دمج الصحوات بقوات الأمن العراقية هدف أساسي لأميركا

البنتاغون ينقل استراتيجيته من الشوارع الى أروقة السلطة في بغداد

جنود اميركيون لدى وصولهم امس لتفتيش مصنع مهجور في بغداد لتحويله الى مقر للجيش العراقي (أ.ف.ب)
TT

نقل الجيش الأميركي التواق الى تعزيز المكاسب الأمنية لزيادة القوات في العام الماضي استراتيجيته من الشوارع الى أروقة السلطة في بغداد مسعى لاقناع الزعماء الشيعة القلقين بوضع الآلاف من السنة، والكثير منهم من المتمردين السابقين، في قائمة الرواتب الحكومية.

ويعمل الآن ما يزيد على 70 الف شخص من الجماعات التي تسمى «مجالس الصحوة» التي يشكل معظمها العرب السنة لصالح القوات الأميركية في برامج أمن الأحياء. ويعتبر تحويلهم الى سيطرة الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة كرجال شرطة وافراد في فرق الأشغال العامة امرا ملحا ارتباطا ببدء القوات الأميركية الانسحاب، وفقا لما اشار اليه مسؤولون في لقاءات وايجازات صحافية وفي مقابلات أجريت معهم مؤخرا.

ويعتقد قائد العمليات اليومية في العراق الجنرال رايموند أوديرنو ان تسوية الحكومة العراقية مع المقاتلين السنة السابقين تمثل «الدافع الأساسي لتعزيز الأمن» خلال الشهور الستة المقبلة، وفقا لما ورد في وثائق خطط عسكرية داخلية اطلعت عليها «لوس انجليس تايمز». وقال احد كبار مساعدي أوديرنو «انه تغير كبير. انه تحول في هدف القائد».

غير أن التقدم ما زال محدودا حتى الآن. ويقاوم مسؤولون في حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي، ممن يخشون اقامة جيش منافس، الخطوة التي يخشى المسؤولون العسكريون الأميركيون من أن المعارضة يمكن أن ترد المتمردين السابقين بين فيالق الحرس السنة الذين يطلق عليهم الجيش الاميركي اسم «المواطنين المحليين المعنيين» الى ميدان القتال.وقال مساعد أوديرنو «لدينا هدوء مؤقت في الوقت الحالي، هدوء مطلق في العنف، ولكن الأمر يمكن أن يتجه في أي اتجاه العام المقبل، اعتمادا على كيفية رد فعل الحكومة الحالية على ذلك. ان أحد أكبر مغامراتنا هي مجموعات المواطنين المحليين المعتمين وفي أي اتجاه سيسيرون».

وحذر المساعد، شأن مسؤولين أميركيين آخرين، من أن نافذة الفرص ضيقة، وتعتمد على جعل الحكومة العراقية جماعات الأمن جزءا من هيكل الحكومة الرسمي. وقال المساعد «اذا لم تتبن ذلك يمكن أن تتوحد الصحوات المختلفة لجيش سني يحاول الاطاحة بالحكومة، مما يدفع البلاد الى حرب اهلية. وهذا امر محتمل».

ويعتقد المسؤولون الأميركيون ان افراد الصحوات ساعدوا على تقليص العنف عبر القتال ضد المتطرفين المرتبطين بالقاعدة في العراق وعبر اعادة توجيه المتمردين. ويبذل أولئك المسؤولون، القلقون من اقامة وحدات عسكرية موازية يمكن أن تنافس القوات التي تسيطر عليها الحكومة، مساعي محمومة لاقناع حكومة بغداد بضم جماعات المواطنين المهتمين الى الشرطة أو فرق الأشغال المدنية. وتشكل هذه الخطوة تحولا هاما في المساعي الأميركية الى توحيد جهود الأطراف الشيعية والسنية المتنافسة. ومنذ بداية زيادة القوات الأميركية حاول مسؤولو البنتاغون تحقيق تسوية بين المسؤولين الشيعة والسنة، وهي عملية يعترف المسؤولون الأميركيون بأنها أخفقت الى حد كبير. وعلى الرغم من أن المسؤولين الاميركيين لم يتخلوا عن جهودهم على مستوى الحكومة المركزية فانهم جعلوا من الحراس السنة الجزء الأساسي من استراتيجيتهم الجديدة لتحقيق المصالحة الوطنية.

