بوش في أبوظبي: إيران أكبر راع للأرهاب في العالم وعليها الاستماع لشعبها

الشيخ خليفة يؤكد الشراكة في مكافحة الإرهاب والرئيس الأميركي يشيد بالإسلام ويدعو الدول العربية لدعم مساعيه في السلام

موكب الرئيس بوش في طريقه الى البر أمس لعشاء أقامه على شرفه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ( ا.ب)
TT

ادخر الرئيس الأميركي جورج بوش، تصعيده ضد إيران الى محطته الثالثة في دول الخليج في العاصمة الإماراتية أبوظبي، ضمن جولته الحالية بالشرق الأوسط، ومنها شن هجوما شرسا على حكومة طهران، معتبرا أنها «أكبر راع للإرهاب في العالم». في حين استخدم لغة عاطفية طاغية على خطابه، عندما تحدث عن الدين الاسلامي.

وخلال خطابه الذي استمر أكثر بقليل من نصف ساعة، اختار الرئيس بوش كلمات عدة لتحذير دول الخليجيين من النظام الإيراني، معتبرا أن إيران تمثل خطرا على دول الخليج، كما حث هذه الدول الحليفة للولايات المتحدة على مواجهة إيران. وقال الرئيس الأميركي إن إيران تمثل خطرا على أمن العالم من خلال دعمها للمتشددين، وحث دول الخليج على مواجهة هذا الخطر قبل فوات الاوان. واتهم ايران بتقويض السلام من خلال دعم حزب الله في لبنان، وحركة حماس في المناطق الفلسطينية، والمتشددين الشيعة في العراق.

ودعا بوش طهران الى «الإصغاء لرغبة» الشعب الايراني، وقال «نقول لشعب ايران، انتم أغنياء بثقافتكم وبموهبتم، ولديكم الحق في العيش في ظل حكومة تصغي الى رغباتكم».

وأضاف «ندعو النظام في طهران الى الاستماع لإرادتكم، ووضع نفسها في موضع مساءلة تجاهكم». وتابع الرئيس الأميركي «لسوء الحظ، ان حكومتكم ترفض لكم هذه الفرص، وتهدد سلام واستقرار جيرانكم».

وقال «سيأتي يوم يحظى فيه الايرانيون بحكومة تؤمن بالحرية والعدالة، وتنضم فيها ايران الى أسرة الدول الحرة. وعندما يأتي هذا اليوم، لن يكون لكم صديق أفضل من الولايات المتحدة الأميركية». وبعد ساعات من زيارته لمقر الأسطول الخامس في البحرين، أقرب القواعد الأميركية للأراضي الإيرانية، في ختام زيارته للبحرين، ألقى بوش خطابا عن تعزيز الديمقراطية، اختار فيه أن يحذر إيران من أية تهديدات لجيرانها في دول الخليج العربي، عندما أكد التزام بلاده الأمنية الثابتة تجاه حلفائها بالمنطقة، وقال إن هذا الالتزام الأميركي، لم يكن وليد اليوم، بل يأتي منذ فترة طويلة، وأن بلاده «تحشد الاصدقاء في أنحاء العالم لمواجهة هذا الخطر قبل فوات الأوان».

ووعد بوش دول الخليج باستمرار بلاده في الدفاع عن أمن منطقة الخليج، وأضاف «لن نتخلى عنها، ولن نسمح للإرهابيين بالوصول اليها».

وعدد بوش الدلائل التي يراها كفيلة بوضع إيران كـ«أكبر راع للارهاب في العالم»، واصفا إياها بأنها «بلد رائد في الارهاب»، وأشار بوش إلى أن إيران تقوض آمال تحقيق الأمن في لبنان، من خلال دعم حزب الله، وانها «ترسل مئات الملايين من الدولارات الى المتشددين في أنحاء العالم، في حين يعاني شعبها من القمع والصعوبات الاقتصادية في الداخل «متهما ايران بدعم حركة (حماس)، وبإرسال أسلحة الى مقاتلين شيعة في العراق».

