إيران تحذر من أن العقوبات على الاستثمار في قطاع النفط قد تضر بإمدادات النفط العالمية

مسؤول ببنك «المستقبل» الإيراني ـ البحريني لـ «الشرق الأوسط» : قرار البنك الأهلي وقف المعاملات مع طهران اتخذ منذ عام

وزير الاقتصاد الإيراني مع مسؤولين بالغرفة التجارية الهندية خلال مشاركته في مؤتمر اقتصادي في نيودلهي أمس (أ.ب)
TT

حذرت إيران من أن العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها قد تضر بإمدادات النفط العالمية، موضحة أن ذلك سيضرها، كما سيضر الدول المستهلكة. لكن طهران لم تلوح باستخدام سلاح النفط في إطار التصعيد بينها وبين اميركا. ويأتي ذلك فيما كشف مسؤول ببنك «فيوتشر (المستقبل)» او البحريني ـ الإيراني ان خطوة البنك الاهلي المتحد، أكبر البنوك البحرينية، وقف المعاملات المالية مع إيران، اتخذت منذ عام ولم يكشف عنها اعلاميا إلا قبل أيام فقط. وحول التحذيرات الإيرانية من تأثير العقوبات على الاستثمار في قطاع النفط وبالتالي على امدادات النفط العالمية، قال حسين كاظمبور اردبيلي مندوب ايران الدائم لدى «اوبك» إن أي عقوبات غربية على الاستثمارات في قطاع الطاقة الايراني قد تهدد امدادات الطاقة وتضر ايضا بالدول المستهلكة. وامتنع اردبيلي عن القول ما اذا كان يعتقد أنه ينبغي لإيران رابع اكبر منتج للنفط في العالم استخدام النفط كسلاح في حالة فرض الامم المتحدة مزيدا من العقوبات على بلاده في اطار نزاعها مع الغرب بسبب الانشطة النووية لطهران. وقال لصحيفة «إيران» شبه الرسمية، انه لا يعتقد أنه ينبغي لبلاده ان تحرم نفسها من أي أدوات تحت تصرفها، ولكن لمّح بان أي اجراء مثل هذا قد يضر ايران ايضا. وقال كاظمبور اردبيلي في المقابلة «ينبغي القول ان اخذ قرار يضر بالطرف الاخر يمكن ان يضر ايضا الشخص نفسه». ولم تستهدف العقوبات حتى الان قطاع النفط والغاز بشكل مباشر في ايران ثاني أكبر منتج في «اوبك». لكن الولايات المتحدة تسعى لإثناء شركات النفط العالمية عن العمل مع ايران. وقد بدأت ايران تشعر بالقلق بسبب انسحاب شركات دولية من الاستثمار في قطاع النفط والغاز بها. وقال كاظمبور اردبيلي انه لا يعتقد أن مجلس الامن الدولي سيتمكن من الاتفاق على عقوبات جديدة وان من المستبعد أن تؤيد روسيا والصين مثل هذه الاجراءات. وأضاف انه لكي تواصل ايران تصدير النفط «فلا يمكن أن تكون هناك أي عقوبات على الاستثمارات». وتابع «ينبغي لكبار المستهلكين في العالم الاجابة على هذا السؤال.. كيف يمكن ان تكون هناك حاجة للنفط والغاز في نفس الوقت الذي تقيد فيه دولة تملك ثاني اكبر احتياطيات وهي منتج كبير للنفط والغاز. في هذه الاحوال فان أمان الامدادات سيكون في خطر. ونحن نعرف أن الجميع سيدفع ثمن هذا الارتفاع في التكلفة». ويقول محللون ان ايران تحتاج لاستثمارات وخبرة اجنبية كبيرة لزيادة انتاج النفط بشكل ملموس.

