البطريرك صفير يحذر من «معميات» قد تجر إلى ما لا تحمد عقباه

حزب الله يؤكد أن لا حل إلا بمشاركة المعارضة في القرار

TT

لم تسجل عطلة نهاية الاسبوع في لبنان الذي لفته موجة من الصقيع، تراجعاً في التوتر السياسي القائم بين الموالاة والمعارضة، بل واصل الطرفان التراشق بالتهم حول المسؤولية عن اعاقة مهمة امين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى الذي غادر بيروت اول من امس بعدما اجرى محادثات صعبة ومكثفة مع فرقاء الازمة اللبنانية على قاعدة المبادرة التي اقرها اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماعه الاخير في القاهرة.

وقد اعلن البطريرك الماروني نصر الله صفير ان البطريركية «تسعى مع الساعين لاخراج البلد من هذه المحنة الطويلة»، مشيراً الى ان الطائفة المارونية «هي في اساس تكوين لبنان» ومحذراً من «ان البعض يغرقنا في الكثير من المعميات التي قد تجر الى ما لا تحمد عقباه». فيما اكد رئيس كتلة نواب حزب الله النائب محمد رعد ان لا باب للخروج من الازمة الا بمشاركة المعارضة في القرار السياسي.

وقال البطريرك صفير امام زواره امس: «اننا نأمل ان يمدنا الله تعالى جميعاً بالعون والحكمة لكي نسير بما تقتضيه الحالة في بلدنا، وعلينا جميعاً ان ننهض به. واذا كان ابناء الوطن لا ينهضون به فمن في امكانه ان ينهض به؟ هناك معوقات كثيرة وصعوبات وعراقيل تعيشونها ونعيشها معكم، ولكن يبقى علينا واجب وهو ان نسعى قدر جهدنا لكي نذلل كل هذه العراقيل ليعود لبنان الى وضع طبيعي ويستقر فيه الامن والطمأنينة والسلام».

واضاف: «طبعاً علينا ان نستنجد بغيرنا. ولكن علينا ان نستنجد بنفوسنا قبل غيرنا. ولا يمكننا ان نترك غيرنا يحقق ما نصبو اليه من آمال. الناس يساعدوننا، لكنهم يساعدون نفوسهم قبل ان يساعدونا. والاتكال على اللبنانيين. وعليهم اولا وآخراً ان يسعوا الى خير بلدهم من دون ان ينظروا الى هذا او ذاك من الناس الذين يساعدوننا، لانهم في غالب الاحيان يساعدوننا على حسابنا وليس على حسابهم، لانهم يسعون الى مآربهم الخاصة قبل ان يسعوا الى ما نصبو اليه نحن. وعلينا نحن ان ننظر في وضعنا وان نسعى الى ما في استطاعتنا ان نحصنه لكي تستقر الامور لكننا ما دمنا مرتبطين بغيرنا دونما النظر الى قضايانا الشخصية فلا يمكننا ان نأمل بأن يتحسن وضعنا».

هذا، ودعا نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الامام الشيخ عبد الامير قبلان جميع القوى في لبنان الى «الابتعاد عن كل حساسية وتشنج والى اجتناب كل ما يشرذم اللبنانيين لا سيما في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ الوطن». وقال: «ما دام الجميع متفق على انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية لماذا التنكر للشراكة والوحدة؟ وهل في لبنان من هو لبناني ومن هو غير لبناني؟». وفي المواقف، ادلى امس عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب اكرم شهيب بتصريح قال فيه: «اخيراً قالها (النائب) محمد رعد بالفم الملآن ان المشكلة بلبنان ليست في انتخاب رئيس للجمهورية، مؤكدا انهم قوم لا يتعبون ولديهم قضية كبرى. ماذا ينتظر اللبنانيون والعرب اكثر من ذلك، فلقد انكشفت اللعبة، والمسرحية اصبحت معلومة. لقد أعلن السيد رعد بصراحة ان حزب الله ألقى القبض على البلد وأخذه رهينة. ولبنان بنظرهم يجب ان يبقى ساحة حرب، ليس فيه مواطنون ولا قوانين، لا قواعد ولا دستور. ان جاع الناس او هاجروا او سقط اقتصادهم ودمرت مؤسساتهم فهذا خير لحزبه. آخر همهم الناس بدءا من اهل الجنوب لانه حسب قوله لديهم قضية كبرى، فقضيتهم بعد العام 2000 اصبحت استهداف الصيغة اللبنانية». واضاف: «لقد اعلن (رعد) بالامس من حيث يدري او لا يدري، ان الصيغة هي الهدف. وكل ما يملكونه من مال وعتاد وسلاح وصواريخ وتنظيمات رديفة في المناطق والطوائف هي لخدمة هذا الهدف. من هو الرئيس ومن هو رئيس الوزراء ومن هم الوزراء. العدلية تذكرنا بالمحكمة والداخلية تؤكد خطتهم بمصادرة الامن، بعد ان طالبوا بوضوح بتسمية قائد الجيش ومدير المخابرات. فاما دولتهم او لا دولة بلبنان».

