عدد من العوامل قد تجعل أولمرت يصمد أمام تحديات انسحاب «إسرائيل بيتنا»

TT

انسحاب حزب «اسرائيل بيتنا»، برئاسة أفيغدور ليبرمان، من الائتلاف الحاكم سيدخل حيز التنفيذ غدا، أي بعد مضي 48 ساعة على تقديم رسالة الاستقالة. وعندها سيصبح الائتلاف بأكثرية 67 نائبا (من مجموع 120 نائبا). وإذا لم يشكل هذا الانسحاب بداية انهيار لحكومة أولمرت فإنه سيدخلها في أزمة حزبية بشكل محتم. ومع ذلك، فلا بد من الملاحظة كيف يستغلها أولمرت لصالحه، كونها تدل ـ كما قال ـ على مدى جديته في التقدم في المفاوضات مع الفلسطينيين حول التسوية الدائمة.

فهذا الانسحاب يتيح لأولمرت أن يتباهى أمام الرئيس الأميركي، جورج بوش، وكذلك أمام الفلسطينيين والعرب بأنه صادق في نواياه التفاوضية، ومستعد لدفع ثمن باهظ على الصعيدين الحزبي والشخصي.

وانسحاب ليبرمان، من الناحية النظرية، لا يحدث مشكلة لأولمرت. فهو قد خسر 11 نائبا، لكنه ما زال يتمتع بأكثرية مطلقة في الكنيست. ولكن من الناحية العملية هناك مشكلة في كل حزب من أحزاب الائتلاف، ينبغي على أولمرت مجابهتها. فحزب العمل (19 نائبا) برئاسة وزير الدفاع، ايهود باراك، ينتظر صدور التقرير النهائي للجنة فينوغراد للتحقيق في اخفاقات الحرب الأخيرة على لبنان، في 30 يناير (كانون الثاني) الجاري.

وكان باراك قد تعهد بالانسحاب من الحكومة إذا أدانت لجنة فينوغراد القيادة السياسية. وهو يتردد في تنفيذ وعده وغالبية أنصار حزبه يطالبونه بالبقاء في الحكومة طالما انها تدير مفاوضات سلام جادة مع الفلسطينيين. إلا أن باراك يتعرض لضغوط كثيفة للإيفاء بتعهداته. وهناك حليف آخر لأولمرت في الحكومة هو حزب المتقاعدين (7 نواب) الذي يعاني من صراعات داخلية. ويحاول الليكود استمالة ثلاثة نواب منه لينسلخوا عن الائتلاف الحاكم وينضموا إلى المعارضة اليمينية. وحتى في حزب «كديما» بقيادة أولمرت، فإن الأمور ليست ثابتة. بعض قادة هذا الحزب يرون أن الإبقاء على أولمرت زعيما يعتبر انتحارا سياسيا. فاستطلاعات الرأي تشير إلى انه في الانتخابات المقبلة سيتقلص هذا الحزب إلى 10 نواب (29 حاليا)، إذا بقي أولمرت في قيادته، بينما سيحافظ على معظم قوته إذا استبدل أولمرت بقائد آخر مثل تسيبي لفني أو آفي ديختر، أو غيرهما. وهناك عناصر يمينية في هذا الحزب، مثل وزير المواصلات، شاؤول موفاز، ووزير الاسكان، زئيف بويم، وغيرهما، يقيمون اتصالات مع الـ«ليكود» لإمكانية الانسلاخ عن «كديما» والعودة إلى صفوف حزبهم القديم (الليكود). ورغم كل المؤشرات فإن أولمرت لا يزال متفائلا بالصمود في وجهها. وهو يعتمد في تفاؤله على صفقة تبادل أسرى يعود بموجبها الجندي الأسير، جلعاد شليط، لعائلته مقابل إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين، وربما ينجح في صفقة أخرى مع حزب الله لاستعادة جنديين أسيرين، فمثل هذه الصفقة قد تحسن وضعه كثيرا. كما يعتمد اولمرت أيضا على الدعم الأميركي المباشر، الذي يقوده بوش شخصيا، وللادارة الأميركية تأثير قوي على معظم السياسيين الإسرائيليين خصوصا في الائتلاف الحكومي الحالي. ويعتمد أولمرت على التحسن الكبير في الوضع الاقتصادي في إسرائيل خلال فترة حكمه والتحسن في الأوضاع الأمنية (حيث انخفض عدد القتلى الإسرائيليين وتوقفت العمليات التفجيرية داخل إسرائيل)، والتقدم في المسار السياسي (الذي قد يتيح ضم حزب «ميرتس» اليساري إلى الائتلاف، وكذلك دعما خارجيا من الأحزاب العربية).