السنيورة يبلغ موسى تجاوب الحكومة الكامل لإنجاح المبادرة العربية

فرقاء الأزمة اللبنانيون يواصلون تراشق التهم حول عرقلة الحلول

TT

في انتظار العودة المرتقبة للأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الى بيروت غدا (الاربعاء) لاستكمال مشاوراته مع الفرقاء اللبنانيين في اطار المبادرة العربية لحل الازمة اللبنانية، تواصلت امس «المناظرات» الصحافية بين شخصيات في فريقي الموالاة والمعارضة حول العراقيل التي تعترض هذه المبادرة، فيما املت مرجعيات دينية «عودة اللبنانيين الى بعضهم بالمحبة (...) وحل الازمة بالاتفاق على حكومة تضم كل الشرائح السياسية».

وقد تلقى رئيس مجلس النواب نبيه بري امس، اتصالا هاتفيا من موسى اكد فيه انه «عائد الى بيروت يوم الاربعاء» كما ذكرت مصادر بري. واجرى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة اتصالا بموسى، عرضا خلاله مختلف الاوضاع والمواقف المستجدة منذ مغادرته بيروت، وابلغ الرئيس السنيورة موسى «تجاوب الحكومة الكامل مع المبادرة العربية، واستعدادها العمل لانجاحها بكل الوسائل الممكنة». وكذلك اتصل موسى بالنائب سعد الحريري.

واستقبل السنيورة وفدا من «الجماعة الاسلامية» برئاسة رئيس المكتب السياسي علي الشيخ عمار الذي قال بعد اللقاء: «اكدنا للرئيس السنيورة دعمنا للحكومة التي تقوم بسمؤولياتها بالطريقة المناسبة، وشددنا على اهمية ان يكون هناك حوار حول مختلف الامور وصولا الى توافق لانتخاب رئيس للجمهورية بعيد عن اي ضغط يهدد به البعض من اجل إرباك هذه الحكومة، وإرباك عملها الوطني والمسؤول حيال هذا البلد الذي يمر بأدق مراحله. كما دعونا الى تبني المبادرة العربية كما هي من خلال انتخاب رئيس جمهورية اولا، ثم التفاوض حسب الاصول الدستورية لتشكيل حكومة وحدة وطنية، والبحث في ما بعد في امور حيوية اخرى».

في غضون ذلك، سأل البطريرك الماروني نصر الله صفير، في عظة له امس، الله «ان يخرجنا من الازمة التي يعاني منها بلدنا لبنان، وان يلهم جميع اللبنانيين ان يعودوا الى بعضهم بالتفاهم والتعاون المخلص والمحبة الصافية».

بدوره اكد نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان الذي استقبل امس السفير الاميركي جيفري فيلتمان، في زيارة وداعية، «ان حل الازمة الحالية في لبنان يكمن في الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم كل الشرائح السياسية في البلد، وتحقق الشراكة بين مكونات الشعب اللبناني». ورأى ان «حفظ لبنان يكون بحفظ اللبنانيين بعضهم لبعض، وطالما ان اللبنانيين متفقون على سلامة البلد واستقراره فليبادروا الى انجاز حل يحقق الشراكة الكاملة».

وفي مواقف اطراف الازمة اللبنانية، اعتبر الوزير المستقيل محمد فنيش (حزب الله) خلال كلمة في مجلس عاشوراء في مدينة صور ان «الازمة في لبنان لا تحل إلا بان تكون المعارضة والموالاة شريكتين في القرار السياسي لاعادة تكوين المؤسسات»، وقال: «ان اي مسألة خلافية تعالج بالحوار والوفاق والابتعاد عن مشاريع التهميش والاقصاء والالغاء والرهان على القوى الخارجية»، مشددا على «ان لا مشروعية لسلطة في لبنان تخالف مبدأ العيش المشترك».

وقال: «اذا لم يستجب فريق الموالاة لمطلب الشراكة يعني انه يخرج عن قواعد اللعبة الديمقراطية ليبقى البلد في الفراغ وحال من الازمة مكشوفا ومنكشفا امام التداعيات السياسية والامنية والتدخلات الخارجية».

واضاف: «ان الشراكة التي نريدها قائمة على اساس منظورنا الاصلاحي لهذا البلد ترتكز على دعائم عدة، اولاها حفظ مناعة لبنان وقوته والتي لا تكون بغير حفظ المقاومة التي اثبتت التجربة والواقع انها الصخرة التي تتحطم عليها اطماع العدو في لبنان والضمان الاكيد لكي لا يصبح لبنان مرة اخرى ساحة مكشوفة لكل الذين يريدون مرة اخرى اعادة احياء التجارب التي لم تنتج لهذا البلد الا الدمار والخراب».