وفي العام الماضي دعمت الحكومة العراقية بحذر خطوة تهدف الى جلب السنة المشاركين في حركة الصحوة في محافظة الأنبار الى قوات الشرطة. ولكن مقاومة الحكومة اشتدت عندما بدأت جماعات أقرب الى بغداد القيام بالتحول نفسه. وحتى الآن سمح لـ 1730 عضوا في مجالس الصحوة من منطقة أبوغريب الواقعة عند أطراف بغداد، أن يصبحوا رجال شرطة. وإضافة إلى 2000 في العاصمة تم قبولهم كي يكونوا أعضاء في قوة شرطة خلال الخريف الماضي، لكن حتى مع هذا العدد المحدود كان عسيرا جدا على المسؤولين الأميركيين لإقناع الحكومة العراقية القيام بذلك. وقال الكولونيل مارتن ستانتون الضابط العامل في مكتب بترايوس والمكلف بهذه المهمة: «مسؤولو الحكومة متشككون جدا بأية مجموعة نظامية للسنة خصوصا أي من تلك التي كانت تضم متمردين سابقين». وقال ستانتون إنه يرغب بمشاهدة معظم حراس مجالس الصحوة ضمن قوات عراقية خلال الأشهر الستة المقبلة. وجاء الإجراء لتشكيل مجموعات تضم أشخاصا محليين على غرار حدث في الأنبار حينما شكل شيوخ عشائرها مجموعات مسلحة لمقاتلة القاعدة في العراق عام 2006، حينما اتصلوا بآمري الوحدات الأميركية طالبين السماح بالعمل معا لحماية مناطقهم.

يعترف مسؤولون أميركيون من مراتب وسطى بأن الكثير من الرجال الذين انتموا إلى مجالس المواطنين المهتمين كانوا متمردين، وقال ضابط أميركي في شرق بغداد إنه التقى بزعماء لهذه المجالس لتناول الشاي معهم وهؤلاء كانوا إلى حد فترة قصيرة على قائمة المستهدفين. وأضاف: «يقول بعض السكان إن مواطنينا المحليين المعنيين أزالوا شعار القاعدة ووضعوا شعار مجالس الصحوة. وهم الآن أصبحوا الرجال الخيّرين». وقال الجنرال جوزيف اندرسون رئيس أركان أوديرنو: «مجالس المواطنين المعنيين تملأ الفراغ، لكن لسوء الحظ ليس دائما. على الحكومة العراقية أن تحتضن أفراد هذه المجالس وهذه معركة كبيرة الآن: هل ستقوم الحكومة باحتضان هؤلاء الذين يعملون تحت عقودها؟» واعترف المسؤولون الأميركيون أن قوات الشرطة العراقية ليست كبيرة بما فيها الكفاية كي تتمكن من ضم 70 ألف رجل إليها. وقال اوديرنو الشهر الماضي إن أقل من ربع أفراد مجالس المواطنين المعنيين سيصبحون ضمن مؤسسات الأمن الحكومية، ونتيجة لذلك فإن المسؤولين الأميركيين بدأوا ببرنامج تجريبي لتطوير فيلق الخدمات المدنية كي تشغِّل الرجال.

وقال أوديرنو: «نحن سنعلمهم مهارات مثل تصليح الأنابيب والكهرباء والمجاري». لكن مسؤولين آخرين ما زالوا غير واثقين أن برامج من هذا النوع ستتمكن من امتصاص العدد الهائل من المواطنين المهتمين. وأجرى أوديرنو سلسلة لقاءات مع مسؤولين عراقيين لإقناعهم بالفكرة وقال إنه في الشهر الماضي وافق الطرفان على سلسلة من المتطلبات «شديدة التقنين» للتخفيف من مخاوف المسؤولين العراقيين.

*خدمة «لوس أنجليس تايمز» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»