غزة على موعد مع ظلام طويل بعد أن نفد الوقود المستخدم لتوليد الكهرباء

3900 مصنع أغلق أبوابه ومحطات الوقود والغاز توقفت عن العمل.. واختفى الشمع.. وكارثة صحية تهدد المرضى

طوابير الغاز ممتدة أمس في غزة.. بدون أمل في التعبئة (رويترز)
TT

إن لم يحدث تطور دراماتيكي، فإن قطاع غزة يستعد لرحلة طويلة من الظلام بعد انتهاء مخزون سلطة الطاقة الفلسطينية من الوقود الذي يشغل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع. وبدأت المحطة في التوقف عن العمل تدريجيا أمس.. وبدا الأثر واضحا في الكثير من مباني غزة حيث كانت الانوار مطفأة والمصاعد متوقفة. كما بدأت الشموع والبضائع الأخرى تنفد من المتاجر في القطاع الذي يقطنه 1.5 مليون نسمة بسبب زيادة الطلب ونقص المعروض. كما أغلقت محطات الوقود أبوابها.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، قال كنعان عبيد، نائب رئيس سلطة الطاقة الفلسطينية في القطاع، إن التيار الكهربائي سينقطع بشكل تام عن قطاع غزة في غضون ساعات بسبب نفاد الوقود. وكان وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود براك قد اصدر قبل ثلاثة ايام تعليمات بإغلاق جميع المعابر الحدودية المؤدية والقطاع ومنع حركة تنقل البضائع من والى القطاع بشكل نهائي.

وقال عبيد ان محطة توليد الكهرباء لا تملك أي احتياطي من الوقود، محذراً من أن كوارث انسانية وصحية وبيئية ستحل بالفلسطينيين في القطاع إن لم يتم حل المشلكة في وقت سريع. ونوه عبيد الى أن محطة الكهرباء الوحيدة بالقطاع عن توقف عمل كافة المولدات في الثامنة من مساء اول امس السبت لعدم توفر الوقود. وأغلقت 180 محطة للمحروقات أبوابها، الأمر الذي دفع آلاف الفلسطينيين الذين توجهوا طلباً للوقود والغاز للعودة من حيث اتو. وطاف الكثير من الفلسطينيين اليائسين صباح امس على محطات تعبئة الغاز، إلا أن جميع المحطات قد اغلقت ابوابها. في نفس الوقت انقض الكثير من المواطنين الفلسطينيين على محلات البقالة لشراء ما تبقى من شمع للإضاءة. وفي الكثير من محلات البقالة في مدينة غزة نفذ الشمع بسرعة كبيرة بسبب ازدياد الطلب عليه.

ويهدد الإغلاق الوضع الصحي في القطاع بشكل غير مسبوق، حيث أن معظم أصناف الدواء باتت غير متوفرة في المستشفيات والعيادات الصحية. وقال الدكتور باسم نعيم، وزير الصحة في حكومة اسماعيل هنية المقالة، إنه في حال لم يتم اعادة فتح المعابر الحدودية فان كارثة صحية غير مسبوقة ستحل بآلاف المرضى، منوهاً الى أن المئات من المرضى سيكونون عرضة للموت بسبب نقص الأدوية وبسبب تعطل التجهيزات الطبية. في نفس الوقت اعلنت اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار موت الضحية الثانية والسبعين الذي توفي لعدم سماح سلطات الاحتلال له بالسفر للخارج لتلقي العلاج.

الى ذلك اعلن اتحاد للصناعات الفلسطينية في غزة أن مصانع غزة البالغ عددها 3900 مصنع قد اغلقت ابوابها بالكامل، بما فيها المصانع التي تنتج المواد الغذائية، بعد توقف امدادات الوقود والمواد الخام. من ناحيته وصف وزير الإعلام الفلسطيني السابق مصطفى البرغوثي الأوضاع في غزة بأنها كارثة انسانية شاملة. واعتبر ان هناك خطراً جدياً يتهدد حياة الآلاف من الناس بسبب «الحصار الظالم»، الذي تفرضه اسرائيل. من ناحيته دعا جمال الخضري رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار المؤسسات والمنظمات الحقوقية الدولية للتحرك السريع لإنقاذ قطاع غزة، مستهجناً عدم تحرك المؤسسات الدولية لإغاثة غزة. وفي مؤتمر صحافي عقده في غزة صباح امس، قال الخضري ان غزة باتت منطقة منكوبة، وأنها مُقدمة على كارثة إنسانية أكبر من الحالية، بسبب الحصار وإغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات والمواد الغذائية، وتقليص الوقود، ومنع سفر المرضى والجرحى، ونقص الأدوية، مما تسبب في وفاة 72 حالة مرضية خلال 72 يومياً، أي بمعدل حالة كل يوم. ونوه الخضري الى إن 80 في المائة من سكان غزة يعيشون تحت خط الفقر، والبطالة أكثر من 65 في المائة، مشيراً إلى أن مليون ومائة ألف في غزة يعتمدوا على معونات على الأونروا التي بدأت تنفد. وشدد على أن وقف إدخال المساعدات لغزة حكم بالإعدام على مليون ونصف مليون إنسان في غزة، بعد توقف إدخال البضائع وتعطل المصانع والمنشآت وورش العمل، ومشاريع إنشائية ومقاولات، وتعطل 140 ألف عامل عن العمل.

وأكد مسؤولون في الاتحاد الأوروبي الذي يمول شحنات الوقود الى محطة الكهرباء في زة أن أحد المحركين توقف وأن المحطة تعمل الآن بنصف طاقتها تقريبا. وقال مسؤول رفيع بالاتحاد الأوروبي مشارك في برنامج الوقود «عد شهرين من لخفض أصبحت امداداتهم من الوقود متدنية للغاية. المسألة مسألة ساعات الآن». وأضاف أن آخر شحنة وقود يمولها الاتحاد الأوروبي كانت يوم الخميس وأنه لم يسمح بوصول أي وقود امس.

ويقول مسؤولون اسرائيليون وفلسطينيون ان سكان غزة في العادة يستهلكون 200 ميغاوات من الكهرباء منها 65 ميجاوات تولدها محطة الكهرباء المحلية. في حين يحصل الفلسطينيون على الكمية المتبقية من اسرائيل ومصر. ويقول منتقدون ان خفض امدادات الوقود بمثابة «عقاب جماعي» غير مشروع على غزة التي تعتمد بصورة كبيرة على المساعدات الخارجية. وقال كريستوفر جانيس المتحدث باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا) التي لم يسمح بوصول شحناتها انه اذا ما أغلقت المحطة «فسوف يكون لذلك أثر كبير على الحياة اليومية لمئات الآلاف من سكان غزة». وذكرت صحيفة «معاريف» الاسرائيلية أمس أن الجيش الإسرائيلي سيفرض حظرا على دخول الأطعمة والادوية وجميع المستلزمات الأساسية حتى الأدوية الطبية ما عدا الضرورية منها لقطاع غزة. ونقلت الصحيفة عن ضابط كبير قوله «إذا أراد الفلسطينيون طعاما وأدوية فعليهم أن يتوجهوا إلى مصر»، مشيرا إلى أن «ضباطا في الارتباط العسكري الاسرائيلي في معبر ايرز أعربوا لقيادة الجيش عن مخاوفهم من أزمة طاحنة خلال أيام في غزة بسبب النقص الكبير في احتياجات السكان».