مقاهي بغداد الأدبية.. تحولت إلى ملاذ للمسنين والعاطلين من جحيم النهار

أبرزها «الزهاوي» و«حسن عجمي» و«الشابندر»

عراقي يدخن النارجيلة في مقهى حسن عجمي بشارع الرشيد وسط بغداد (أ.ف.ب)
TT

بغداد ـ أ.ف.ب: أصبحت المقاهي الادبية الشهيرة في بغداد التي تقع جميعها في شارع الرشيد أمكنة مظلمة وملاذا لكبار السن والعاطلين عن العمل الذين يجدون فيها خلاصا من جحيم النهار.

ويقول الشاعر والإعلامي عبد الزهرة زكي إن «انحسار المقاهي الادبية وغيابها عن الاجواء الثقافية بعد 2003 يعود للظروف الامنية التي سادت البلاد خلال هذه الفترة». وعزا ذلك الى «حذر المثقفين من تجمعهم في مكان محدد مما سيجعلهم عرضة الى خطر الجماعات الارهابية التي ترصد مثل هذه الاماكن والملتقيات (...) لذا عزف الكثير عن التوجه الى هذه المقاهي».

و«الزهاوي» الواقع في شارع الرشيد قرب باب المعظم هو أقدم هذه المقاهي وعلى بعد أمتار منه قبالة جامع الحيدرخانة يقع مقهى «حسن عجمي». وفي شارع المتنبي المتصل بشارع الرشيد هناك مقاهي «البرلمان» و«الشابندر» الذي شهد تأسيس اول اتحاد للكتاب العراقيين.

أما مقهى حسن عجمي، فكان مجلسا للكتاب والمثقفين من اجيال مختلفة بينهم كمال سبتي وعبد الزهرة زكي والراحل محمد شمسي، وهو من ابرز كتاب أدب الرحلات وقصص الاطفال ومالك المطلبي والروائي عبد الرزاق المطلبي والشاعر علي العلاق وآخرون.

ويرى الكاتب والإعلامي جمال كريم أن «اندثار هذه المقاهي وتحولها الى مجرد ذكريات فقط لدى المثقفين، يعودان الى التسعينات عندما اعتقدت السلطات الحاكمة آنذاك أن هذه المقاهي تشكل خطرا عليها». ويتابع «يمكن القول إن الاندثار بدا فعليا منذ الثمانينات نتيجة مغادرة نخب المثقفين بسبب مضايقات السلطات التي جندت البعض لمراقبة المقاهي، بل وصل الحد الى التفكير بإزالتها تحت مبررات كثيرة».

وكان مقهى الزهاوي الذي يحمل اسم الشاعر والأديب جميل صدقي الزهاوي، ملتقى لفرسان القصيدة العمودية خلال العقود الاولى من القرن الماضي. كما كان مسرحا للخلاف بينه وبين نده معروف الرصافي. وبدأ مقهى الزهاوي يستقبل الزبائن في 1917. وقد قاوم عوامل الزمن كما خضع للتجديد لأكثر من مرة. وتمكن بذلك من الحفاظ على معالمه بعد ان اصبح تابعا لأمانة بغداد. لكنه يفتح أبوابه في أوقات متفاوتة تبعا للحالة الأمنية في محيطه.

وكان شاعر الهند طاغور قد زار المقهى عندما جاء الى العراق والتقى الشاعر الزهاوي خلال ثلاثينات القرن الماضي. ومن أبرز رواد المقهى عالم الاجتماع العراقي علي الوردي والشاعران محمد مهدي الجواهري وبدر شاكر السياب.

وفي تسعينات القرن الماضي وبعد بداية انحسار مقاهي الزهاوي وحسن عجمي والشابندر، وجد بعض الادباء والكتاب مقهى «الجماهير» قرب جريدة «الجمهورية» في باب المعظم مكانا بديلا للتجمع بشكل يومي. وكان المقهى ملتقى للأدباء والصحافيين والفنانين التشكيليين لقربه من اكاديمية الفنون الجميلة ايضا. ويؤكد زكي ان «مقهى الجماهير يظل المكان الاساس لملتقى الادباء بشكل يومي (... ) خصوصا وان رواده من المثقفين منسجمون في الرؤى والأفكار». وعرفت مناطق اخرى من العاصمة مقاهي كانت ملتقيات للمثقفين والفنانين بينها مقهى «الواق واق» في حي الأعظمية. ويعود تاريخه الى اربعينات القرن الماضي ومن ابرز رواده الفنان الراحل جواد سليم والشاعران بلند الحيدري وحسين مردان.