واتهم مفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي الجوزو حزب الله وحركة «امل» بـ «الانسحاب الكامل من الهوية العربية والانتقال بلبنان الى الهوية الفارسية». وقال في تصريح ادلى به امس: «اني اتهم النظام السوري بالانسحاب من الجامعة العربية للانضواء تحت المظلة الفارسية، اني اتهم حزب الله وأمل بالعمل على ضرب القرار العربي والاجماع العربي لاشعار العرب ان ايران وحدها هي التي تقرر الشأن اللبناني وان العرب لم يعد لهم تأثير على الساحة اللبنانية». واضاف: «لبنان اليوم في خطر والكيان اللبناني في خطر والعروبة في لبنان في خطر سورية تمردت على القرار العربي والاجماع العربي بعدما تظاهرت بالموافقة عليه، لان مصالحها المادية والمذهبية ليست عند العرب بل عند الفرس والعجم. ولذلك فالتنسيق قائم على قدم وساق من اجل افشال القرار العربي، لاشعار العرب ان لبنان لم يعد عربيا ولم يعد جزءا من الامة العربية بل اصبح رهينة بيد سورية وايران وان المرجعية ليست هي الجامعة العربية، بل اضحت المرجعية خارج حدود الامة العربية». وتابع: «الان هناك مخططا جديدا هو وضع اليد على الدولة باكملها، على رئاسة الجمهورية، رئاسة مجلس النواب، رئاسة الحكومة والحكومة، قائد الجيش، مدير المخابرات والوظائف كافة. وهنا الخطر ان تلغي طائفة واحدة الطوائف كافة، وان يصبح حزب الله هو الدولة والجيش والمقاومة». واعتبر عضو كتلة «المستقبل» النائب احمد فتوح، في تصريح ادلى به امس، ان «سلبية المعارضة تجاه المبادرة العربية يمكن أن تودي بالبلاد إلى مزالق خطرة جدا لا يعرف لها قرار». وأسف «لعدم تجاوب المعارضة مع رغبة الشعب بانتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية كخطوة أساسية تمنع استمرار الفراغ ومن ثم الانطلاق بورشة عمل تطال الملفات كافة. لكن يبدو أن هذا الفريق اختار الفراغ عن سابق تصور وتصميم». وقال: «علينا ألا نضيع فرصة الاحتضان العربي للقضية اللبنانية لأن مصير بلدنا على المحك. وعلى البعض ألا يتماهى باللعب بمصير لبنان واستقلاله خدمة للمشروع الإقليمي المتوثب لتحقيق مكاسب يعزز من خلالها استمراريته في السلطة، ويحقق أطماعه السياسية والاقتصادية. العرب وفي مقدمهم السعودية ومصر ومعهم المجتمع الدولي المتعاطف مع استقلال لبنان وحريته، يعلم أن سبب العرقلة ليست له علاقة بالشعارات المتداولة داخليا ولا سيما منها تلك التي ترفعها المعارضة لتضلل المواطنين، بل بموضوع المحكمة الدولية». وأضاف: «على العرب والمجتمع الدولي الاستمرار باحتضان المحكمة الدولية وتوفير كل ما من شأنه الإسراع بإطلاق عملها من أجل محاسبة قتلة الرئيس رفيق الحريري وشهداء انتفاضة الاستقلال ومحاكمتهم، فالمحكمة ضمانة أساسية لانتصار ثقافة الحياة على ثقافة الموت».

