وزيرة خارجية قبرص لـ«الشرق الاوسط» : حصلنا على وعود من المسؤولين السوريين بأن قضية الرحلات لميناء فاماغوستا ستحل

انتقدت قرارات منظمة المؤتمر الإسلامي بشأن قبرص

TT

في حوار أجرته معها «الشرق الأوسط» أكدت ايراتو كوزاكو ماركولي وزيرة الخارجية القبرصية، التي تولت منصبها في 16 يوليو (تموز) الماضي، على عمق العلاقات مع جميع الدول العربية من دون استثناء، ووجود علاقات تجارية واقتصادية وسياحية معها، وأشارت إلى وجود العديد من الشركات العربية على أراضيها، ووصفت المشكلة القبرصية بأنها مشابهة لمشكلة الشرق الأوسط ومعاناة الفلسطينيين، ولذا أكدت على رغبة بلادها في سرعة إقامة وإعلان الدولة الفلسطينية المستقلة، التي تعيش جنبا إلى جنب مع كل جيرانها.

وكانت الوزيرة قد زارت عددا من الدول العربية، شملت مصر وسورية ولبنان والأردن وفلسطين، كما أنها تتوجه اليوم إلى الكويت في زيارة هي الأولى من نوعها لدعم العلاقات الثنائية، كما أنها بصدد زيارة كل من ليبيا والمغرب وتونس والجزائر السعودية، في إطار تنفيذ السياسة الخارجية القبرصية الجديدة، الراغبة في دعم وتقوية العلاقات مع العالم العربي «الصديق» لقبرص، على حد وصف الوزيرة. يذكر ان قبرص غيرت عملتها إلى اليورو من بداية الشهر الجاري، وما زالت قبرص الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي، مقسمة، حيث يقسم عاصمتها نيقوسيا الخط الأخضر، الذي يعزل شمالها المحتل عن بقية جمهورية قبرص.

وهذا هو نص الحوار:

* زرت الأردن والاراضي الفسطينية قبل عدة أيام.. ماذا ناقشتم مع المسؤولين هناك وما هدف الزيارة؟

ـ مع الأردن كما تعلم لي علاقة خاصة، حيث كنت سفيرة لقبرص هناك قبل تولي حقيبة وزارة الخارجية، كما اننا نتابع القضية الفلسطينية ونتعاون مع المجتمع الدولي في حلها، وقد التقيت خلال الزيارة مع 5 وزراء في الأردن وفي فلسطين مع الرئيس محمود عباس وعدد من المسؤولين هناك، ودارت المحادثات خلال الزيارة حول آخر التطورات بشأن القضية الفلسطينية، خاصة بعد اجتماع أنابوليس ومؤتمر باريس للمانحين، وكان للزيارة هدفان أساسان، الأول هو التعرف من المسؤولين هناك، آخر الأخبار والتطورات للقضية الفلسطينية، والوضع في الشرق الأوسط، والثاني موضوع العلاقات الثنائية وكيفية دعمها، وأيضا الزيارة كانت فرصة لمناقشة عدد من الموضوعات الدولية والاقليمية ودعم التعاون في المجال الاقتصادي والتجاري والاستثماري والتعاون في مجال السياحة.

* ما هي خطط زيارتكم المستقبلية للدول العربية؟ وما هي هذه الدول؟

ـ منذ فترة قريبة زرت أيضا لبنان ومصر وسورية، وزيارتي القادمة (الحالية) للكويت (14 إلى 15 يناير(كانون الثاني) الجاري، كما سأزور ليبيا من 20 إلى 22 من نفس الشهر، وخلال شهر فبراير من المقرر أن ازور تونس والمغرب والجزائر، ولكن لم تحدد مواعيد الزيارة، كما أنني بصدد زيارة بقية دول الخليج في الفترة المقبلة.

* هل لديكم أفكار معينة لمناقشتها مع الجانب الكويتي؟

ـ إن زيارتي للكويت، تأتي بعد اللقاء البناء الذي تم أخيرا مع وزير خارجية الكويت الشيخ محمد الصباح السالم، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث لم تكن هناك زيارات رسمية بين الطرفين لسنين طويلة، وهدف زيارتي للكويت هو دعم العلاقات الثنائية والتعاون بين البلدين وزيادة الاستثمارات والتي تساعد بطريقة مباشرة على دعم التعاون الاقتصادي، كما توجد فرص للتعاون السياحي والتجاري. وسوف نناقش خلال الزيارة قضايا سياسية خاصة فيما يتعلق بموقف الكويت من القضية القبرصية، وسوف أطلع نظيري هناك على آخر التطورات وإمكانيات حل هذه القضية بجانب عدد من القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، لا سيما السلام في الشرق الأوسط والعراق وإيران. كما سنناقش تعاوننا في المحافل الدولية، وكذلك مساهمة الدولتين في التعاون بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي.

