ساركوزي: لن أساوم على حق لبنان في الاستقلال

دعا إيران للعمل على تفادي «الفتنة» بين السنة والشيعة

TT

حمل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي «اطرافا خارجية» مسؤولية استمرار الأزمة السياسية في لبنان ودعا جميع الأطراف، في الداخل والخارج، الى تحمل مسؤولياتها والسير بخطة الحل العربية، محذرا من أن الأسرة الدولية «ستحكم على كل طرف وفق أفعاله». وحث ساركوزي إيران على العمل من أجل تفادي الفتنة بين السنة والشيعة «من العراق الى لبنان» ودعا الى سياسة «حزم » وحوار«لحمل ايران على اعطاء ضمانات بأن برنامجها النووي لا يهدف الى امتلاك سلاح نووي»، كما دعا الفلسطينيين والإسرائيليين الى الوصول الى اتفاقية سلام خلال العام الحالي. جاءت تصرحات الرئيس الفرنسي في كلمة ألقاها أمام السلك الدبلوماسي الأجنبي المعتمد لدى فرنسا بمناسبة العام الجديد.

واستغل ساركوزي المناسبة لتقديم عرض متكامل لسياسة فرنسا الخارجية ولأولوياتها الدبلوماسية هذا العام الذي سيشهد ترؤس باريس للاتحاد الأوروبي في النصف الثاني من 2008 وإطلاق الاتحاد المتوسطي في يوليو(تموز) المقبل.

وأكد ساركوزي بداية أنه «يرفض الحتميات» في حقل السياسة الخارجية، وحرص على إعادة تأكيد خياره الاستراتيجي الأول وهو«تجذير فرنسا في المعسكر الغربي»، غير أنه استعاد ما قاله أمام الكونغرس الأميركي في نوفمبر(تشرين الثاني) أنه صديق لأميركا ولكنه «صديق يقف على رجليه وحليف مستقل وشريك حر».

ويرى ساركوزي أن هذا التوجه الجديد من شأنه أن يضاعف «مصداقية وقدرة فرنسا على التأثير داخل العائلة (الغربية) وخارجها». وأشار الى رغبته في «تجديد» علاقة باريس بحلف الأطلسي، في إشارة الى رغبته في عودة فرنسا الى القيادة العسكرية الموحدة للحلف التي خرجت منها باريس بطلب من الجنرال ديغول.

وفي إشارة الى الرئيس السوري، قال ساركوزي في حديثه عن الأزمة اللبنانية:« كل مرة كانت لا تحترم فيه التوجهات التي أقرت من خلال الحوار، أو كان الحوار لا يفضي للنتائج المنتظرة، استخلصت العبر، وهذا ما فعلته مع الرئيس الأسد في ما خص لبنان». وخرج الرئيس الفرنسي عن النص المكتوب ليؤكد أن للبنان «الحق في الاستقلال»، مضيفا: «لن أتخلى أبدا ولن أساوم أبدا» على هذا الحق. أما إذا أريد «قتل هذا البلد فستكون فرنسا الى جانبه لأن التحدي في لبنان يتجاوز الأراضي اللبنانية». ورأى الرئيس الفرنسي في الأزمة اللبنانية الراهنة مسألة «بقاء لبنان كدولة مستقلة وسيدة وشعب قدم للعالم أفضل نموذج للتعايش المنسجم والتسامح واحترام الديانات الكبرى».

وشدد ساركوزي على أن احد الأهداف التي ستسعى فرنسا لبلوغها العام الحالي هو«إخراج لبنان من أزمة لا تنتهي لأن الخارج يغذيها». ومن المعروف أن باريس تتهم سورية بعرقلة الحل، الأمر الذي دفع ساركوزي الى قطع الحوار معها.

وأشار ساركوزي في كلمته الى أنه لم يفتح باب الحوار مع الرئيس الأسد حول لبنان، إلا بعد أن استشار المملكة السعودية ومصر و«القادة المعنيين» من دون أن يسميهم.

والى جانب لبنان وسورية، وجه ساركوزي رسالة انفتاح وتشدد في آن لإيران. فمن جهة اعتبر الرئيس الفرنسي أن «العقوبات ضرورية لإقناع القادة الإيرانيين بالعودة الى طاولة المفاوضات».

ومن جهة أخرى، طمأن طهران بأن أهداف فرنسا «ليست تغيير النظام الإيراني»، بل «اندماجها في منطقتها كلاعب إيجابي منذ اللحظة التي تحترم فيه القانون الدولي».

وكترجمة لما هو مطلوب من إيران، دعا ساركوزي القادة الإيرانيين الى «تهدئة التوترات القائمة حاليا بين السنة والشيعة» من العراق الى لبنان «لأن في ذلك مصلحة لإيران» كما أن من مصلحتها تفادي عودة الطالبان الى حكم أفغانستان.

وفي باب الملفات التي تشكل تحديات للعام الجاري |أشار ساركوزي الى موضوع النزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي ليقول إنه «حان الوقت» لإيجاد الحل بعد نصف قرن من التنازع. وشدد على ضرورة إنشاء الدولة الفلسطينية في 2008 وتساءل:« لماذا علينا أن ننتظر أكثر من ذلك» خصوصا أن «السلام ممكن» و«يتعين ركوب كل المخاطر للتوصل الى هذا السلام الآن».

وفي كلمته الجامعة والشاملة، دعا ساركوزي الى توسيع مجموعة الدول الثماني الأكثر تقدما بإدخال دول مثل الصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا.

ونوه الرئيس الفرنسي بإنشاء الدول الخليجية صندوقا لمساعدة الدول الفقيرة في توفير احتياجاتها من الطاقة ودعا الشركات النفطية الى أن تحذو حذوها. وكشف عن استضافة باريس للاجتماع الدولي المقبل عن أفغانستان.