وتأتي المقابلة قبل بضعة أيام من اجتماع متوقع للقوى الكبرى في برلين لبحث مشروع قرار ثالث محتمل بفرض عقوبات على الجمهورية الايرانية بسبب رفضها وقف تخصيب اليورانيوم. وحول ما إذا كانت جولة العقوبات الثالثة التي تناقشها دول مجلس الامن والمانيا ستتطرق الى قطاع النفط والغاز الإيراني، قال مسؤول بالخارجية الاميركية لـ«الشرق الاوسط» إن مسودة العقوبات التي ستناقش تتركز حول البنوك الإيرانية التي لها علاقة بدعم البرنامج النووي الإيراني أو دعم الأرهاب، موضحا انه لا علم له بإدارج قطاع النفط والغاز في قائمة العقوبات التي ستبحث في برلين. الى ذلك كشف مسؤول ببنك «المستقبل» الإيراني ـ البحريني لـ«الشرق الاوسط» ان خطوة البنك الأهلي المتحد، بوقف التعاملات المالية مع إيران اتخذت منذ عام، وظل القرار سرا الى ان أعلن عنه قبل أيام قليلة. وأعرب المسؤول بـ«بنك المستقبل» عن اعتقاده بأن القرار «سياسي الطابع». وحول تأثير خطوة البنك الاهلي المتحد على «بنك المستقبل» (بنك مختلط، الأسهم فيه 33% للبنك الاهلي المتحد، و33% لبنك «صادرات» الإيراني، و33% لبنك «ملي» الإيراني)، قال المسؤول بـ«بنك المستقبل» ان الشراكة بين البنك الاهلي والبنكين الإيرانيين لن تتأثر بقرار البنك البحريني. ويأتي ذلك فيما قال الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد امس، إن اسرائيل «لن تجرؤ على مهاجمة ايران»، بعد ان قالت اسرائيل انها اختبرت صاروخا عقب تحذيرات ضد برنامج ايران النووي المثير للجدل. وفي تصريحات لتلفزيون الجزيرة ترجمتها قناة التلفزيون الى العربية، قال أحمدي نجاد «ان الكيان الصهيوني ليس له الجرأة للاعتداء على ارض ايران لانه يعلم بان اي اعتداء على الاراضي الايرانية سوف يلاقي ردا عنيفا وصارخا. الرد الايراني سيجعلهم نادمين وهم يعلمون ذلك». واضاف «ان الكيان الصهيوني وهو يتمتع بجميع الامكانات والدعم من قبل الادارة الاميركية وبعض الدول الغربية .. فهل أسلحة هذا الكيان اسلحة قليلة حتى يطرح اليوم اسلحة جديدة». واختبرت اسرائيل في وقت سابق امس صاروخا وحثت الغرب على العمل بحزم اكبر لمنع «ظهور ايران نووية». وقال احمدي نجاد «انني اتصور بان هذه التصريحات لن تحسن اوضاع الكيان الصهيوني ولن تنقذه من السقوط المحتوم. ان هذا الكيان اللقيط قد فقد فلسفة وجوده. من اين جاءوا هؤلاء.. لماذا احتلوا ارض فلسطين.. ليس هناك شعب من شعوب المنطقة يقبل بهذا الكيان». وقال راديو اسرائيل ان الصاروخ الذي جرى اختباره قادر على حمل «رأس غير تقليدي». ويقول الخبراء ان هذا يعني انه قادر على حمل رأس نووي.