* خلال زيارتكم للكويت، هل سيكون هناك توقيع اتفاقيات بين البلدين؟

ـ لا توجد خلال الزيارة توقيع اتفاقيات، لكننا نسعى إلى دعم الحصول على اتفاق في مجال حماية الاستثمارات والسفن والتجارة البحرية.

وبغض النظر عن حجم قبرص الصغير، إلا أن لها سفارات في مصر وسورية ولبنان وقطر وليبيا، كما أن العام الجاري 2008، سيتم فتح سفارة في الأردن، وخلال الخمس سنوات المقبلة، من المتوقع أن يتم افتتاح سفارات لقبرص في كل من الكويت وسلطنة عمان والإمارات والسعودية، كما توجد في قبرص سفارات لكل من مصر وسورية وليبيا ولبنان وقطر والسلطة الفلسطينية، وكان أول سفير كويتي لدى قبرص قدم أوراق اعتماده في 20 مارس (آذار) 2006 ومقره أثينا ومنذ ذلك الحين، يبذل الجانبان جهودا مستمرة للمزيد من العلاقات بين البلدين.

إن قبرص انضمت في مايو (أيار) 2004 إلى الاتحاد الأوروبي وتعتبر علاقاتها مع جميع جيرانها وخاصة الدول العربية مهمة جدا، وكذلك من ناحية التخطيط الاستراتيجي فهي تهدف إلى تدعيم العلاقات مع الدول العربية في جميع المجالات وخلال الثلاث سنوات الأولى من انضمام قبرص للاتحاد الأوروبي أعطت قبرص اهتماما أكثر بشركائها في المجموعة الأوروبية وفتح سفارات لها في جميع الدول الأعضاء، وهذا هو السبب في التأخير النسبي لإجراء زيارات إلى الدول العربية.

* ناقشتم خلال زيارتكم لسورية مع المسؤولين هناك، عملية التطبيع السوري تجاه «الشطر التركي» من قبرص؟

ـ حقيقة أن هذه المشكلة كانت واحدة من أهم القضايا التي ناقشتها في سورية مع الرئيس بشار الأسد، ووزير الخارجية وليد المعلم، وهي قضية الربط البحري غير المشروع بين ميناء فاماغوستا مع ميناء اللاذقية، وشرحت للمسؤولين هناك أن ميناء فاماغوستا تم الإعلان عنه من قبل الحكومة القبرصية كميناء مغلق، وغير قانوني منذ أكتوبر 1974 وذلك بسبب الغزو التركي واحتلال تركيا 37 في المائة من أراضي جمهورية قبرص، بما فيها مدينة وميناء فاماغوستا، وأكدت لهم أن الحكومة القبرصية تمنع من قبل القوات التركية، من ممارسة سيطرتها على الجزء المحتل وتطبيق المسؤوليات الدولية والتزاماتها التي تنبثق من الاتفاقيات الدولية، فيما يتعلق بالابحار والجمارك ومكافحة الإرهاب والجرائم الأخرى، لذلك نعتبر استخدام الميناء المغلق وغير الشرعي لمدينة فاماغوستا كذلك تسهيلات من قبل السلطات السورية لهذا الاستعمال غير القانوني، من خلال إقامة خط سير مباشر، وقبول الشهادات يتعارض مع الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن والقرارات الخاصة التي أدانت محاولات انفصال الجزء المحتل من قبرص، بوصفها غير مشروعة.

ولقد حصلت على وعود من المسؤولين السوريين، بأن القضية سوف يتم تسويتها في القريب. وفي حقيقة الأمر خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، لم يتم تشغيل مثل هذه الرحلات.

* كيف هي علاقتكم مع منظمة المؤتمر الإسلامي، فيما يتعلق بالقضية القبرصية؟ ـ إن الأمين العام الجديد لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وهو تركي الأصل، يسعى خلال الثلاث سنوات الأخيرة، إلى تقديم قرارات وضمانات داخل المنظمة، بهدف واضح وهو ترقية وضع الدولة المزعومة في الجزء المحتل من قبرص، وتنفيذ الخطط التقسيمية للجانب التركي، ومع الأسف كانت نتيجة هذه المحاولات ان الجالية التركية المسلمة في قبرص، والتي كانت تشارك بهذا الاسم في فعاليات المؤتمر الاسلامي منذ 1979 كمراقب، أصبحت اليوم تشارك تحت اسم الدولة القبرصية التركية، وتحت فئة الدول المراقبة، وفيما يتعلق بمضمون قرارات التي تبنتها منظمة المؤتمر الاسلامي منذ عام 2004 يمكننا أن نقول إنها تتجه إلى الأسوأ، وهناك تلبيات أكثر لتحقيق السياسات الانفصالية التقسيمية، ولهذا السبب نواجهه مشكلة لهذه القرارات، ونطلب من جميع دول منظمة المؤتمر الإسلامي، ان تبدي اعتراضها ولا تخضع للضغوط التركية والأمين العام للمنظمة، انما بالعكس لا بد أن تدعم الشرعية الدولية، من خلال وقوفها إلى جانب قرارات الأمم المتحدة الخاصة بالقضية القبرصية والتي تشكل القاعدة الأساسية للتوصل إلى حل اساسي للقضية القبرصية.