وكان لافتا أن بوش اختار كلماته بعناية في موضوع الاشادة بتسامح الدين الاسلامي، مؤكدا أن منطقة الشرق الأوسط مهد الحضارات، وعند مروره بالحديث عن الارهاب وتنظيم «القاعدة»، أكد أن هؤلاء لا يمثلون الدين الاسلامي، ووصل ذروة هذا العزف العاطفي بتذكيره بأن أحداث الحادي عشر من سبتمبر، أودت بقتلى مسلمين، وأن المنطقة العربية شهدت إرهابا «استهدف نساء وأطفالا»، وعد الرئيس بوش الامارات «نموذج الدولة الاسلامية التي تتسلح بالتسامح (الديني)».

وفي محور القضية الفلسطينية، دعا بوش الدول العربية إلى دعم مساعيه في السلام بين العرب والاسرائيليين، وقال «إن الوقت حان للارض المقدسة للفلسطينيين والاسرائيليين، ليعيشوا بسلام وأميركا ستقوم بدورها». وشدد بوش على أن الولايات المتحدة ستستخدم نفوذها لرعاية السلام في المنطقة، معتبرا أن اقامة دولة فلسطينية قابلة للنمو والاستمرار والحياة «أفضل ضمان لجيران الفلسطينيين (اسرائيل)»، ووضع الرئيس بوش آمالا كبرى في محادثات السلام الحالية بين الطرفين، مؤكدا في الوقت ذاته أن الولايات المتحدة ستشجع على المصالحة بين الاسرائيليين والعرب «وسندعم اقامة سلام في المنطقة كلها على الفلسطينيين»، مطالبا الشعب الفلسطيني بدعم الرئيس محمود عباس، و«تهميش المتطرفين»، واعدا بالعمل على ترسيخ الحرية والأمن للفلسطينيين.

وشدد الرئيس بوش على أن الاستقرار (في المنطقة) يأتي من خلال شرق اوسط آمن، وأن «السلام ممكن لكنه يتطلب قرارات صعبة».

وإذا كانت إيران قد وجدت هجوما شرسا من قبل الرئيس الأميركي، فإن تنظيم «القاعدة» ومن سماهم بوش بالمتطرفين، وجدوا الأمر ذاته من هجوم قوي، معتبرا أن «القاعدة» تسعى لاسقاط حكومات المنطقة والحصول على أسلحة دمار شامل لزعزعة امنها، غير أن الرئيس بوش أكد في الوقت ذاته بأن الولايات المتحدة ستدعم قادة المنطقة في التصدى لمن سماهم بالراديكاليين، مضيفا «المتشددون يكرهون حكومات المنطقة، لأنها لا تتفق مع طموحاتهم الظلامية».

وفي الشأن الاقتصادي، طالب الرئيس بوش دول الخليج بالتوجه نحو تطوير اقتصادياتها، مؤكدا أن مطالبته بفتح الأسواق الخليجية، يتبعه مطالبة أخرى للولايات المتحدة نفسها بفتح أسواقها امام الآخرين، وهنا قال «إن أميركا ستساعد على دمج اقتصاد المنطقة في العولمة، ونهدف لشرق أوسط مستقر».

وكان الرئيس الأميركي ونظيره الإماراتي الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، قد عقدا صباح أمس، جولة من المباحثات الثنائية في قصر المشرف، بحضور الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والفريق أول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والشيخ حمدان بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء.

وتناولت المباحثات العلاقات بين دولة الإمارات والولايات المتحدة، وسبل تعزيزها في مختلف المجالات، إضافة إلى تطورات الأوضاع في المنطقة.

وأكد الشيخ خليفة بن زايد على حرص بلاده على تعزيز شراكتها الاقتصادية المتميزة مع الولايات المتحدة «باعتبارها أكبر شريك اقتصادي لها في منطقة الخليج».

وقد جرى خلال المباحثات استعراض آخر المستجدات المتعلقة بعملية السلام في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة في ضوء جولة الرئيس بوش الحالية ولقاءاته مع المسؤولين الفلسطينيين والإسرائيليين ومع عدد من قادة دول المنطقة. وتطرقت المباحثات إلى الملف الإيراني والوضع في العراق ولبنان وأفغانستان، بالإضافة إلى عدد من الموضوعات المتصلة بمكافحة الإرهاب.

