أولمرت يعد صفقة تبادل الأسرى لإطلاق سراح شليط

في محاولة للتغطية على انعكاسات نتائج تقرير فينوغراد

TT

في الوقت الذي يستعد فيه خصوم رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت، لحشره في الزاوية بعد نشر تقرير لجنة فينوغراد للتحقيق في اخفاقات الحرب على لبنان، يستعد هو في المقابل لاجهاض هذه الحملة بواسطة صفقة تبادل أسرى مع الفلسطينيين، تفضي الى اطلاق سراح الجندي الاسرائيلي الأسير جلعاد شليط، وربما أيضا الأسيران بأيدي حزب الله، وبذلك يعود ليرفع من أسهمه في الشارع. وحسب مصادر اعلامية مطلعة، فإن أولمرت يدير مسارا سياسيا قضائيا طويلا ومدروسا جيدا، لتمهيد الطريق الى اطلاق سراح شليط، مدركا أن الجمهور الاسرائيلي متعاطف للغاية مع اسرة الجندي الاسير وسيقدر له هذه الخطوة ويصفح له بسببها عن اخفاقاته في حرب لبنان. فمن المعروف ان اطلاق سراح شليط، لا يعتبر مجرد صفقة لاعادة جندي اسرائيلي الى بيته، بل انها رسالة الى مئات ألوف الجنود الاسرائيليين الذين يخدمون في الجيش الاسرائيلي تقول، ان رئيس الحكومة حريص على اعادة كل واحد منهم يقع في الأسر، مهما يكلف الثمن. وحسب استطلاع رأي نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الأول من أمس، فإن 73 % من الاسرائيليين يوافقون لاطلاق سراح مروان البرغوثي من الأسر مقابل شليط، رغم ان انطباعهم عن البرغوثي انه كان القوة المحركة وراء العمليات العسكرية الناجحة التي نفذها رجالات حركة «فتح» ابان الانتفاضة ضد حواجز ومواقع عسكرية عديدة وبسببها حكم عليه بالسجن خمسة مؤبدات و40 سنة إضافية. ومع ادراك أولمرت هذه الحقيقة، فانه يعد لصفقة تبادل أسرى تنفذ في الأسابيع القريبة، جنبا الى جنب مع نشر تقرير لجنة فينوغراد في نهاية يناير (كانون الثاني) الحالي. ولهذا الغرض، كان قد ارسل وزير دفاعه ايهود باراك للقاء الرئيس المصري حسني مبارك في شرم الشيخ قبل 3 أسابيع. وفي الأسبوع الأخير وحده عقد أربعة اجتماعات للجنة الوزارية الخاصة بشؤون الأسرى، برئاسة نائبه حايم رامون. وبادر فيها الى البحث في تغيير المعايير الاسرائيلية الى الأسرى الممكن اطلاق سراحهم. وفي هذا الاطار جاءت أيضا زيارة الرئيس الأميركي جورج بوش، لتقوية مكانة أولمرت الجماهيرية، خصوصا بعد أن تحدث بوش صراحة عن ضرورة دعم أولمرت ليبقى رئيسا للحكومة الاسرائيلية ويكمل مشروعه للتوصل الى اتفاقية سلام دائم مع الفلسطينيين حتى نهاية هذه السنة.

وتجدر الاشارة الى ان استطلاعات الرأي الاسرائيلية تشير الى ان غالبية الاسرائيليين (%53)، تفضل عدم اجراء انتخابات مبكرة، والى ان 63 % من أنصار حزب «كديما» بزعامة اولمرت و43 % من أنصار حزب العمل الاسرائيلي يؤيدون بقاء أولمرت رئيسا للحكومة، رغم تقرير لجنة فينوغراد المتوقع.

ومع ان غالبية الجمهور الاسرائيلي، خصوصا من مصوتي الأحزاب اليمينية لا تريد أن ترى أولمرت رئيس حكومة، ولو ليوم واحد، إلا ان التحسن الملحوظ على شعبيته بسبب زيارة بوش وبسبب انطلاق المفاوضات مع الفلسطينيين، تشجع رئيس الوزراء الاسرائيلي ومساعديه وتعزز لديهم القناعة بإمكانية الصمود في وجه نتائج لجنة فينوغراد وتجاوزها من دون أن يضطر الى الاستقالة. وهم يرون ان صفقة تبادل الأسرى ستكون رافعة أخرى لشعبيته في الشهور المقبلة. ويعدون لنشاطات وبرامج أخرى تصب في هذا الاتجاه، مثل الزيارة التي سيقوم بها الى اليابان، ويعتقد بأنها ستسفر عن مكاسب اقتصادية مهمة لاسرائيل. ويلاحظ ان وسائل الاعلام الاسرائيلية، بما فيه الأكثر عداء لأولمرت، باتت هي أيضا لا تستبعد أن ينجح اولمرت في الصمود وتجاوز هذه الأزمة. وأخذوا يسمونه «صاحب السبق في مبارايات التمسك بالمنصب». ويعتبرون نجاحه في الحفاظ على ائتلافه الحكومي الحالي، رغم كل الظروف المعادية له، هو امتحان مهم له دلالاته. ويقولون انه فنان في التمسك بالمنصب.