السعودية تنعى إبراهيم العنقري.. رجل الدولة

تولى أربع حقائب وزارية قبل أن يصبح مستشاراً خاصاً للمك فهد

TT

شيعت جموع السعوديين فجر اليوم، الثلاثاء، في الحرم المكي الشريف، إبراهيم العنقري، مستشار خادم الحرمين الشريفين، الملك فهد بن عبد العزيز (رحمة الله)، والذي غيبه الموت، عن عمر يناهز الثمانين عاما، في أحد مستشفيات العاصمة السويسرية، جنيف، عقب معاناة مع المرض دامت سنوات، خضع خلالها لعدد من العمليات الجراحية قبل وفاته.

وأنهت وفاة العنقري مسيرة طويلة من العمل السياسي في السعودية، تخطت حاجز الأربعة عقود، كان آخرها توليه منصب المستشار الخاص للملك فهد بن عبد العزيز (رحمة الله)، إلى أن تم إعفاؤه من منصبه بناءً على طلبه أوائل عام 2006، عقب تولي خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز، مقاليد الحكم في السعودية.

وإبراهيم العنقري الذي وصل جثمانه مساء أمس الاثنين على متن طائرة خاصة إلى مدينة جدة، والمولود في قرية ثرمدا بمنطقة الوشم التابعة لمنطقة الرياض، ولديه ولد وبنت مازن وعبير، كانت بداية تعلمه في مكة المكرمة (غرب السعودية)، لينهي بها دراسته الثانوية، ومن ثم انطلق إلى جمهورية مصر العربية ليحصل على درجة البكالوريوس في بداية الخمسينات من القرن الميلادي المنصرم من كلية الآداب بجامعة القاهرة، ثم درس اللغة الانجليزية والعلاقات الإنسانية في جامعة كولومبيا في نيويورك، وجامعة فلوريدا في الولايات المتحدة. وكان العنقري، الذي يُعتبر من قدامى العاملين في الخريطة السياسية السعودية، قد التحق عام 1953 بركب العاملين حينما عمل مع الملك فهد إبان توليه حقيبة وزارة المعارف السعودية، مساعدا لمدير عام مكتب وزير المعارف، وانتقل بعدها إلى وزارة الخارجية حيث عمل رئيسا للمراسم فيها، ثم عمل ضمن وفد المملكة العربية السعودية لدى الأمم المتحدة (الدورة السادسة عشرة) ثم أصبح مستشارا في السفارة السعودية بالعاصمة الأميركية واشنطن. وعندما تولى الملك فهد حقيبة وزارة الداخلية، عين عام 1962 وكيلاً لوزارة الداخلية، حيث قضى فيها عدة سنوات، فرأس لجنة الضباط في الوزارة، إلى جانب رئاسته لجنة الترشيح لمنح الجنسية بوزارة الداخلية، فضلاً عن رئاسة لجنة صحة البيئة، لتشهد الوزارة في تلك الحقبة مسيرةً من التطوير، استكملها وزير الداخلية الحالي، الأمير نايف بن عبد العزيز، ليُنهي رحلته العملية فيها بمرافقته للأمير نايف، إبان ترسيم الحدود بين السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.

وفي عام 1970 صدر أمر ملكي بتعيينه وزيرا للإعلام، وظل شاغلا لهذا المنصب مدة خمس سنوات، كما كان أحد أعضاء اللجنة العليا لسياسة التعليم، وعضوا في اللجنة العليا لرعاية الشباب، بعدها تم تعيينه وزيرا للعمل والشؤون الاجتماعية خلال الفترة من 1975ـ 1984، فوزيرا للشؤون البلدية والقروية خلال الفترة من 1984ـ 1989، إلى جانب عضويته في المجلس الأعلى لجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، والمجلس الأعلى للدفاع المدني، والرئيس الأعلى للمعهد العربي لإنماء المدن.

أما في عام 1989، فقد صدر أمر ملكي بتعيينه مستشارا خاصا لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز (رحمه الله) بالإضافة إلى عضويته في مجلس الأمن الوطني.

ويُعتبر العنقري مؤسس وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس)، عام 1970، وهو مَنْ تبنى إدخال البث التلفزيوني الملون إلى السعودية، إضافة إلى إقامته لمركز للتلفزيون السعودي، واهتمامه بالمحطات الإذاعية السعودية، إبان تلك الحقبة الزمنية.

وكانت قرية ثرمدا محل اهتمام أبي مازن، فهي مكان ولادته وقرية آبائه وأجداده، والتي تعد من اقدم القرى في الوشم ومنطقة الرياض، والتي أسستها عائلة العناقر سنة 1673. وأهل ثرمدا لا ينسون عطاءه غير المحدود، إذ أنشأ مركزاً صحياً لها يعتبر الأول في نوعه بالسعودية على نفقته الخاصة، وافتتحه الدكتور أسامة شبكشي وزير الصحة السابق.

ويختصر عبد الله الحسين، نائب مدير عام وكالة الأنباء السعودية، الحديث عن الراحل بقوله، العنقري «مدرسة لا يجف نبعها أبداً»، مشيراً إلى جدية الراحل في العمل، وحظ من يعمل معه، لما يُمثله الرجل من مكانة، وقدرة على وزن الأمور أياً كان موقعها، ومهما كانت حساسيتها، مشيراً إلى أن العنقري يعد أحد رجالات الدولة.

أما عوض الحربي، وكيل أعمال العنقري، فيقول إن الراحل كان بمثابة الأب بالنسبة له، موضحاً أنه لم يكن يشعر بالفرق من جهة تربية الشيخ لابنه مازن، وتربيته له شخصياً منذ صغره، مؤكداً أن الراحل سيترك فراغاً كبيراً في حياة مَنْ عاش بالقرب منه سنوات طويلة.

إلى ذلك، نعى الديوان الملكي السعودي أمس، إبراهيم بن عبد الله العنقري، الذي يُعتبر من رجالات الدولة الذين خدموا دولتهم بكل تفانٍ وإخلاصٍ، وتقلد عدة مناصب وزارية في الدولة.