د. فتحي سرور لـ«الشرق الاوسط»: لم نبالغ في موقفنا .. بل البرلمان الأوروبي هو الذي بالغ

رئيس البرلمان المصري: لم يقل أحد للإخوان لا تشكلوا حزبا شرط استيفاء الشروط الدستورية والقانونية

د. فتحي سرور (تصوير حاتم عويضة)
TT

الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب المصري اختتم زيارة برلمانية الى بريطانيا هذا الاسبوع جاءت وسط شد وجذب بين البرلمان المصري والبرلمان الاوروبي وأزمة لازالت تتفاعل عقب القرار الذي اصدره الاخير انتقد حقوق الانسان في مصر في قضايا محدة، واتخذ البرلمان المصري موقفا علق فيه اتصالاته مع نظيره الاوروبي احتجاجا على هذا القرار معتبرا إياه تدخلا في الشؤون الداخلية.

«الشرق الاوسط» التقت الدكتور سرور استاذ القانون الجنائي الذي يرأس مجلس الشعب منذ عام 1990 وشغل قبلها مناصب ووزير التعليم ورئيس المجلس الاعلى للجامعات خلال زيارته الى لندن وتحدث عن الازمة الحالية بعد قرار البرلمان الاوربي مصرا عى انه ليست هناك مبالغة في الموقف المصري، كما تحدث عن قضية حقوق الانسان في مصر وقانون الانتخابات والاخوان وما يثار عن طريقة انتقال السلطة.

في البداية قال ان زيارته الى بريطانيا هي برلمانية بالدرجة الاولى بناء على دعوة من رئيس مجلس العموم البريطاني الذي التقاه وكذلك رئيس مجلس اللوردات حيث اجرى معهما مباحثات وكذلك وزير الدولة للشؤون الخارجية والمسؤولين في حزبي العمال والمحافظين. وكذلك للاطلاع على تعديلات قانون الارهاب البريطاني ومغزاها، اضافة الى حضور جلسة اسئلة واجوبة في مجلس العموم.

* زيارتك الحالية تأتي في وقت تشهد فيه العلاقات بين البرلمان المصري والبرلمان الاوروبي توترا شديدا بعد القرار الذي اتخذه البرلمان الاوروبي بانتقاد مصر فيما يتعلق بملفات حقوق الانسان.. وهناك وجهة نظر ترى انه كانت هناك مبالغة في الموقف المصري خاصة ان قرار البرلمان الاوروبي غير ملزم؟

ـ موقفنا لم يكن فيه مبالغة، بل ان البرلمان الأوروبي هو الذي بالغ وخرج عن حدود الواجب المفترض ان يلزمه فالبرلمان الاوروبي هو برلمان لاوروبا واذا اراد ان يتحدث عن السياسة الخارجية مع الدول التي لها روابط مع اوروبا فيجب أن يكون حديثه في حدود احترام مبادئ القانون الدولي والعلاقات الحسنة لهذه الدول مع اوروبا، ويمكن للبرلمان الاورروبي ان يتجاوز في ما يشاء من الفاظ ولكن فليعلم ان مصر لا تقبل ذلك ونحن لسنا مستعدين لتلقى الدروس، وسبق ان نبه مفوض العلاقات الخارجية منذ سنوات بان مصر لا تتلقى دروسا من احد. والقرار الاخير «مشبوه» ووراءه ليس البرلمان بصورة عامة ولكن بعض الاحزاب والاسماء التي يمكن ان نضع عليها خطوطا. وهذه المسائل يمكن ان تناقش بالحوار ولكن القرارات المنفردة مرفوضة والا لماذا انشئت اتفاقية الشراكة، ولماذا انشئت المجالس الاورومتوسطية فيه قد اقيمت من اجل الحوار بين الجانبين. لقد استعمرت اوروبا العالم العربي مدة طويلة ورضخ هذا العالم لمدة لاسلوب الاملاءات لكن بعد التحرير والاستقلال وقيام هذه الدول وللمكانة التي تتمتع بها مصر غير مقبول هذا الاسلوب. ويمكن ان يكتبوا مايشاؤون لكن ان تكون هناك املاءات ونحن شركاء فذلك كان يحتاج وقفة وهي وقفة مع الصديق وليست وقفة مع العدو حتى توضع قواعد جديدة، فلا يجوز ان نقول اننا نشترك سويا ثم يوجه الى هذا.

وعندما نرفض هذا الاسلوب لايعني هذا اننا نرفض احترام حقوق الانسان فنحن لدينا دستور ومواد خاصة بحقوق الانسان افضل من دساتير كثيرة، ولدينا مجلس قومي لحقوق الانسان ومحكمة دستورية عليا ولدينا مؤسساتنا. والملاحظات حول حقوق الانسان نرحب بها من داخل مؤسساتنا، ولكن مؤسسات اوروبية، هذا فيه استعلاء.

والمؤسف ان البعض كتب (سماهم اقلام متحذلقة)، ولماذا لم يتدخل الدكتور سرور مبكرا وكانهم يجهلون ان البرلمان الاوروبي تتحكم فيه الاحزاب، وان علاقة البرلمان المصري هي بالبرلمانات الوطنية الاوربية وبالتالي فان العلاقة مع البرلمانات الوطنية قوية ومع الاوروبي متوسطة المستوى ولا نكمل معهم الكثير كما ان البرلمانات الوطنية الاوروبية ليس لها كلمة على البرلمان الاوروبي، وهم في البرلمان الاوروبي لا يقبلون تأثيرا من احد عليهم وتحركهم القوى السياسية والاحزاب. واذا كان هناك درس يؤخذ من هذه القضية فهو ان التحرك الحزبي المصري يجب ان يكون نشطا مع الاحزاب الممثلة في البرلمان الاوروبي لانها هي التي تصوت على مشاريع القرارات. ويكفينا ان اصدقاء مصر في البرلمان استهجنوا القرار ورفض 7% من النواب الحضور ونجحت محاولات في حذف الكثير من الفقرات التي كانت ستغضب مصر اكثر ليخرج القرار بصيغته الحالية.

