تقرير أميركي: العراق لم ينفق سوى 4.4% من ميزانية إعادة الإعمار حتى أغسطس 2007

مكتب المحاسبة الحكومي يرصد خللا كبيرا في الأرقام التي قدمتها الإدارة للكونغرس

TT

قال مكتب المحاسبة الحكومي الاميركي أول من امس انه لا يمكن اقامة الدليل على الأرقام الواعدة التي استشهدت بها الادارة لتجسد التقدم الاقتصادي في العراق في الخريف الماضي عندما كان الكونغرس يدرس ما اذا كان سيواصل تمويل الحرب.

فبعد أن انتقدت الحكومة العراقية بشدة على إخفاقها في إنفاق مليارات الدولارات من ايراداتها النفطية لعام 2006 لتمويل اعادة الاعمار، عادت الادارة الاميركية في سبتمبر (ايلول) الماضي لتقول ان العراق زاد من سرعة مثل هذا الانفاق الى حد كبير. وبحلول يوليو (تموز) 2007 قالت الادارة ان العراق انفق ما يقرب من 24 في المائة من مبلغ 10 مليارات خصصت لعملية اعادة الاعمار في ذلك العام.

وبينما كان الجنرال ديفيد بترايوس، القائد الأميركي الأعلى في العراق، وريان كروكر السفير الأميركي في العراق، يستعدان في سبتمبر لتقديم تقرير الى الكونغرس حول حالة الحرب، كانت الأرقام الاقتصادية دليلا نادرا على التقدم داخل حكومة العراق التي غالبا ما تتسم بالعجز عن اداء وظائفها.

لكن مكتب المحاسبة قال في تقريره اول من امس ان السجلات الرسمية لوزارة المالية العراقية تظهر أن العراق أنفق 4.4 في المائة فقط من ميزانية اعادة الاعمار بحلول أغسطس (آب) 2007. كما قال ان معدل الانفاق قد تباطأ بصورة كبيرة بالمقارنة مع العام السابق.

وقال جوزيف كريستوف، مدير الشؤون الدولية والتجارة في مكتب المحاسبة الحكومي، إن سبب الفارق هو أن الأرقام العراقية الرسمية لعام 2007 كانت متيسرة عندما ذهب الجنرال بترايوس والسفير كروكر الى الكونغرس. ولهذا يبدو ان الادارة، بمساعدة من وزارة المالية العراقية، اعتمدت على مجموعة من المؤشرات بما في ذلك الانفاق الفعلي واقتراحات الوزارات حول المشاريع التي تعتزم تنفيذها والعقود التي كانت ما تزال في مرحلة التفاوض، وفقا لما قاله كريستوف. واضاف انه لا يبدو ان الانفاق الفعلي قد توافق مع تلك التقديرات بشأن الانفاق على اعادة الاعمار. وقال «لهذا بدا الأمر شبيها بتحسن ولكنه لم يكن تحسنا».

وقالت متحدثة باسم السفارة الأميركية في بغداد انها لا يمكن ان تعلق على الموضوع. ولم يستجب المكتب الصحافي للبيت الأبيض على طلب للتعليق.

وبعد ان انفقت الولايات المتحدة ما يزيد على 40 مليار دولار لاعادة اعمار قطاعات الكهرباء والمياه والمجاري والنقل والنفط، بنتائج متباينة في احسن الأحوال، فان إخفاق العراق في تكريس موارده لمواصلة المهمة سبب نقدا قاسيا من جانب الحكومات والمنظمات الغربية المعنية. وقال مسؤولون عراقيون وأميركيون ان أسباب ذلك الاخفاق تضمنت تحديات تنفيذ مشاريع اعادة الاعمار في ريف خطر والافتقار الى الخبرة في بلد استنزفت عقوله الاختصاصية والخشية من ان اجراءات جديدة لمكافحة الفساد يمكن ان تستخدم على نطاق واسع لمقاضاة المسؤولين العراقيين المعتادين على العمل في ثقافة رشوة وتبادل منفعة. وحتى بعد الكشف لاول مرة اواخر عام 2006 عن اخفاق العراق في انفاق امواله الخاصة على اعادة الاعمار، أكد مسؤولون عراقيون وأميركيون مرارا وتكرارا ان المشاكل يمكن أن تكون اقل تعقيدا بكثير في العام المقبل، ذلك ان الحكومة التي يقودها رئيس الوزراء نوري المالكي وجدت طريقها.

وقال المسؤولون انه بالاضافة الى ذلك فانه مع زيادة القوات الأميركية والتحسن الأمني ستتقلص المشاكل الأمنية. وكانت برامج التدريب الأميركية قد خلقت مزيدا من المسؤولين العراقيين في مجال المالية والتعاقد. وبدا أن الأرقام التي طرحت في سبتمبر تتوافق مع هذه المعلومات.

لكن أرقام مكتب المحاسبة الحكومي التي قال كريستوف انها أخذت مباشرة من سجلات وزارة المالية تظهر انه عبر شهر اغسطس (آب) من عام 2007 انفقت الحكومة العراقية أقل من نصف النسبة الخاصة بميزانيتها الاستثمارية التي أنفقتها في الفترة نفسها من العام السابق.

وقال ريك بارتون، المدير المشارك لمشاريع اعادة الاعمار ما بعد النزاعات في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، ان كل معايير التقدم الاقتصادي في العراق يصعب تحديدها على وجه الدقة. ولكنه قال انه كان على الولايات المتحدة، أخذا لتلك الصعوبات بنظر الاعتبار، أن تكون حذرة من الحديث عن التقدم قبل أن تكون الحقائق واضحة. وقال بارتون ان «المعطيات في هذه المواضع يصعب ابتداء الاعتماد عليها الى حد كبير، ويعود السبب الأساسي لذلك الى أنه ما من احد يتوجه الى الميدان لرؤية ما الذي يحدث. ولكن ما يمكن أن يكون مثيرا للمشاكل هو انه عندما يعرف المرء هذا الأمر فانه ينبغي أن لا يستخدمه لخلق انطباعات خاطئة أو زائفة والتظاهر بأنه يعرف ما الذي يحدث».

* خدمة «نيويورك تايمز»