زكريا الزبيدي من كتائب الأقصى إلى مسرح الحرية في جنين

زبيدي مع تلاميذه أمس (أ.ف.ب)
TT

يقضي زكريا الزبيدي، قائد كتائب الاقصى في الضفة الغربية، وأحد ابرز المطلوبين الفلسطينيين، قبل منحه عفوا اسرائيليا، معظم وقته في الاشراف على بناء وتطوير مشروع فني من الواضح، انه يمنح زكريا بعض الأمان، على غير عادته، ويجنبه ملاحقة الاسرائيليين. ويحمل المشروع، اسم «مسرح الحرية». وهو مشروع تعلق به زكريا عندما كان عمره 16 عاما. ويقول الزبيدي، انه عاد الى هوايته الاولى، العمل في المسرح، لكن هذه المرة ليس ممثلا، بل من اجل تشجيع الاطفال وتنمية مواهبهم، وترك مساحة جيدة لهم، للتعلم والمتابعة والترويح.

ويفيد مسرح الحرية، الذي بني في مخيم جنين، أحد أشهر المخيمات الفلسطينية، ويضم قاعة للسينما، حسب الزبيدي حوالي 2000 طفل ما بين متدرب، ومشارك، ومتفرج. ويعتقد زكريا، ان المسرح يشكل رسالة موازية، لرسالة المقاومة، اذ التزم مع رفاقه بوقف العمل المسلح، كما يقول، بقرار من فتح. وهو يريد ان يواصل «النضال»، لكن بالكلام اليوم، لا بالرصاص. والزبيدي، الذي كان عادة، ما يشاهد مسلحا في شوارع مدينة جنين ومخيمها، ستجده اليوم بدون سلاح، وبلا مرافقين، يشرف ويدرب ويوجه الاطفال الذي يتحلقون حوله، بشيء من الاعجاب، ويحثهم على تعلم الفنون المسرحية، من خلال الدورات، التي يقدمها مسرحه، بشكل مجاني لاطفال المخيم، كما هي العروض الاخرى، ومنها العروض السينمائية. واقيم مسرح الحرية، بداية عام 2006، بالتعاون بين زكريا، ومخرج، «نصف يهودي»، اسمه جوليانو مير خميس. يذكر ان جوليانو هو ابن مير خميس الفلسطيني عضو الحزب الشيوعي الاسرائيلي، وامه يهودية اسمها آرنا أمضت فترة شبابها في عصابة «البالماخ» الصهيونية (المعروفة عناصرها بارتداء الكوفية الفلسطينية والاعتداء على الفلسطينيين قبل وبعد حرب 1948). وبعد تحولها الايديولوجي أي من صهيونية يمينية إلى شيوعية تخلت عن يهوديتها لتصبح مواطنة أممية. وتزوجت الفلسطيني مير خميس وأصبحت تناضل من أجل تقدم الفلسطينيين. ومن أبناء آرنا، كان جوليانو خميس، (المخرج السينمائي) الذي انتقل مع أمه إلى مخيم جنين لتدريس المسرح لأطفال المخيم. وأخرج فيلماً عن هؤلاء الأطفال لاحقاً. وفي المسرح عمل الزبيدي مع عدة اطفال، بينهم يوسف الذي قام بعملية تفجيرية في الخضيرة، عام 2001، واشرف الذي اغتيل على ايدي القوات الإسرائيلية أثناء معركة مخيم جنين عام 2002. وعلاء الذي أصبح قائد كتائب شهداء الأقصى في جنين حتى اغتياله في نوفمبر (تشرين الثاني) 2002.

يوسف وأشرف وعلاء وزكريا، كانوا ناشطين في «مسرح الحجر». الذي اقامته ارنا، واغلق بعد وفاتها عام 1995. ويعتبر زكريا اليوم، ان مسرح الحرية، هو امتداد لمشروع ارنا، وتخليد لذكرى رفاقه.

ويقدم الزبيدي، دعمه للمسرح، ويستثمر بعض علاقاته حتى مع متطوعين ومتضامنين اجانب، ومع جامعات فلسطينية، بينها الجامعة العربية الاميركية في جنين، لتعليم الاطفال فنون المسرح والسينما.

ومثل زكريا، يبحث اخرون من كتائب الاقصى عن حياة جديدة، بعد قرار السلطة الفلسطينية تفكيك الكتائب، وبعضهم لجأ للاجهزة الامنية، لكن ليس نزولا عند رغبة السلطة فقط.