من جهته، اتهم عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب هنري حلو قوى «8 آذار» بـ «تعطيل الحلول وتجويع المواطنين». وقال امس: «الشروط التعجيزية لا تبشر بالخير. ونحن قدمنا التنازلات لكننا فوجئنا بهذه الشروط».

في المقابل، اكد رئيس كتلة نواب حزب الله النائب محمد رعد، ان «ليس هناك من باب للخروج من الازمة الراهنة الا بمشاركة المعارضة في القرار السياسي، وكل ما عدا ذلك هو محاولات في غير محلها، وأن أي مبادرة لا تنطلق من حفظ حق المعارضة في المشاركة في السلطة لن تجد لها طريقا للنجاح». وقال: «ان المعارضة ملتزمة بموقف ثابت لا تحيد عنه». واضاف: «ان الرئيس الاميركي جورج بوش يعمل على تعطيل كل المبادرات التي تنطلق من حفظ حق المعارضة بالمشاركة في السلطة. ان كل العالم سوف يعترف في النهاية بوجود معارضة في لبنان ولا يمكن لسلطة ان تحكم من دون مشاركتها. لماذا تريد المعارضة ان تشارك؟ لان من هم الان في السلطة ليسوا اهلا لتسلم امانة البلاد. ولسنا واثقين من اداء كل هؤلاء الذين يشكلون اليوم فريق السلطة. ولذلك حتى نطمئن على امن اهلنا وعلى حقوقهم وعلى مصلحة بلدنا وعلى سيادته واستقلاله وعلى عدم انصياعه وخضوعه للوصايات الاجنبية، يجب ان نشارك في القرار السياسي في هذا البلد. هذا موقف نهائي ثابت لن نحيد عنه».

واعتبر النائب حسن فضل الله (حزب الله): ان «المبادرة العربية تواجه محاولات تعطيل اميركية تنفذ بأيد داخلية من خلال تصعيد الشروط ووضع التغيرات والتعقيدات في وجه هذه المبادرة التي نريد لها النجاح». وقال امس: «اوضحنا للأمين العام للجامعة العربية ان المعارضة فوضت العماد ميشال عون ليفاوض باسمها وهي منفتحة على كل نقاش. وان مرتكزات الحل واضحة من خلال التفاهم السياسي على السلة الكاملة التي قدمتها المبادرة العربية من دون زيادة او نقصان. وهذا التفاهم السياسي يحتاج في بنده الاساسي، اي الحكومة، الى ضمانات جدية وواضحة لاننا فقدنا الثقة في كل التزام محلي مع هذا الفريق الذي تعود الانقلاب على كل تفاهم».

وقال النائب حسين الحاج حسن (حزب الله) «ان الخلاف بيننا وبينهم (الموالاة) هو موضوع الشراكة في الحكومة. ويرفضون ان نكون شركاء في القرار والوطن. وما يخشاه هؤلاء تخشاه اميركا. وما يرفضه هؤلاء ترفضه اميركا. عندما تكون للمعارضة شراكة في القرار سوف يتعطل القرار الاميركي ونحن نعرف ماذا تريد اميركا في لبنان، وبالتالي نعرف ما يفترض ان ينفذ فريق 14 آذار من السياسات الاميركية في لبنان».

واطلق عضو كتلة «التغيير والاصلاح» النائب غسان مخيبر صرخة لانقاذ لبنان «لانه سائر نحو التفتت اذا استمرت المواقف على ما هي عليه اليوم». ودعا «الجميع للتنازل لمصلحة لبنان وتجاوز كل المخاوف والمواقف وعودة التحاور سواء مع ميشال عون او سعد الحريري او وليد جنبلاط من دون شروط».