تركمانستان توقف الغاز عن إيران .. فتوقفه طهران عن تركيا.. فتوقفه أنقرة عن اليونان

لعبة «دومينو» تتأثر بها سلبا كل الأطراف

TT

بعدما امتدت ازمة الغاز بين تركمانستان وإيران الى تركيا، يبدو أنها بطريقها للامتداد الى اليونان، فقد قال وزير الطاقة التركي حليم جولر أمس ان طهران وانقرة تواصلان محادثاتهما بشأن استئناف تدفقات الغاز الى تركيا وأضاف ان أنقرة ليس لديها خطط فورية لاستئناف تدفقات الغاز الى اليونان، والتي أوقفتها أنقرة الى اثينا بسبب أزمة الغاز في إيران.

وأوقفت ايران صادرات الغاز الى تركيا يوم السابع من يناير (كانون الثاني)، مشيرة الى نقص في السوق المحلية وبرودة الطقس، مما أحدث آثارا متتابعة على تركيا التي أوقفت صادراتها لليونان عبر خط انابيب افتتح حديثا. وقال الوزير التركي على هامش مؤتمر في اسطنبول «مازلنا نجري محادثات مع ايران... لا نحتاج لإعادة ضخ الغاز لليونان لانهم لا يحتاجونه الان». وتقول ايران ان وقف الامدادات من تركمانستان دفعها لوقف صادراتها لتلبية الطلب المحلي وسط شتاء شديد البرودة. وكانت ايران قالت في وقت سابق انها ستستأنف ضخ الغاز لتركيا بحلول 14 يناير، لكن بعد انقضاء الموعد النهائي مازالت تركيا تشتري الغاز الطبيعي المسيل من السوق الفورية لتلبية الطلب المحلي. وقالت شركة جازبروم الروسية كذلك انها زادت صادراتها لتركيا لسد العجز. وتصدر ايران عادة 30 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي لتركيا يوميا، في حين تستورد نحو 23 مليون متر مكعب من تركمانستان.

وقد شهدت ايران التي تملك احتياطيات كبيرة ولكن غير مطورة من الغاز الطبيعي قطاعا من شعبها يتجمد في شتاء قارس بعد أن قطعت تركمانستان امداداتها من الغاز في نهاية العام الماضي. لكن العواقب لا تنتهي عند هذا الحد. فتركمانستان بدأت حديثا تستشعر قوة الدولة صاحبة الموارد ويتوقع المحللون أن تواصل الانتقاء بشكل عشوائي بين عملائها. والى جانب ايران فان الاتحاد الاوروبي، الذي كان يعول على غاز بحر قزوين كبديل لروسيا أكبر مورد للغاز في العالم، سيتعين عليه اعادة التفكير في الامر. وقال ستيف واردلو من مؤسسة بيكر بوتس القانونية الذي يتمتع بخبرة في التعامل مع تركمانستان لوكالة رويترز للانباء «المسألة تتعلق بالنجاح الذي تحققه الحكومات المحلية». وتطورت قدرات تركمانستان التفاوضية منذ وفاة حاكمها المطلق صابر مراد نيازوف في ديسمبر (كانون الاول) عام 2006 والذي لم يكن يبدي اهتماما يذكر بدبلوماسية الطاقة خلال فترة حكمه التي استمرت 21 عاما. وفي عهد خليفته قربان جولي بيردي محمدوف زادت المنافسة على غاز تركمانستان مع تطلع الصين وروسيا وغرب اوروبا وايران اليه. وقال ديتر هيلم من جامعة أوكسفورد «بالنسبة لاوروبا الامر في غاية الخطورة». وأضاف «اذا تم ضخ امدادات قزوين عبر روسيا وليس تركيا فان قبضة شركة جازبروم، التي تحتكر تصدير الغاز في روسيا، ستشتد على السوق الاوروبية». وفي حين يتطلع قادة تركمانستان الجدد الى تحالفات جديدة يبدو أن الحلفاء السابقين سيتضررون. وقال الكسندر كليمنت من مجموعة يوراسيا الاستشارية «هناك انفتاح أكيد ولكن حذر على اتجاهات مختلفة للسياسة الخارجية»، وأضاف «العلاقات بين ايران وتركمانستان لم تعد جيدة كما كانت من قبل». وأوقفت تركمانستان امدادات تصل الى 23 مليون متر مكعب لايران في أواخر ديسمبر متعللة بمشكلات فنية. وقالت كذلك ان فشل طهران في سداد بعض المدفوعات يعطل اصلاحات، لكن أغلب المحللين يقولون ان السعر هو المشكلة الحقيقية. وتقول ايران انها ليست مدينة بأي أموال وانها لن تناقش السعر حتى تستأنف تركمانستان الصادرات. لكن ايران ليست في وضع يسمح لها بالتفاوض. وقال جوناثان ستيرن من معهد أوكسفورد لدراسات الطاقة لرويترز «ايران في وضع صعب». وفي حين تعمل تركمانستان على اقامة خط أنابيب لامداد أوروبا فانها تجري كذلك محادثات مع الصين التي يقول المحللون انها قد ترحب بدفع أسعار مرتفعة جدا مقابل غاز تركمانستان.

وايران يربطها اتفاق بأن تدفع لتركمانستان 75 دولارا لكل ألف متر مكعب وهو ما يقل بكثير عن 130 دولارا لكل الف متر مكعب وافقت روسيا على دفعها في النصف الاول من عام 2008 ترتفع الى 150 دولارا في النصف الثاني. وتملك ايران ثاني أكبر احتياطيات غاز في العالم بعد روسيا لكنها لم تستثمر بما يكفي في البنية الاساسية. وبدون واردات من تركمانستان ـ التي تحتل المركز الثالث عشر في قائمة احتياطيات الغاز العالمية حسب التقرير الاحصائي لبي.بي ـ تجاهد ايران لتلبية الطلب المحلي المتزايد خلال فصل شتاء شديد البرودة. وقال مسؤول ايراني لرويترز ان بلاده غير قادرة على تزويد 17 مدينة بالغاز ولهذا السبب لم تف بتعهدها بامداد الغاز لتركيا سوقها الرئيسية لصادرات الغاز حتى الان وهي دولة لا يسعها اغضابها. وقال مايكل دنيسون من المعهد الملكي للشؤون الدولية في لندن «تركيا شريك مهم لايران... انها دولة تقيم ايران حوارا معها وهي في نفس الوقت حليف لاسرائيل والولايات المتحدة لذلك من المهم الابقاء على قنوات مفتوحة للحوار معها». وقطعت ايران امداداتها لتركيا يوم السابع من يناير (كانون الثاني) والتي قطعت بدورها تدفقات غاز اذربيجان لليونان. وبدأت تركيا كذلك شراء شحنات من الغاز الطبيعي المسيل من السوق الفورية مما أدى الى ارتفاع أسعار الغاز المسيل الذي يمكن على عكس الغاز الطبيعي شحنه الى أي مكان في العالم. ومازال يتعين الانتظار لمعرفة متى ستتوصل تركمانستان وايران لاتفاق يكون له أثر ثانوي على تأمين امدادات أخرى. وانقضت مواعيد سابقة لاستئناف الامدادات دون نتيجة. وقال واردلو من مؤسسة بيكر بوتس القانونية «انها ليست مشكلة يصعب حلها وقد تحل في أي وقت. السؤال هو ما نوع الاتفاق الذي ستقبله تركمانستان أخذا في الاعتبار وجود مشترين اخرين للغاز».