مقربون من أولمرت يتهمون الجنرالات الإسرائيليين بتنظيم انقلاب عسكري ضده

TT

عقب النشاط السياسي لعشرات الضباط الإسرائيليين الذين يطالبون باستقالة رئيس الوزراء، ايهود أولمرت، لعلاقته بالإخفاقات في حرب لبنان، وكذلك نشاط رئيس اركان الجيش الأسبق، موشيه يعلون، الذي يصب في الاتجاه نفسه، حذر مقربون من أولمرت، أمس، من محاولة «انقلاب عسكري ضده بأسلوب غير تقليدي».

ولمح المقربون من أولمرت لوجود عناصر في قيادة الجيش «تحاول ابعاد تهمة الفشل في الحرب عنها وتلبيسها لأولمرت، معتقدين بأن الجمهور الاسرائيلي لا يعرف أن الجيش هو الذي يحارب وليس رئيس الحكومة».

وكان خمسون ضابطا برتبة رائد فما دون، قد توجهوا برسالة شديدة اللهجة الى أولمرت يحملونه فيها كامل المسؤولية عن الاخفاقات في حرب لبنان الأخيرة، ويطالبونه بالاستقالة فورا. ولوحظ ان هؤلاء الضباط، هم الذين قادوا سرايا القوات البرية التي دخلت الأراضي اللبنانية. وأعطت هذه الحقيقة بعدا مميزا للنشاط السياسي الذي يقوم به الضباط، حيث انه نشاط غير مألوف، من الناحية التنظيمية ومن ناحية التقاليد العسكرية الاسرائيلية.

وربط مكتب أولمرت بين هذا النشاط وبين هجوم الجنرال يعلون، أمس، على أولمرت، الذي تجاوز فيه كل الصياغات الدبلوماسية. وقال يعلون في مقابلة اذاعية، ان أولمرت يزرع في المجتمع الاسرائيلي قيما لا تتلاءم مع التقاليد الاسرائيلية في المسؤولية. وقال انه ليس بحاجة لانتظار نتائج تحقيق لجنة فينوغراد لمعرفة ما إذا كان على أولمرت أن يستقيل أم لا. فقد فشل في إدارة الحرب، مثلما فشل وزير الدفاع السابق، عمير بيرتس، ومثلما فشل رئيس أركان الجيش السابق، الجنرال دان حالوتس، وغيره من قادة الجيش. والمشكلة أن هؤلاء جميعا تصرفوا وفقا للأخلاق والقيم التي بني عليها المجتمع الاسرائيلي، فاستقالوا بعد الحرب، بينما هو يتمسك بكرسيه بكل قوة.

ولاحظ المقربون من أولمرت أن قادة السرايا استخدموا في رسالتهم نفس الصياغة تقريبا. فكتبوا: «نحن مواطنون مدنيون نتولى قيادة السرايا في جيش الاحتياط، نتوجه اليك عشية صدور التقرير النهائي للجنة، طالبين ان نستخلص النتائج وتحمل المسؤولية عن اخفاقاتك. ونحن، الذين قدنا الجنود في تلك الحرب وعشنا عن قرب أزمة الثقة التي نشأت بين جنود الاحتياط والقيادة السياسية، بتنا خائفين على القيم وعلى سلوك هذه القيادة تحت رئاستك. ان نظرية الأمن الاسرائيلية القائمة على المسؤولية الشخصية والنموذج الشخصي، باتت في خطر بسبب سلوكك. لقد دفع قادة الجيش الكبار ثمن اخفاقاتهم واستقالوا من مناصبهم. أما أنت، فقد أعلنت أنك لن تستقيل في أعقاب تقرير فينوغراد النهائي، قبل أن تقرأ هذا التقرير وتعرف محتواه. وهذا يعني انك لا تلتزم بالقيم التي تربينا عليها. ولذلك فإننا نطالبك بأن تقبل نتائج التقرير وتستخلص النتائج الضرورية وتتصرف مثل بيرتس وحالوتس».

ولمح المقربون من أولمرت بأن وراء هذه الرسالة يقف أناس ذوو سطوة في الجيش وبدرجة عالية في قيادته السابقة، وربما القيادة الحالية. وان يعلون هو أحدهم، لأنه يتكلم بنفس اللهجة. واشاروا الى ان يعلون شخصيا ليس بعيدا عن هذه المسؤولية، إذ ان اخفاقات الحرب في لبنان تعود الى تصرفات الجيش والحكومات الاسرائيلية السابقة، التي كان يعلون يتحمل مسؤولية أساسية فيها. ولا يستطيع أن يدعي بأنه بريء من مسؤوليتها.

ولكن الضباط لم يتأثروا من هذا الهجوم المضاد، وأكدوا انهم سيصعدون من حملتهم ضد أولمرت بعد صدور التقرير النهائي، المقرر يوم الأربعاء المقبل. وقال الرائد يكير سيجف، أحد الموقعين، انه ورفاقه لن يهدأوا إلا عندما يرون أولمرت مستقيلا. وأضاف ان أولمرت لا يدرك بعد ضخامة تأثير هذه الرسالة، إلا بعد أن يرى ما الذي ينوون عمله من الأسبوع المقبل.

وتلقى أولمرت ضربة أخرى موجعة، وهذه المرة من الأصدقاء الأميركيين. فقد قال السفير الأميركي السابق لدى الأمم المتحدة، جون بولتون، الليلة قبل الماضية في محاضرة في مؤتمر هرتسيليا حول الجهود الدبلوماسية للتوصل لصيغة لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 بشأن الحرب، ان أولمرت يكذب على نفسه وعلى الجمهور الاسرائيلي عندما يقول انه أمر باستمرار الحرب يومين اضافيين حتى يؤثر على المفاوضات التي سبقت التصويت على القرار. وقال بولتون: العمليات العسكرية في اليومين الأخيرين للحرب لم تؤثر قط على صيغة القرار.

وكشف بولتون ان واشنطن أيدت الحرب بكل قوة، ولم تكن معنية بوقفها، إلا بعد مجزرة قانا التي اسفرت عن مقتل 28 طفلا لبنانيا. وغيرت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس رأيها وطلبت منه أن يعمل على وقف الحرب في اسرع وقت وبأي شكل ممكن.

وكشف بولتون أيضا ان الادارة الأميركية صدمت من الاداء الفاشل للحكومة الاسرائيلية وجيشها، ولم تفهم كيف كانت الحكومة تتخذ قراراتها فيها. وأكد ان هذه الحرب كانت فاشلة، «صحيح انها لا تعتبر انتصارا لحزب الله، ولكنها كانت فشلا خارقا لإسرائيل».