقعت يوم الاحد الماضي، وجه قائد سفينة اميركية مدفعا رشاشا عيار 240، يطلق 10 طلقات خارقة للدروع في الثانية، على قارب ايراني اقترب لمسافة 200 ياردة من السفينة الاميركية. الا ان الاميركيين ابتعدوا قبل ان يعطي القائد اوامره بإطلاق النار.

ولم يحدث ذلك في المناورة التي تمت تحت رعاية قيادة القوات المشتركة. وقد فاجأ انتصار القوة المشكلة من دولة خليجية ـ مزيج من ايران والعراق ـ القيادة الاميركية لما كان يعتبر انذاك اكبر مناورات مشتركة عقدت وضمت 13500 عسكري ومدني شاركوا في 9 مناورات حية في الولايات المتحدة، وضعف ذلك من المناورات عبر اجهزة الكومبيوتر لتمثيل العديد من المعارك المختلفة.

وكان هجوم الجنرال فان ريبر اكثر تعقيدا وتقدما من أي شيء شاركت فيه القوارب الايرانية في الاسبوع الماضي. وقد اذيعت الخطوط العامة لمناورات 2002 في وقتها، ولكن في المقابلات التي جرت منذ واقعة الاسبوع الماضي، قدم الجنرال فان ريبر وغيره من الضباط العديد من التفاصيل حول المناورات.

ففي المناورات شاركت عشرات من القوارب السريعة للعدو والسفن الحربية الاكبر في ملاحقة اسطول الفريق الازرق لعدة ايام. وواجهت دفاعات الفريق الازرق صواريخ كروز تم اطلاقها من الارض والجو، بالاضافة الى عشرات من القوارب السريعة التي كانت تطلق نيران مدافع رشاشة وصواريخ تبحر الى جوار السفن الاميركية لنسفها في عمليات انتحارية. وبعد اغراق سفن الفريق الازرق، صدرت الاوامر ببداية المناورات مرة اخرى حيث انتصر الفريق الازرق.

وقال الجنرال فان ريبر، في حديث هاتفي، انه توصل الى فكرة الهجوم الحاشد من دراسات في قوات المارينز للعالم الطبيعي، حيث تتحرك الحيوانات والحشرات في جماعات للتغلب على الحيوانات الاكبر. وبالرغم من استمرار واشنطن وطهران في الجدل بخصوص المواجهة، فإن المسؤولين الاميركيين قالوا ان الايرانيين ربما كانوا يسعون لإثارة مواجهة عنيفة، في الوقت الذي كان يستعد فيها الرئيس الاميركي لزيارة المنطقة، او انهم، على حد قول المسؤولين ربما كانوا يأملون في اختبار رد الفعل الاميركي. واشار المسؤولون الاميركيون يوم الجمعة الى ان البحارة الاميركيين لم ينسوا كيف تمكن قارب صغير مختبئ وسط سفن اعادة التموين وجمع القمامة امام ميناء في اليمن من الانفجار الى جوار المدمرة الاميركية كول في اكتوبر 2000، مما ادى الى مقتل 17 اميركيا وشل السفينة.

* خدمة «نيويورك تايمز»