سعودالفيصل: سورية مؤثرة في لبنان باعتراف الشرع وعلى طهران تجنيب المنطقة التصعيد

دعاها لاستخدام تأثيرها مع حلفائها * كوشنير يلوح بالعودة للأمم المتحدة إذا تعذر حل القضية اللبنانية

TT

فيما لوح وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، بالعودة إلى الأمم المتحدة في حال فشل جهود الجامعة العربية الرامية لحل أزمة الفراغ الرئاسي في لبنان، قال وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل أن العرب طلبوا من سورية استخدام تأثيرها على حلفائها في لبنان لتطبيق المبادرة العربية التي تم الاتفاق عليها لإنهاء الأزمة في ذلك البلد.

وأكد الفيصل في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع كوشنير قبل ختام زيارة الدولة التي قام بها الرئيس نيكولا ساركوزي للسعودية، أن سورية لها دور كبير في التأثير بالأزمة اللبنانية الراهنة. وقال «نحن لا ندعي أن لسورية دورا في لبنان، لكن نائب الرئيس السوري فاروق الشرع، هو من قال ذلك».

وأوضح وزير الخارجية السعودي أن وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الأخير في القاهرة «طلبوا من الدول المؤثرة في لبنان، وخاصة سورية، وعندما نقول سورية لا ندعي بأنها مؤثرة في لبنان لكن على لسان معالي السيد فاروق الشرع هي قالت إنها اكبر دولة تؤثر على الوضع الداخلي للبنان». وأضاف الفيصل أيضا «بالتالي المطلوب من سورية أن تستثمر هذا التأثير لصالح لبنان واستقلاله وسيادته ولصالح سيادته على قراره السياسي».

وفي الوقت الذي علق فيه الأمير سعود الفيصل آماله على أن يثمر اللقاء المزمع عقده بين أمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى، والقيادات السياسية في لبنان، بالتوصل إلى اتفاق لإنهاء الأزمة اللبنانية الحالية، قال إنه في حال عدم تطبيق مبادرة الجامعة العربية، فإن الأمر سيعود إلى تقرير الأمين العام عمرو موسى والذي سيقدمه في الاجتماع الوزاري العربي المقرر في 26 يناير (كانون الثاني) الحالي.

وحث وزير الخارجية السعودي، سورية، أن تعمل على إقناع من يستمعون إليها في لبنان لحل الجامعة العربية. وقال عن مبادرة الجامعة أنها «حل عادل يختار فيه الرئيس المجمع عليه، وهذا واضح من تصريح المسؤولين اللبنانيين، ويكون الرئيس هو المرجح اذ سيضمن أن لا تطغى الأغلبية على الأقلية ولا يكون للأقلية حق الفيتو على الأعمال التي تقوم بها الحكومة خاصة فيما يتعلق بمصالح لبنان الأساسية والجوهرية وإعادة البناء والحياة الطبيعية على أن تشكل حكومة على هذا الأساس تعطي القدرة الترجيحية للرئيس المنتخب ومن ثم يصاغ قانون الانتخابات الجديد».

وأكد وزير الخارجية الفرنسي من جانبه، على تطابق وجهات نظر بلاده مع السعودية إزاء الملف اللبناني، مجددا دعم بلاده لمبادرة الجامعة العربية والاقتراح المقدم من قبلها. وقال «أعلم أن أمورا ما زالت عالقة ويجب أن تحل هذه المعضلة بمرور الوقت».

ووفقا لكوشنير، فإنه سيقوم بلقاء رئيس كتلة المستقبل اللبنانية سعد الحريري، ربما اليوم، مؤكدا على تصميم فرنسا على المساعدة في تطبيق مقترح جامعة الدول العربية أملا في أن تنتهي المشكلة وذلك باختيار الجنرال سليمان كمرشح للرئاسة وإقامة ممثل لكل الأطراف في البرلمان وإتمام المرحلة الانتخابية، ملوحا للعودة إلى الأمم المتحدة إذا لم تستجب الأطراف اللبنانية لهذا الحل.

وعلى صعيد متصل بأزمة الملف النووي الإيراني، قال سعود الفيصل أن على إيران ألا تنظر فقط لمصالحها الخاصة، ولكن عليها أن تنظر إلى مصلحة المنطقة بشكل كامل، وأن تجنبها مساوئ التصعيد.