وفيما تتسارع الخطوات الاميركية لتعزيز الضغوط على إيران بينما لم يتبق للرئيس الاميركي جورج بوش سوى عام في السلطة، قال مسؤولون ومحللون اميركيون لـ«الشرق الأوسط» انه لا توجد تغييرات كبيرة في استراتيجية ادارة بوش حيال إيران، مشيرين الى ان السبب في التصعيد الكلامي الأخير من جانب واشنطن هو ان إيران لم تفعل ما يكفي في العراق او في لبنان، وان الادارة الاميركية تريد ان تكون أكثر صرامة حيال طهران، لكن في اطار نفس الاستراتيجية العامة التي اتبعتها خلال العامين الماضيين. وقال مسؤول بالخارجية الاميركية لـ«الشرق الاوسط» ان واشنطن في هذا الاطار تريد تعزيز العقوبات على إيران، وذلك بإصدار سلة ثالثة من العقوبات. وهي المهمة التي ستحاول وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس ونائبها جون نيغربونتي النجاح فيها خلال مباحثاتهما هذا الاسبوع في المانيا والصين. من ناحيته، قال جون الترمان، الخبير بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، لـ«الشرق الأوسط» ان كل الخيارات ما زالت متاحة بالنسبة لبوش، موضحا ان استراتيجية «الاحتواء» ليست بديلا عن التهديد بالخيار العسكري. وتابع الترمان: «الكلام حول ان المفاوضات المباشرة بين ايران واميركا حول العراق يحول العلاقات بينهما الى علاقات طيبة بهذه السرعة غير واقعي. العلاقات بين اميركا وايران تحتاج الى مرحلة طويلة من الاستقرار وبناء الثقة وبعد ذلك يمكن الحديث عن تحسن حقيقي في العلاقات». واستشهد الترمان بنموذج العلاقات الليبية ـ الاميركية، موضحا انه بعدما قررت طرابلس وقف برنامجها النووي ظلت العلاقات بين الطرفين لفترة من الزمن ثابتة بدون تدهور او تقدم، واستغرق الامر سنوات كي يتم بناء ثقة متبادلة بين طرابلس وواشنطن، سمحت بنقل علاقات البلدين للأمام. وقال الترمان لـ«الشرق الأوسط»: «ان ادارة بوش تحتاج من الإيرانيين الى أكثر من التعاون في العراق» موضحا: «تعاونت طهران فيما يتعلق بالعراق لسبب رئيسي وهو ان ذلك يحفظ مصالحها ايضا». الى ذلك، دعت هيئة للمحاسبة في الكونغرس الاميركي الادارة الاميركية الى اعادة النظر في العقوبات التي فرضتها على ايران في العقدين الاخيرين، مشككة في فاعلية هذه الاجراءات. وشكك التقرير الذي اصدرته هيئة مساءلة الحكومة في الكونغرس عن فاعلية العقوبات التي فرضتها واشنطن منذ 1987 على ايران بتهمة التورط في الارهاب. وعرض التقرير على لجنة فرعية في الكونغرس الشهر الماضي، ونشرت منه مقتطفات اول من امس. وقالت الهيئة في ملخص ارفق بتقريرها الذي ينشر حاليا على موقعها على شبكة الانترنت ان «المسؤولين الاميركيين والخبراء يقولون ان العقوبات الاميركية تؤدي الى آثار محددة على ايران، لكن هذه الآثار يصعب تحديدها». واضافت «اولا، يقول المسؤولون الاميركيون والخبراء ان العقوبات الاميركية قد تكون ابطأت الاستثمار الخارجي في قطاع النفط الايراني ما يحد من قدرة ايران على تمويل شراء مواد محظورة ونشاطات مرتبطة بالارهاب».

وتابعت «ثانيا، يؤكد المسؤولون الاميركيون ان العقوبات المالية تمنع الاطراف المشاركة في انتشار الاسلحة في ايران والنشاطات الارهابية من دخول النظام المالي الاميركي ويعقد الدعم لنشاطات من هذا النوع». واشار التقرير الى قرار الحكومة الاميركية في يناير (كانون الثاني) 2007 فرض عقوبات على مصرف «سباه» الايراني بتهمة دعم انتشار اسلحة للدمار الشامل. وتمنع هذه العقوبات المصرف من دخول المؤسسات المالية الاميركية وتحد من قدرته على ابرام صفقات بالدولار. وتابعت «ثالثا، تحدث المسؤولون عن آثار واسعة للعقوبات مثل تقديم صورة واضحة عن القلق الاميركي بشأن ايران» لكن هناك ادلة اخرى تسمح بالتشكيك في تأثير هذه العقوبات الاقتصادية. وقالت الهيئة ان طهران وقعت مثلا عقودا في قطاع الطاقة مع شركات اجنبية تقدر قيمتها مجتمعة بعشرين مليار دولار «مع انه من غير المؤكد ان هذه العقود ستنفذ». واضافت انه من الممكن جدا ان تستخدم المصارف التي فرضت عليها عقوبات مؤسسات مالية اخرى، او ان تختار عملات اخرى، غير الدولار، لتمويل عملياتها. واشارت الى ان ايران ما زالت تحصل على مكونات اسلحة متطورة وتقوم بتخصيب اليورانيوم وبدعم الارهاب. ودعت الهيئة مجلس الامن القومي في البيت الابيض والوكالات الاساسية الاخرى الى اعادة النظر في عقوباتها على ايران وتحديث معطياتها في هذا الشأن.