سكان الرمادي منقسمون بين مؤيدين لبقاء القوات الأميركية ومطالبين برحيلها

البعض يرى أن الأمن استتب ولا حاجة لها.. وآخرون يخشون تنافسا عشائريا بعد مغادرتها

TT

الرمادي ـ أف ب: يتفق اصحاب المحلات التجارية والاكشاك في سوق الملعب في الرمادي، كبرى مدن محافظة الانبار، على ان الحياة عادت الى طبيعتها والحركة تحسنت، لكنهم يختلفون حول بقاء القوات الاميركية او رحيلها.

واصطفت محلات تجارية لبيع الفاكهة والكباب والتوابل والملابس النسائية الملونة واجهزة الهواتف الجوالة، في احد شوارع المدينة. وخلافا للوضع قبل عام، تقوم عناصر من مشاة البحرية الاميركية (المارينز) بدوريات راجلة في السوق، وتتحدث مع السكان.

ويبدي رياض (25 عاما) احد باعة الاكشاك، ارتياحه للهدوء في الرمادي (110 كلم غرب بغداد)، التي شهدت نزاعات مسلحة منذ الاطاحة بالرئيس صدام حسين في 2003، وحتى تمكن شيوخ العشائر من كبح اعمال العنف، عبر طرد عناصر شبكة «القاعدة» من مدينتهم. ويقول رياض مكتفيا بذكر اسمه الاول، ان «الاوضاع افضل حاليا وآخذة بالتحسن منذ ستة اشهر». ويضيف هذا الشاب بمساعدة مترجم يعمل لدى القوات الاميركية، «لم تعد هناك ضرورة لوجود الجنود. نحتاج الى الخدمات كالماء والكهرباء والوقود للتدفئة وللسيارات، هذه كلها شحيحة جدا (...) الامهات والاطفال يشعرون بالبرد». ويوضح رياض الذي يبيع تشكيلة متنوعة من الخضر والفاكهة، انه اغلق محله اشهرا ابان فترة عصيبة شهدت انتشار المسلحين في المدينة.

لكن المحلات التجارية فتحت ابوابها من جديد الان. ويقول مبتسما «اجمع بعض المال (...) لتسديد ديوني».

ويدير محمد وهو في الثلاثينات من العمر، واحدة من مولدات الكهرباء المنتشرة في احياء الرمادي، التي يعتمد سكان المدينة البالغ عددهم 400 الف نسمة عليها للحصول على الطاقة الكهربائية، التي تصلهم ساعة او ساعتين في اليوم. ويضيف محمد رافضا ذكر اسمه كاملا، «يجب على الاميركيين ان يغادروا (...) بإمكان سكان الرمادي تحقيق الأمن هنا، فهم الذين حاربوا الارهابيين وطردوهم وليس الاميركيين ونحن نعرف من هم الارهابيون في حال عودتهم». ويؤكد ان «الامر مختلف في بغداد. قد تسوء الامور اذا غادر الاميركيون، لكنها ستكون على ما يرام في الرمادي. فهنا العشائر قوية كما انها تحارب تنظيم القاعدة».

من جهته، يدير سامي حسين خليفة محلا صغيرا لبيع كرات القدم وبعض اللوازم الرياضية. وكان في السابق يتردد كل يوم في فتح محله. اما اليوم فالوضع مختلف. ويقول خليفة «محلي الان مفتوح كل الاوقات. كنا نرى كل يوم ثلاثة او اربعة قتلى بالقرب من هنا، وكان معظم الناس ينتقدون المسلحين». واضاف «ليست القضية رحيل او بقاء الاميركيين، نريد فقط السلام والتطور».

ولدى احمد صلاح رأي صارم حول مستقبل الرمادي، حيث ما تزال هناك نقاط تفتيش عدة للشرطة العراقية، التي تراقب المدينة بدقة. ويقول «هزم المسلحون. لكن عندما اطاحت قوات الائتلاف بصدام وعدتنا بتحقيق كل شيء، لكننا لم نحصل على شيء حتى الان، عانينا منذ عام 2003 ولا نزال». وتابع «ماذا فعل (الرئيس الاميركي جورج) بوش خلال هذه الاعوام؟ القتل فقط، لم يقدم لنا المساعدات». ويرى صلاح (47 عاما) الذي كان ضابطا برتبة رائد في الجيش العراقي المنحل، ان الوجود الاميركي يسبب مأزقا. ويقول «ستكون هناك مشكلة كبيرة اذا انسحبت قوات الائتلاف. لدينا في الرمادي عشائر كثيرة تتنافس مع بعضها. في الوقت الحاضر انها لا تفعل ذلك، لكنهم سيتنافسون اذا استطاعوا ذلك». ويشير الجيش الاميركي الى وجود حوالى 23 عشيرة في الرمادي التي تبلغ مساحتها 25 الف كلم مربعا. وفي اشارة الى الصعوبات التي تواجهها المدينة، يقول صلاح «قتل المسلحون ثلاثة من اشقائي، وفي حال اطلق سراحهم من السجن فانا عازم على قتلهم».

وشهدت الرمادي انخفاضا في عدد الهجمات من معدل تراوح بين 25 الى 30 هجوما في اليوم في يناير (كانون الثاني) 2007 الى اقل من هجوم واحد في الاسبوع الان، بحسب ارقام الجيش الاميركي. وقال احد الضباط الاميركيين «تعودنا في السابق على التعرض للاعتداءات في كل مرة ندخل المدينة». واضاف «ندع الان الشرطة العراقية تقوم بواجباتها ونقف بعيدا». وفي احد الاحياء، يشرح قائد مركز للشرطة الظروف التي يمكن بموجبها للقوات الاميركية مغادرة الرمادي، لكي لا يضيع ما تحقق سدى. ويوضح العقيد احمد فاروق «نريد دعما كبيرا من الحكومة المركزية (...) بجهود السكان وشيوخ العشائر والشرطة معا، لن يكون بقدرة اي ارهابي الرجوع الى هنا». ويؤكد «لدي 275 شرطيا يتقاضون رواتب مخصصة لـ165 شرطيا فقط. يجب على الحكومة فعل الكثير». ويتابع «اذا تلقينا الدعم الذي نريد، سيكون بامكان الشرطة والعشائر معا حماية الرمادي، وقد اثبتنا هذا».