وأكد الفيصل أن الموقف السعودي الفرنسي تجاه الملف النووي في المنطقة، يتفق على ضرورة ألا يؤدي حل هذا الملف إلى نتائج لا تحمد عقباها، وأن يكون حل هذا الملف بالطرق الدبلوماسية «إن أمكن» باعتبار أن كل المشاكل ممكنة الحدوث، لأن الوضع، وفقا للفيصل «ليس بيد السعودية أو فرنسا»، مبديا أمله في أن تستجيب طهران للمطالب الدولية، وان تستجيب للشروط والضوابط الدولية في هذا الإطار.

وتطرق وزيرا خارجية السعودية وفرنسا في المباحثات التي عقدت في الرياض، للعديد من الملفات الإقليمية، في مقدمتها العملية السلمية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهو الملف الذي سيطر أيضا على المباحثات التي جرت بين خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس ساركوزي.

وقال الأمير سعود الفيصل في بيان مشترك تلاه أمس، إن اللقاء بين خادم الحرمين الشريفين والرئيس ساركوزي، يعتبر الثاني بين الزعيمين بعد زيارة خادم الحرمين الشريفين لفرنسا في شهر يوليو (تموز) الماضي مما يعكس عمق العلاقات التاريخية والإستراتيجية بين البلدين وحجم التشاور والتنسيق القائم بين الدولتين على أعلى المستويات ورغبة مستمرة في توسيع التعاون وتعزيز العلاقات والدفع بها لأفاق أرحب مما يتوائم مع الإمكانيات ويخدم المصالح المشتركة».

ووقعت الرياض وباريس 4 اتفاقيات تؤسس لشراكة استراتيجية بين البلدين، فيما أكد الفيصل في السياق نفسه أن «الاتفاقيات التي تم توقيعها خلال الزيارة، تشكل إضافة للاتفاقيات القائمة بين البلدين والتي تهدف إلى توسيع التعاون في الميادين الاقتصادية والاستثمارية والثقافية والعلمية والأمنية وغيرها من المجالات التي من شأنها توثيق أواصر الصداقة وتعود بالخير والنفع لشعبي البلدين».

وتطرقت جلسات المباحثات التي عقدت بين المسؤولين السعوديين والفرنسيين، لكافة القضايا الدولية والإقليمية التي تتناول في مجملها عملية السلام في المنطقة، والأزمة اللبنانية، والوضع في العراق، والملف النووي في المنطقة إلى جانب الجهود الدولية في مكافحة الإرهاب إضافة إلى دعم جهود الحوار والتفاهم بين الديانات والثقافات».

ولفت كوشنير إلى أن لقاءه بالامير سعود الفيصل، تطرق إجمالا للأزمة اللبنانية وعملية السلام، والوضع في العراق، والملف الإيراني، والوضع في دارفور. وقال وزير الخارجية السعودي، إن الحل الأمثل في العراق، «ليس بيدنا ولا بيد فرنسا». لكن الأمل، وفقا للفيصل، هو «أن تقوم الحكومة بتنفيذ البرنامج السياسي الذي سيعضد وسيكمل الجهد العسكري المبذول في العراق، والذي بدونه لا يمكن إنهاء الجهد العسكري بنجاح لأن الفرصة الوحيدة بالنجاح هي بالوفاق الذي سيحدث بين العراقيين وتعديل الدستور وإزالة النقاط التي تؤدي إلى أمور لا يحمد عقباها أن يكون هناك تعامل متساو بين العراقيين ليشعر كل عراقي بحقوقه وواجباته مع الآخرين وتوزيع الثروة بينهم بعدالة وإعطاء الإحساس الوطني لجميع العراقيين وسيادتهم على أرضهم واستقلالهم».

واختصر وزير الخارجية السعودي إجابته حول سؤال عن التعاون الأمني والعسكري بين الرياض وباريس بقوله إن «الصديق عند الضيق».

مؤكدا أن تعاون بلاده مع فرنسا «لا يتم على أسلوب الصفقات. نعم هناك تعاون امني بين الطرفين وتعاون في مجال التسليح مع فرنسا دائم مستمر وفق خطط مدروسة وفق احتياجات محددة ولكن الشيء المهم أن العلاقة بين البلدين علاقة إستراتيجية».