مسؤول أميركي: بوش يستهدف التأكيد مجددا على «العلاقة الشخصية الوثيقة» مع العاهـل السعودي

قال إن الرئيس يعتبر الملك عبد الله شخصية بارزة وينوه بإصلاحاته الداخلية ودبلوماسيته الإقليمية

TT

أطلق الرئيس الأميركي جورج بوش يوم الاثنين جولة نادرة من الدبلوماسية الشخصية مع العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز بهدف كسب التأييد اللازم لمجموعة من الأهداف الاميركية مثل إعادة إعمار العراق والضغط على إيران ومحاربة «القاعدة» ودعم محادثات السلام التي ترعاها الولايات المتحدة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني. وكان الملك عبد الله بن عبد العزيز وبوش قد تعانقا بحرارة لدى نزول الرئيس الاميركي من طائرته في أول زيارة له إلى المملكة العربية السعودية وأول لقاء له وجها لوجه مع العاهل السعودي منذ ثلاث سنوات. وكان بوش قد وصل إلى السعودية وهو يحمل هدية كبيرة للسعوديين إثر أبلاغ إدارته الكونغرس بصورة رسمية يوم الاثنين إنها تعتزم السعي للمصادقة على صفقة قنابل ذكية التوجيه كجزء من صفقة سلاح بقيمة 20 مليار دولار اميركي تقريبا. ولدى الكونغرس فترة 30 يوما للاعتراض على هذه الصفقة، إلا أن مسؤولين في الإدارة الاميركية بدوا واثقين من ان لديهم أصواتا كافية داخل الكونغرس للمضي قدما في الصفقة. ويقضي بوش في السعودية يومين خلال جولته الحالية في الشرق الأوسط، يعقد خلالها عددا من الاجتماعات الخاصة مع العاهل السعودي، الذي يستضيف الرئيس الاميركي الزائر في قصره بالعاصمة الرياض وأيضا بمزرعته (الجنادرية) في منطقة قريبة من العاصمة. ويعني ذلك تخصيص وقت أكثر مما هو مألوف للدبلوماسية، الأمر الذي يعكس الدور الكبير الذي تلعبه المملكة العربية السعودية في الاقتصاد الاميركي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة، فضلا عن الرغبة في تعزيز علاقات البلدين بعد ان شهدت تراجعا خلال السنوات السبع السابقة. وقال دبلوماسيون وخبراء، على علاقة وثيقة مع إدارة بوش، إن الاجتماع مع الملك عبد الله بن عبد العزيز هو الغرض الرئيسي لرحلة الرئيس الاميركي إلى المنطقة. وقال مسؤول في الإدارة الاميركية رافق الرئيس بوش في هذه الزيارة إنه يعتبر الملك عبد الله «شخصية بارزة فعلا»، وأشار على وجه التحديد إلى دور الملك عبد الله في الشروع في الإصلاحات مثل إجراء الانتخابات البلدية، فضلا عن دوره في الدبلوماسية الإقليمية، كما أكد المسؤول ان الرئيس الاميركي يعتزم التأكيد مجددا على «العلاقة الشخصية الوثيقة» مع العاهل السعودي. من جانبه وصف ادوارد غيليسبي، مستشار البيت الأبيض، لقاءات الرئيس الاميركي المباشرة مع العاهل السعودي، الذي لا يفضل الدبلوماسية عبر الهاتف، بأنها جزء «مهم للغاية» من زيارة الرئيس إلى السعودية. وقال مسؤول أميركي آخر إنه على الرغم من الاستقبال الودي لدى وصول الرئيس بوش، فإن العلاقات بين البلدين كان فيها توتر لفترة طويلة خلال رئاسة بوش. أما دان بارتليت، المستشار السابق للرئيس بوش، فقال ان «للرئيس علاقة شخصية مع العاهل السعودي». وأضاف قائلا ان الزيارة ستعمل على الإبقاء على العلاقات بين الجانبين في المسار الصحيح، مؤكدا ان الدبلوماسية الشخصية التي يفضل بوش استخدامها تتوافق مع الطريقة التي تدير بها المملكة سياستها الخارجية بإشراف الملك. وكان مسؤولون سعوديون قد أعربوا عن شكوكهم في الآونة الأخيرة إزاء توجه بوش إلى المزيد من الضغوط الدبلوماسية والمالية على إيران، وهي قضية ظل الرئيس الاميركي يؤكد عليها بصورة يومية خلال جولته في دول المنطقة. وفي مؤتمر صحافي قال وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل إن الرياض ستصغي بعناية لكل القضايا التي سيناقشها الرئيس بوش، مؤكدا انه حر في ما يود مناقشته من قضايا. وأضاف الفيصل قائلا: «نحن جيران لإيران في منطقة الخليج، وبالتالي نعمل على سيادة السلام والهدوء بين دول المنطقة. لدينا علاقات مع إيران وسنتحدث مع الجانب الإيراني، وإذا شعرنا بأي خطر، فلن نتردد في مناقشته معهم». جدير بالذكر ان المملكة العربية السعودية ظلت تحتفظ بعلاقات وثيقة مع الولايات المتحدة، إلا أن التوتر بدا واضحا على العلاقة بين بداية رئاسة بوش، كما ان العاهل السعودي أوشك على قطع العلاقة بسبب عدم ارتياحه إزاء ما اعتبره دعما متواصلا من الرئيس بوش لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق آرييل شارون في نهجه تجاه الفلسطينيين. البيت الأبيض من جانبه تحرك على وجه السرعة لتهدئة الأمور، إلا ان تلك الفترة شهدت هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 التي شارك فيها 15 سعوديا من اصل 19 شخصا نفذوا الهجمات بالطائرات المخطوفة. وقال مسؤولون أميركيون ان التعاون في مجال مكافحة الإرهاب بين الجانبين تحسن كثيرا خلال السنوات التي أعقبت تلك الفترة، على الرغم من استمرار الخلاف حول بعض الأثرياء السعوديين الذين يساعدون في تمويل التطرف السنّي خارج حدود السعودية.

