أول «زيارة» فضائية لكوكب عطارد منذ 33 عاما

سفينة فضاء أميركية تمر قرب الكوكب لكشف ألغازه

TT

كان من المقرر، بحلول منتصف نهار امس ووفق ما تم التخطيط له، ان تمر سفينة «ماسنجر» بالقرب من كوكب عطارد في مهمة تستغرق يومين لالتقاط الصور وجمع البيانات عنه.

ويعتبر مرور السفينة اول زيارة يؤديها أي «زائر» من الارض لعطارد منذ اكثر من 33 عاما، وسوف تمثل علامة بارزة في مهمة وكالة الطيران والفضاء الاميركية (ناسا) التي ستتوج في النهاية بوضع قمر صناعي في مدار الكوكب الصغير، الذي هو اقرب الكواكب الى الشمس. وتنتظر المجموعة العلمية الدولية بفارغ الصبر، وصول الصور والبيانات التي ستلقي الضوء على الغموض الذي يلف هذا الكوكب، مثل التساؤلات عن موقع المجموعة الشمسية الذي نشأ فيه عطارد، ولماذا يمتلك الكوكب نواة معدنية صلدة كبيرة جدا وقشرة خارجية رقيقة، مقارنة بالارض وباقي الكوكب الصخرية. ويقول شون سولومون الباحث الرئيسي الذي عمل في المهمة الفضائية على مدى 11 عاما، ان «عطارد موقع يصعب الوصول اليه، وقد استغرق الوقت طويلا قبل ان نعود الى هناك». واضاف «والآن فاننا نجد انفسنا في موقع يمكننا فيه التوصل الى معرفة اشياء حول واحد من الكواكب الشقيقة، ونحن متأهبون لبعض من المفاجآت».

وكانت السفينة الفضائية التي هي بحجم قرص قد اطلقت عام 2004 وأخذت تشق طريقها نحو عطارد بشكل ملتو، بعد ان مرت مرتين بالقرب من كوكب الزهرة ومرة بالقرب من الارض، لتتأرجح مستفيدة من قوة جاذبيتهما. وسوف تمر «ماسنجر» مرتين أخريين بالقرب من عطارد قبل ان توظف جاذبية الكوكب للاندفاع نحو المدار، بحلول عام 2011. وقال مسؤولو «ناسا» ان مرور السفينة امس يعتبر الاكبر اهمية في مهمتها، لا لانها ستمر على مبعدة 124 ميلا (نحو 200 كلم) من سطح عطارد بسرعة نسبية تزيد عن 16 (25.75) الف ميل في الساعة فحسب، بل ولأنها سوف ترسل بسرعة ملاحظاتها حول التركيبة الفيزيائية والمغناطيسية للكوكب، نحو الارض، معتمدة على ادوات واجهزة يمكنها الاجابة عن الاسئلة الاولية حول طبيعة عطارد وتاريخه. وسوف تكون زيارة «ماسنجر» الاقرب من نوعها لخط استواء الكوكب. وقال سولومون ان «اكبر لغز لعطارد هو لماذا يمتلك هذا الكوكب الكثير من المعادن الثقيلة، فنواته تختلف في حجمها عن كل الكواكب الاخرى.. اننا نعتقد ان بامكاننا ازالة الغموض عنه حالما نتعرف على التركيبة الكيميائية لسطحه». وتوجد نظريات متنافسة لتفسير وضعية عطارد، تقول احداها ان الحرارة الشديدة للشمس قد ازالت القشرة من الكوكب الذي كان كبيرا يوما ما، وأبقت على نواته. اما النظرية الاخرى فتقول ان الكوكب قد اصطدم مع جرم سماوي عندما كانت المجموعة الشمسية مليئة بالكواكب والأجرام. ووفقا لهذه النظرية فقد دمرت قشرة عطارد وغطاؤه، ثم اندفع مقتربا في موقعه قرب الشمس. ولأن الكوكب قريب الى الشمس، فان تصميم سفينة فضائية يمكنها مقاومة الحرارة الشديدة، وحساب مسارها بدقة كي توضع في مدارها.. بدلا من ارتطامها بالشمس، كان امرا معقدا. وتصل درجات الحرارة على سطح السفينة المغطاة بالسيراميك الى 600 درجة فهرنهايت (333 مئوية)، بينما تصل درجة حرارة الكوكب على الجهة المقابلة للشمس الى 1100 فهرنهايت (611 مئوية) والى 300 فهرنهايت (167 مئوية) تحت الصفر في الجزء المظلم منه. وتعتبر «ماسنجر» اول سفينة تزور عطارد منذ زيارة «مارينر 10» عام 1974. ويتوقع ان ترسل اوروبا واليابان سفينتين فضائيتين قريبا الى الكوكب. ويمتلك عطارد حفرا وبراكين وملامح غريبة منها ما يعتقد انه ماء متجمد في صدع عميق في القطبين، لا تصله الشمس. ويبلغ وزن الكوكب 5 في المائة من وزن الارض، الا ان كتلة نواته المعدنية تشكل 60 في المائة من وزنه (مقابل 30 في المائة في الارض وفي الزهرة، و20 في المائة في المريخ). ويمتلك عطارد ايضا مجالا مغناطيسيا نشطا في جوه الخفيف، وهو الكوكب الوحيد الذي يماثل الارض في ذلك. كما انه يحتوي على اكبر حفرة ناجمة عن الضربات، في المجموعة الشمسية.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الاوسط»