أوباما يظن أحيانا أنه يتنافس مع بيل كلينتون.. وهيلاري تجد «صعوبة في مناقشته»

مناظرة حادة بين المرشحين الديمقراطيين وادواردز يهاجم الإثنين ويصور نفسه المنقذ

TT

يبدو أن جنسا جديدا ظهر فجأة في الولايات المتحدة الاميركية، غير اجناس البشر المعروفة من نساء ورجال وسود وبيض، جنس جديد يدعى «جون». ففي مناظرة جرت ليل أول من أمس بين المرشحين الديمقراطيين للرئاسة الاميركية، قال السيناتور باراك أوباما بكل جدية وهو يتحدث عن انفتاح حزبه على الجميع وتنوع أجناس المرشحين: «أنظروا الى المسرح. هناك امرأة (وهو يشير نحو منافسته هيلاري كلينتون)، ورجل أسود (ويقصد نفسه).. وجون (مشيرا وهو يضحك الى شماله حيث جلس المرشح الديمقراطي الثالث الابيض جون ادواردز)».

مزحة أوباما أمتعت الحضور وأضحكت منافسيه كثيرا، الا ان هذه اللحظات كانت نادرة في المناظرة التي دعت اليها شبكة الـ«سي أن أن» المرشحين الديمقراطيين الثلاثة. فالمنظارة التي استمرت ساعتين، شهدت توترات وصدامات بين أوباما وكلينتون خصوصا، وتحولت في بعض الاماكن الى تراشق اتهامات واتهامات مضادة بينهما ما أزعج المرشح الثالث الذي راح يصارع كي يتحدث. واضطر بعد نحو نصف ساعة من بدء المناظرة أن يقاطع جدل بينهما ويقول: «أريد فقط أن اذكر أن ثلاثة أشخاص يشاركون في هذه المناظرة وليس اثنين». ومنذ بداية المناظرة التي جرت في ولاية كارولينا الجنوبية حيث توجه المرشحون الى ناخبين نصفهم من الاميركيين الافارقة عليهم ان يختاروا مرشحهم السبت المقبل، بدأت هيلاري بالتصويب على منافسها أوباما وكان واضحا انها كانت تحاول زعزعة صورة الرجل الصادق أمام الناخبين، وهي صفة حاول أوباما منذ بداية الحملة الانتخابية التركيز عليها وابرازها في شخصيته في مقابل ابراز تناقضات منافسته. واتهمت أوباما الذي من المهم بالنسبة اليه الفوز بهذه الولاية اذا ما اراد الاستمرار قويا في المعركة، بأنه لا يعطي أجوبة واضحة وأنه لا يتحمل مسؤولية قرارات يتخذها، وقالت له: «سيناتور اوباما، من الصعب فعلا اجراء نقاش واضح معك لانك لا تتحمل ابدا مسؤولية كل تصويت تقوم به. من الصعب جدا الحصول منك على اجوبة واضحة»، وذلك في نقاش حول الحرب على العراق وتصويت اوباما على ميزانية الحرب رغم معارضته الحرب نفسها.

كما استغلت هيلاري تصريحات كان قد أدلى بها أوباما قبل أيام حول الرئيس الجمهوري السابق رونالد ريغان، عندما قال ان ريغان كانت له أفكار كثيرة عندما تولى الرئاسة، واتهمته بأنه معجب بسياسة ريغان، وقالت: «إنه يحب أفكار الجمهوريين». الا ان اوباما رد بغضب واتهمها بتشويه كلامه، هي وزوجها الرئيس السابق بيل كلينتون. واعترف بأنه قال ان ريغان كانت لديه أفكار انما أوضح أنه لم يقصد انها افكار جيدة.

واستغل اوباما من جهته الفرصة أيضا لمهاجمة بيل كلينتون الذي يقود حملة شرسة الى جانب زوجته خصوصا في ولاية كارولينا الجنوبية حيث يتمتع بشعبية كبيرة بين الاميركيين الافارقة، واتهمه أوباما بأنه يشوه تصريحاته. وردت هيلاري بغضب قائلة: «أنا هي التي هنا وليس زوجي». ورد أوباما قائلا: «أحيانا لا أدري مع من أتنافس معك ام مع زوجك»، وتابع اوباما قائلا ان بيل يحاول تشويه صورته عبر اطلاق شائعات لا أساس لها من الصحة عنه. وبين تبادل الاتهامات، شدد المرشحون على برامجهم الاقتصادية والصحية، واستغلوا يوم مارتن لوثر كينغ للتأكيد أنهم مع المساوات بين جميع الاميركيين. وحاول ادوادرز ان يبرز نفسه وكأنه أرفع من الجدل الذي دار بين منافسيه، وانتقد جدلهما قائلا: «أريد فقط أن اعرف ما الذي سيؤمن الرعاية الصحية والعلم لمواطني كارولينا الجنوبية. الجدل القائم بينكما أم الحديث عن الامور الاقتصادية والصحية؟». وانتقد ادواردز الاثنين ولم يشكل هذه المرة جبهة موحدة مع أوباما ضد كلينتون كما فعل في المناظرة الاخيرة، وحاول ابراز نفسه وكأنه الوحيد الذي يهتم فعلا بقضايا الاميركيين بدلا من اهتمامه بتبادل اتهامات شخصية كمنافسيه.

وتمكن المرشحون من الاتفاق حول انتقاد الرئيس الاميركي جورج بوش والجمهوريين، محذرين من أن وصولهم مجددا الى البيت الابيض سيؤدي الى تدهور الوضع الاقتصادي وازدياد الهوة بين الفقراء والاغنياء في الولايات المتحدة. ولم يغب الحديث عن الاجناس، وتناول المرشحون جميعهم الموضوع محاولا كل منهم ابراز أنه الافضل في الدفاع عن الاقليات السوداء. فهيلاري ذكرت بفترة رئاسة زوجها الذي عرف بأنه «أب السود»، وادوارز تحدث عن أنه ابن هذه الولاية وعاش بين أبنائهم وهو أكثر من يفهمهم ويعرف ما يعانون منه. وطبعا أوباما قال إنه لا ينتظر من رئيس غير أسود أن يفهم أوضاع السود بقدره، مشيرا الى أنه سيكافح لاحقاق العدالة بين السود والبيض خصوصا في ما يتعلق بالعقوبات التي يتعرض لها السود وهي أقسى من البيض حتى لو كانت التهمة نفسها. ولما سئل اوباما عن رأيه بما قالته الكاتبة السوداء توني موريسون عن بيل كلينتون أنه كان «أول رئيس أسود للولايات المتحدة»، لم ينكر اوباما دور الرئيس السابق في المطالبة بحقوق السود، ولكنه ختم ممازحا: «... ولكن للاجابة على سؤالك علينا ان ندقق في مهاراته في الرقص وفي أمور أخرى وعندها يمكنني أن أجزم إذا كان شقيقا ام لا». مزحة أوباما الثانية أضحكت الحضور كثيرا أيضا، كما أضحكت هيلاري وادواردز، الا ان خلف المزاح والضحك المتبادل بين المرشحين، جدية كبيرة وترقب وانتظار لما سيحمل يوم السبت المقبل من مفاجآت.. سارة لاحدهم وسيئة جدا للاثنين الاخرين خصوصا اذا كان الخاسران اوباما وادواردز.