وقد اتبعت المملكة العربية السعودية خلال فترة حكم الملك عبد الله سياسة خارجية أكثر استقلالية عن الولايات المتحدة، مقارنة بالفترات السابقة، الأمر الذي أثار غضب واشنطن مثلما حدث عندما توسطت السعودية في اتفاق ناجح بين حركتي «حماس» و«فتح» ومحاولة معرفة ما إذا كان من الممكن التوصل إلى تسوية مع إيران. وكان الملك عبد الله قد صدم مسؤولين اميركيين العام الماضي عندما وصف الوجود الاميركي في العراق بأنه «احتلال أجنبي غير مشروع». ويقول دبلوماسي اميركي سابق وخبراء إن واحدا من أسباب استقلالية السياسة الخارجية السعودية يكمن في ان السعودية بدأت تشكك في كفاءة الولايات في إقامة علاقاتها الخاصة مع قوى ناشئة مثل الصين وقوى إقليمية منافسة مثل إيران. وقال مستشار اميركي في مجال شؤون الطاقة «إن السعوديين بدأوا يشككون في قدراتنا ونوايانا». اما السفير الاميركي السابق لدى السعودية تشارلس فريمان، فقد أعرب عن اعتقاده بأن «الدفء قد زال من العلاقات بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية» وأوضح قائلا في هذا السياق: «اعتقد ان الملك عبد الله حاول جاهدا بناء علاقة شخصية بينه والرئيس بوش، ولكن لا أعرف مدى ما تحقق في هذا الجانب. الرئيس بوش غير محبوب في المنطقة وعلى وجه الخصوص في السعودية. الملك عبد الله يتعامل بتهذيب وسخاء مع الضيف، إلا ان ذلك لا يدل ضمنا على أي عواطف».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»