واضاف فنيش «ان لبنان لا يحكم من خلال مشاريع القوى الخارجية ولا يمكن ان يكون منطلقا لعداوة اي بلد عربي وبالاخص ان يكون منطلقا لتصفية حسابات مع دول الممانعة او ان يكون ادارة من ادوات السياسة الاميركية لإضعاف انظمة الممانعة او تصفية حركات المقاومة حتى لو صدرت آلاف القرارات الدولية وحتى لو كانت هناك شعارات براقة زائفة لمحاربة الارهاب».

وفي مدينة بنت جبيل الجنوبية حيث القى عضو كتلة نواب «حزب الله» حسن فضل الله كلمة في ذكرى عاشوراء، قال: «ان الادارة الاميركية تقوم بتعطيل كل حل وتسوية مبادرة في لبنان، لانها لا تريد للذين يعارضون سياستها في لبنان والمنطقة ان يصبحوا جزءا فاعلا في ادارة السلطة والدولة لان شراكتهم الفعلية والحقيقية تمنع الوصاية على لبنان او اخذه الى الموقع الذي تريده هذه الادارة».

واضاف: «ان الرئيس الاميركي اطلق مفردة خطيرة في جولته الاخيرة في المنطقة وهي ان الفلسطينيين يريدون اخذ التعويضات، ويبدو ان هذه احدى مفردات التوطين في لبنان التي حذر منها قادة المعارضة، وكذلك كانوا يتحدثون عنها وينفي الفريق الاخر نيته لها، لكن التصريح الاميركي صريح وواضح».

في المقابل، رد عضو «كتلة المستقبل» النائب مصطفى علوش، على ما قاله بري انه «على قوى الاكثرية ان تلتقي مفوض المعارضة العماد ميشال عون»، بالقول: «صحيح ان المعارضة حرة في ترشيح من تريد ليكون المفاوض الاساسي لكن على ماذا نريد ان نتفاوض». وقال: «هناك المبادرة العربية وهي واضحة، والامين العام للجامعة العربية يقوم بطرح بنودها وما جاءت عليه بين جميع الافرقاء. فهل يجب التفاوض مع العماد عون على هذه المبادرة او التفاوض على بنودها، ام ان هناك شروطا او ورقة تحدث عنها ويريد ان يعرضها. وأنا أعتقد ان هذا سوف يؤدي الى الدخول في حملة من التسويف والتأجيل»، متسائلا: «هل يعني فشل المفاوضات بين النائب الحريري والعماد عون انه ايضا فشل للمبادرة وعندها نفقد الامل الذي نتعلق به الآن». واضاف: «ان الكثير من الامور تضع علامات استفهام على هذه المسألة والخوف هو ان محاولة طرح أولوية هذا الحوار ما هي الا محاولة لتأجيل الحل وربما إضاعة البوصلة وإضاعة الطريق والعودة الى نقطة الصفر». وأعلن «إصرار الاكثرية على طاولة الحوار».

وقال النائب الدكتور عمار الحوري (المستقيل) في تصريح له ان «الاسهال الكلامي لبعض المعارضة ما زال مستمرا، تارة من خلال تزوير الحقائق بإدعاء أنهم وافقوا على المحكمة الدولية وأننا لم نعطهم في المقابل حكومة وحدة وطنية، وهذا كذب بامتياز، وبالمناسبة فإننا ما زلنا في انتظار ملاحظاتهم عليها التي لن تأتي، وتارة ثانية من خلال حملات عنترية تهدد بالويل وعظائم الأمور، وتارة بمجاهرتهم علنا بأنهم سيحتجزون انتخابات رئيس الجمهورية كرهينة إلى أن ينال عرابوهم ما يريدون». وأضاف: «إلى كل هؤلاء نقول: نحن قوم نتعب من يريد العبث بالوطن ولا نتعب. فقدرنا محاربة الشياطين التي تكمن في تفاصيل طروحات المعارضة ومعلميها، ونفسنا أطول بكثير من أنفاس الحقد والكراهية التي تنفث سمومها الطائفية والمذهبية ولعل أكبر تنازل قدمناه نحن في الأكثرية هو النظر بعين الشفقة إلى بعض المعارضة ممن عفا عليه الزمن وأكل الدهر عليه وشرب وأصبح عبرة لمن اعتبر». وختم: «لمن لم يعلم بعد، المحكمة آتية، ورئيس الجمهورية سينتخب، ولبنان سيبقى وشعبه سينتصر شاء من شاء وأبى من أبى».

من جهة اخرى، قال عضو تكتل التغيير والاصلاح النائب نبيل نقولا: «ان المعارضة تواجه المشروع الاميركي الصهيوني المفروض عليها عبر فريق السلطة». ولفت الى ان «هناك عملية غش للشعب اللبناني، اذ ان كل المبادرات التي تطرح تصطدم برفض الادارة الاميركية الساعية الى توطين الفلسطينيين في لبنان وتهجير المسيحيين منه، وبالتالي فان قرار الموالاة ليس في يدها بل في ايدي الاميركيين». وشدد على ان «المعارضة تسعى لان يكون المرشح التوافقي العماد ميشال سليمان حكما في الحكم وليس شاهد زور».