* أين تقف الآن جهود تسوية القضية القبرصية؟ ‏ـ في 8 يوليو 2006 ابرم زعيما الطائفتين في قبرص، اتفاقا مهما وذلك تحت رعاية الأمم المتحدة، ومن خلال الاتفاق تمت إعادة تأكيد دعمهما للمبادئ الأساسية لحل القضية القبرصية وخصوصا اتفقا على أن الحل يجب أن يستند إلى إيجاد دولة فيدرالية ذات منطقتين وذات طائفتين، تكون فيها مساواة سياسية، كما تم وصفها من خلال قرارات الأمم المتحدة، وفي 15 نوفمبر 2006 اتفق الزعيمان على بعض المقترحات التي قدمها مساعد الأمين العام للشؤون السياسية للأمم المتحدة ابراهيم الجامبري، عن عملية يتم اتباعها خلال المفاوضات، وان اتفاقية 8 يوليو وكذلك عملية الجامبري، هما خطوات تم تبنيها من قبل مجلس الأمن في 3 قرارات خلال شهر ديسمبر 2006 ويونيو وديسمبر 2007، ولكن مع الأسف فإن الجانب القبرصي التركي، يرفض التعاون مدعوما بتعليمات من القادة الأتراك، وانما بالعكس تطرح مواقف وتقوم بأعمال تفويضية، ونأمل من الجانب التركي بذل جهود لتغيير موقفه الذي يشكل سياسة تقسيم وإيجاد دولتين في قبرص، حتى تكون هناك إمكانيات لإطلاق عملية تطبيق مبادرة الجامبري، وذلك بهدف إعادة المفاوضات مجددا.

* هل يمكن إعادة طرح خطة أنان حول تسوية مشكلة قبرص.. أم أنها ماتت؟

ـ فيما يتعلق بإمكانية إعادة خطة أنان على طاولة المفاوضات، فجوابي بالنفي المطلق، لأن خطة أنان هي نتيجة تحكيم وليس نتيجة اتفاق بين الجانبين، وتم رفضها من قبل أحد الجانبين، كما تنص الخطة نفسها على انه إذا تم رفضها في الاستفتاءات ففي هذه الحالة الخطة تعتبر لاغية وباطلة.

* ما موقف قبرص من انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي؟

ـ إن موقف قبرص فيما يتعلق بترشيح تركيا للانضمام للاتحاد الأوروبي، هو دعم هذا الترشيح، بشرط أن تلبي تركيا كل التزاماتها التي أخذتها على عاتقها من خلال بدء مفاوضات الانضمام، وان تستوفي الشروط، بمعني تطبيق البروتوكول الإضافي للوحدة الجمركية، حيث يغطي كل دول الاتحاد الأوروبي، ان تركيا ترفض تنفيذ هذا البروتوكول إلى اليوم مع جمهورية قبرص ولا تهتم بمواقف وتحذيرات الاتحاد الأوروبي، وأنها تسير في طريق عدم الاعتراف بقبرص وترفض التعامل معها أو إقامة اي علاقة معها.

ولذلك فموقف تركيا في ذلك يعتبر نقيضا للالتزامات، وكذلك التصرفات المستفزة لتركيا تجاه جمهورية قبرص، تضع عراقيل في مسارها للانضمام.

* ما الجديد حول عمليات البحث عن الغاز في البحر المتوسط مع مصر ولبنان؟

ـ إن تعاوننا مع مصر ولبنان في البحث عن الغاز والبترول في رأينا، مثال جيد يعبر عن التعاون وصداقة دول الجوار لخدمة مصالحهم المشتركة، لدينا مع الدولتين اتفاق لتحديد المنطقة الاقتصادية الخاصة لكل دولة في البحر المتوسط، ومع مصر لدينا اتفاق استخراج الغاز، والاستفادة المشتركة لكميات الغاز والبترول القريبة من الخط الفاصل لكل منطقة قبرص، أيضا أكملت أول مرحلة للتراخيص لشركات البحث، والتي أبدت اهتمامها للبحث والتنقيب في المنطقة الخاصة بها. وهناك اهتمام من قبل شركات دولية كبيرة، وأصدرنا 4 تراخيص حتى الآن، وسوف تكون هناك تراخيص أخرى ضمن الخطوة الأولى.

تجدر الإشارة إلى إيراتو كوزاكو ماركولي، بدأت مشوارها السياسي بالعمل في الخارجية القبرصية عام 1980 وشاركت في العديد من البعثات الدبلوماسية ممثلة عن قبرص وفي منظمات دولية ومؤتمرات تابعة للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وعملت سفيرة لقبرص في الولايات المتحدة الأميركية والسويد وكندا وجامايكا والبرازيل وسفيرة لبلادها في لبنان والأردن حتى توليها منصب وزيرة الخارجية، وتعتبر أول امرأة في قبرص تتولى هذا المنصب.