أخيراً.. قد يصبح للنشيد الوطني الاسباني كلمات

اختيار اللجنة الأولمبية للكلمات الفائزة في مسابقة شارك فيها 7000 شخص لا تلاقي ترحيباً سياسياً

TT

بعد عقود من همهمة النشيد الوطني الاسباني وتمتمة أحرف لا معنى لها لترافق اللحنَ في ملاعب كرة القدم، حصل الاسبان أخيرا على ما كان ينقصهم: كلمات. واختارت اللجنة الاسبانية الاولمبية كلمات النشيد الوطني من بين اقتراحات تقدم بها 7 آلاف مواطن. ووقع الاختيار على كلمات اقترحها رجل عاطل عن العمل، 52 عاما، بعد مسابقة أطلقتها اللجنة في يونيو (حزيران) الماضي. وبعد إعلان اسم الفائز، قالت اللجنة إنها تنوي جمع 500 توقيع دعم وتقديم الاقتراح الى البرلمان للتصويت عليه. الا انه نظرا للترحيب الفاتر الذي لقيه النشيد المقدم من بولينو كوبيرو، فإن موافقة البرلمان الاسباني عليه لا تبدو مؤكدة. ويبدأ النشيد على الشكل التالي: «فلتعش اسبانيا، فلنغنِّ كلنا معاً بأصوات مختلفة وقلب واحد، فلتعش اسبانيا! من الوديان الخضراء الى البحر الواسع!».

وعلق جوزيب رامونيدا، مدير المركز الثقافي المعاصر في برشلونة، على الكلمات قائلا: «انها هراء تام. يمكنها أن تكون عن اي بلد، بيلاروسيا او لتوانيا او اسبانيا». في القرن الثامن عشر، اختار الملك كارلوس الثالث لحنا يعُرف بـ«المسيرة الملكية» ومؤلفه مجهول. وأصبح هذا اللحن هو النشيد الوطني. ومنذ ذلك الحال، أعطي اللحن على الاقل مجموعتين من الكلمات آخرها في عهد الديكتاتور فرانكو وجرى التخلي عنه عام 1975. وفي حين تحل مسألة الكلمات مشكلة همهمة النشيد الوطني الاسباني في الملاعب الرياضية، فإنها قد تخلق مشكلة جديد وأزمة تتعلق بالهوية، بحسب النقاد. فالسنوات التي قضاها الاسبان تحت حكم فرانكو، تركت الكثيرين منهم منقسمين حول هويتهم الوطنية. فالإسبان من سكان الباسك الذين يجهدون في الترويج للغتهم وثقافتهم واستقلالهم، يغضبون عند أي ايحاء بأنهم ينتمون الى اسبانيا. والمحافظون الذين يريدون ان تدار اسبانيا كلها من مدريد يتنبأون بتفكك وشيك للبلاد. ويقول رامونادا من المركز الثقافي، إنه «ليس من باب الصدفة ان النشيد الوطني الاسباني خالٍ من الكلمات. فالوطنية في اسبانيا متأثرة بإرث فرانكو، وهذا امر يستحيل محوه بين ليلة وضحاها».

ومسألة النشيد الوطني مسألة حساسة جدا بالنسبة للاسبان، ولعل أبرز دليل على ذلك ما حصل مع وزير الرياضة في حكومة خوسيه ماريا ازنار المحافظة، انطونيو غوميز انغولو الذي ثار غضبا خلال تنظيم دورة «دافيس كاب» عندما أخطأ المنظمون الاستراليون ووضعوا خطأ النشيد الاسباني القديم الذي كان يردد خلال الحرب الاهلية بين 1936 و1939. وشكل الحادث أزمة دبلوماسية طالب على إثرها غوميز باعتذار رسمي.لذلك، يعتبر النقاد ان أي كلمات سيجري وضعها لنشيد وطني لبلد منقسم الى هذه الدرجة، ستكون سخيفة ومن دون معنى. وقد اعترفت بالفعل اللجنة التي اختارت الكلمات التي تقدم بها كوبيرو، بأن الاختيار جرى وفقا للكلمات المجردة من أي معنى سياسي.

لعل اللجنة الاولمبية الاسبانية تدرك أن هذا النشيد سيلاقي مواجهة حادة، لذلك فهي تلجأ الى ترويجه بين مشجعي الرياضة. وسيجري توزيع كلماته خلال مباراة لكرة القدم تجمع اسبانيا أمام فرنسا في شهر فبراير (شباط) المقبل. إلا ان رومانو يبدو متشائما، ويقول: «كلمات النشيد الوطني عادة تحمل معانيَّ تاريخية الا هذا النشيد الخالي من أي اشارات الى تاريخ البلاد».

* خدمة «نيويروك تايمز»