وأكد الرئيس الإماراتي خلال المباحثات، أن بلاده شريك في مكافحة الإرهاب، وفي بذل كل ما من شأنه تحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة والعالم. لافتا لأهمية الدور الأميركي في حفظ الأمن في منطقة الخليج العربي، وكذلك مسؤوليتها في تفعيل عملية السلام في الشرق الأوسط وإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة على أساس «خارطة الطريق» ومبادرة السلام العربية.

من جانبه أكد بوش أهمية العلاقات الإماراتية الأميركية في مختلف المجالات، وخاصة الاقتصادية والسياسية والعسكرية، مبديا اهتمام الإدارة الأميركية بتطوير وتوسيع دائرة هذه العلاقات إلى آفاق أوسع من التعاون والتنسيق المشترك.

وحضر المباحثات من الجانب الاميركي كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية، وستيف هادلي مستشار الرئيس لشؤون الأمن القومي، وديفيد ولش مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، وميشيل جي سيسون سفيرة الولايات المتحدة لدى الإمارات، ونانسي بنكر مسؤولة المراسم في البيت الأبيض، وعدد من كبار المسؤولين الأميركيين المرافقين للرئيس بوش.

وفي وقت سابق اليوم، زار بوش الأسطول الخامس الأميركي، وسط توترات جديدة مع إيران، بسبب حادث تقول الولايات المتحدة، ان سفنها تعرضت فيه لمضايقات في مضيق هرمز.

وقالت دانا برينو المتحدثة باسم البيت الأبيض للصحافيين، إن الاميرال كيفن كوسجريف قائد الأسطول الخامس، أوضح أن قواته نظرت للأمر بجدية بالغة.

وأضافت مشيرة الى الهجوم الذي تعرضت له المدمرة الأميركية كول في اليمن عام 2000، أن كل أفراد الجيش يتذكرون ما حدث في الماضي، مثل الهجوم الذي تعرضت له المدمرة كول. وخلال توقفه في اسرائيل في بداية جولته للشرق الأوسط الأسبوع الماضي، حذر بوش ايران من عواقب وخيمة، اذا هاجمت السفن الأميركية، وقال ان كل الخيارات مطروحة.

وقالت طهران ان الحادث كان روتينيا، واتهمت الولايات المتحدة بالمبالغة فيه لأهداف دعائية.

وحيا البحارة ومشاة البحرية والجنود، الذين كانوا متجمعين لتناول الإفطار. وانضم بوش للجنود المصطفين لتناول الطعام. وقال قائدا وحدتين بحريتين أميركيتين، اشتركتا في الحادثة التي وصفتها الولايات المتحدة بتحرش ايراني برحي في مضيق هرمز، ان رسالة التهديد التي تلقتها السفن الحربية الأميركية قد تكون صدفة، لكنها أخذت بجدية شديدة، لأنها جاءت في نفس الوقت الذي كانت فيه الزوارق الإيرانية تحوم حول السفن الأميريكة.

ولم يفصح جيفري جيمس ودايفيد ادلر قائدا المدمرة هوبر والطراد بورت رويال، عن أي مدى كانت السفن الأميركية على وشك اطلاق النار على الزوارق الايرانية يوم 6 يناير الحالي، لكنهما قالا ان الايرانيين كانوا يعرفون ماذا يفعلون، وخلال الحادثة اتخذت الاجراءات المعدة سلفا، محاولين تحذيرهم قبل اتخاذ أي اجراء مميت، ولحسن الحظ فإنهم تراجعوا قبل ان نضطر الى إطلاق النار. ولم توضح السلطات الأميركية من اين جاءت رسالة التهديد للسفن الاميركية، لكن مسؤولي البحرية قالوا، انه سواء أكان ذلك صدفة أم لا، الا انها ترافقت مع احاطة الزوارق الايرانية بالسفن الأميركية.