منظمة صحية: 75% من الأطباء والصيادلة والممرضين العراقيين تركوا الوظيفة

«ميداكت» تحدثت في تقرير عن فوضى.. والصحة العراقية ترد: جهة سياسية وراءه

أحد جرحى الهجوم الانتحاري في خان بني سعد يرقد في مستشفى ببغداد امس (أ.ب)
TT

افاد تقرير نشرته امس منظمة دولية تعنى بالشؤون الصحية، بأن قطاع الرعاية الصحية في العراق يعاني حالة من الفوضى، نظرا لفرار الاطباء والعاملين بالتمريض الى الخارج، وارتفاع معدل وفيات الاطفال، الا أن مسؤولا كبيرا في وزارة الصحة العراقية شكك في استنتاجات منظمة «ميداكت»، واعتبر انها قد تكون «مدفوعة من جهة سياسية».

وكشف التقرير ان نحو 75 في المائة من الاطباء والصيادلة والعاملين بالتمريض العراقيين تركوا وظائفهم منذ الغزو، الذي قادته الولايات المتحدة على البلاد عام 2003. وهاجر أكثر من نصف الفارين. وأضاف التقرير الذي يحمل عنوان «اعادة التأهيل تحت النيران»، واوردته وكالة رويترز ان «القطاع الصحي في حالة فوضى ليس فقط بسبب الوضع الامني السائد، ولكن أيضا بسبب الافتقار لاطار عمل مؤسسي ونقص كبير في العاملين وانقطاع الكهرباء ونقص امدادات المياه النقية والانتهاكات المتكررة للحياد الطبي».

وحسب التقرير ليس في العراق حاليا سوى تسعة الاف طبيب، أي بمعدل ستة أطباء لكل عشرة الاف شخص، بالمقارنة مع 23 طبيبا لكل عشرة الاف في بريطانيا. وقالت المنظمة «الفشل المتكرر في ادراك الوضع الخاص للخدمات الصحية والعاملين في أوقات الصراع اوجد مناخا سادت فيه انتهاكات معاهدة جنيف». وأضافت ان ذلك اثار انتقادات خاصة بوزارة الدفاع الاميركية التي ادارت شؤون العراق بعد الغزو مباشرة. فقد انتهجت الوزارة برنامجها الخاص بها المتعلق باعادة بناء القطاع الصحي متجاهلة الممارسات الدولية.

ومن بين أكثر من 18 مليار دولار خصصت لاعادة اعمار العراق، تم توجيه اربعة في المائة منها فقط للرعاية الصحية. وفي حين ارتفع نصيب الفرد من الانفاق على الرعاية الصحية من 23 دولارا في 2003 الى 58 دولارا في 2004، قالت ميداكت ان البيروقراطية والافتقار للكفاءة أديا الى ان جزءا من ميزانية الرعاية الصحية لم ينفق بعد. واضافت: منحت العقود الكبيرة لاعادة اعمار القطاع الصحي بتسرع شديد وبقليل من المشاورات.

وتابع التقرير: «النتائج السريعة وتحقيق انجازات ملموسة، مثل المباني وان كانت جذابة سياسيا، الا انها امتصت موارد مهمة من دون كفاءة، ولم تنجح في ارساء أسس بعيدة المدى». ونتيجة لرغبة الولايات المتحدة في تنفيذ برنامج الخصخصة، اتخذ قرار كذلك بإعادة كتابة نشرة الادوية التي توردها وزارة الصحة العراقية. وقالت ميداكت ان هذه كانت عملية مكلفة وتفتقر للكفاءة، ولم توفر شيئا للمرضى. وتابع التقرير أن معدل وفيات الاطفال دون سن الخامسة يقترب الان من مستواه في دول جنوب الصحراء في افريقيا، على الرغم من ان العراق دولة غنية نسبيا وتتمتع بموارد ومستوى مرتفع من التعليم. وقال التقرير ان ثمانية ملايين عراقي يحتاجون الى مساعدات طبية عاجلة. وتابعت المنظمة أن العراقيين، سواء الزعماء السياسيين او الخبراء في مجال الصحة والمجتمع، يجب ان يكون لهم صوت أكبر في تطوير القطاع الصحي. كما طالبت المنظمة كذلك بتجدد الاهتمام بالصحة العقلية وهو مجال طبي كان يحظى دائما باهتمام محدود في العراق. وقالت «هناك مشكلات كبيرة تتعلق بالصحة العقلية... فكثيرون لا يجدون رعاية تذكر في مجال الصحة العقلية، ويوصم بالعار المصابون ببعض الاختلالات العقلية». من جهته، أكد المفتش العام في وزارة الصحة العراقية عادل محسن عبد الله، أن هذه الأرقام «غير دقيقة.. وما يتوفر لدينا من أرقام تشير لعكس ذلك وجميعها مسجلة لدى الأمم المتحدة بشكل رسمي». وأضاف عبد الله لـ«الشرق الأوسط» عن هروب أكثر من 75% من الكوادر الطبية العراقية الى الخارج «هذا رقم مبالغ فيه وصحيح أننا فقدنا الكثير من كوادرنا، لكن ما فقدناه هو 25% من الأطباء والصيادلة و5% من الكوادر الصحية».

أما بخصوص وفيات الأطفال، فأوضح المفتش العام أن «ما اورده التقرير، وكما قلنا. أرقام غير دقيقة ولا علم لي من أين أتت بها المنظمة المذكورة، لكننا نعتمد على أرقام موثقة لدى منظمة الصحة العالمية ووزارة التخطيط والتعاون الإنمائي العراقية ووزارة الصحة العراقية، وهي تؤكد أن عدد وفيات الأطفال ممن هم دون الخامسة من العمر كانت في العراق عام 1999 تبلغ 128 طفلا لكل ألف طفل والإحصائية الأخيرة لعام 2007، أشارت إلى تراجع هذه الأرقام حتى وصلت إلى 41 طفلا لكل ألف طفل، وهذا يعني أننا تمكنا من تقليل العدد بنسبة الثلث تقريبا». وأشار عبد الله إلى «أن هناك منظمات تعتمد في تقاريرها على أناس لهم أجندات سياسية يحاولون تشويه صورة العراق من خلال الواقع الصحي ولهذا فهي تقارير لا استبعد أن تكون ذات بعد سياسي أكثر مما هي مهنية، ونحن أناس مهنيون لا نتعامل بهكذا ملفات سياسية ونعتمد على ما يتوفر لدينا من أرقام تجمع من المؤسسات الصحية بشكل مباشر».