* مسألة حقوق الانسان اصبحت قضية مجال احتكاكات بين مصر ومنظمات وجهات دولية بينها دول في الفترة الاخيرة وبينها منظمة العفو الدولية، هل في تقديرك ان القصور في وسائل التواصل لتوضيح الصورة الداخلية في مصر ام ان هناك تجاوزات في الداخل تؤدي الى هذه الانتقادات التي تحدث ما بين فترة واخرى؟

ـ اولا منظمة العفو الدولية لها ملاحظات على الولايات المتحدة ودول اوروبا كلها نفسها. والحديث عن حقوق الانسان بحثناه في مؤتمر الاتحاد الدولي للبرلمانات اخيرا وصدر قرار بانه لا يجوز الحديث عن الديمقراطية وحقوق الانسان كذريعة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول. وهذا ليس معناه ان نبتعد عن قضية حقوق الانسان، فاذا حدثت انتهاكات فان هناك قضاء يحاكم، وفي بعض حوادث فردية للتعذيب تدخل القضاء الجنائي وحكم بعقوبات مغلظة على الضباط الذين مارسوا التعذيب. فاي انحراف غير مقبول ومرفوض ولدينا قضاء يحاكم والحساسية مصدرها ان الموقف جاء من خارج المؤسسات المصرية باستخدام نغمة حقوق الانسان كذريعة للتدخل او بنبرة استعلائية.

* لو انتقلنا الى موضوع اخر ستقابل خلال ايام رئيس البرلمان الايراني هل هذا مؤشر على تطورما في علاقات البلدين؟

ـ هذا لا علاقة له بالعلاقات الثنائية لانه سيكون ضمن مؤتمر اتحاد البرلمانات الاسلامية وموعده محدد منذ اكثر من عام ويرأس الوفود رؤساء البرلمانات وبطبيعة الحال لا بد ان ندعو رئيس البرلمان الايراني، فهذا الاجتماع هو علاقة متعددة الاطراف وبعيدة عن العلاقات الثنائية. والعلاقات بين مصر وايران طبيعية وفيها تقدير متبادل.

* المفترض ان يقر البرلمان المصري في دورته الحالية قانون الارهاب كبديل لحالة الطوارئ لكنه يواجه معارضة شديدة من المعارضة ماذا تم في هذا القانون؟

ـ نعم متوقع قانون الارهاب في هذه الدورة وهذا ما وعدت به الحكومة، واطلعت هنا على تعديلات قانون الارهاب لاطالة المدة التي يمكن فيها احتجاز المشتبهين الى 42 يوما وهو امر يقرره القاضي وليست الشرطة منفردة. وفي كل دولة المعارضة تقف ضد قانون الارهاب لانه بطبعه يضع قيودا والمعارضة تحاول ان تغير هذه الاجراءات، واي قانون ارهاب لا بد ان يوازن بين المحافظة على الحريات الاساسية والمحافظة على الامن وهذا التوازن هو ما تختلف فيه الاغلبية والمعارضة وهذا مناخ صحي ويحدث في كل دولة ولا يعني شيئا خطيرا.

* كتلة المعارضة الرئيسية في البرلمان المصري اليوم هي من الاخوان المسلمين وهم يعملون بصفتهم مستقلين، في رأيك من خلال النخبة والممارسة البرلمانية هل يمكن ان تتطور العملية الى صيغة مماثلة لحزب العدالة والتنمية في تركيا مثلا ويجري استيعابهم في العملية السياسية؟

ـ لو اراد الاخوان ان يخرجوا من ازمتهم عليهم ان يكونوا حزبا وفقا لقانون الاحزاب وطبقا لما ورد في الدستور، فلا احد يعترض على قيام حزب طالما توافرت فيه الشروط القانونية والدستورية.

* رؤيتك الشخصية لممارستهم البرلمانية وامكانية تطورها؟

ـ هم يمارسونها تحت اطار المستقلين لكن لو ارادوا الحرية السياسية كاملة فيجب ان يشكلوا حزبا سياسيا لان الاحزاب لها حرية اكبر من المستقلين ولم يقل لهم احد لا تشكلوا حزبا شريطة ان يستوفي الحزب المقومات الدستورية والقانونية لقيام الاحزاب.

* القضية التي تثار كثيرا خارجيا من زاوية المستقبل السياسي لمصر هي قضية الخلافة، ما تأثيرها على الاستقرار؟

ـ اولا لسنا في ملكية حتى نتحدث عن الخلافة ولسنا من دول الخلافة الاسلامية لنتكلم عن الخلافة نحن جمهورية والحديث عن الرئاسة الان سابق لأوانه، فالرئيس يستكمل مدته الدستورية في اكتوبر 2011 وبالتالي فان الباقي اكثر من 3 سنوات والحديث الان مبكر جدا. وعادة الدول لا تتحدث عن المرشحين للرئاسة الا في السنة الاخيرة او قبلها بقليل.

* هل مسألة اجراء الانتخابات البرلمانية بنظام القوائم النسبية بدلا من النظام الفردي الحالي مطروح كما تردد في الانتخابات المقبلة؟

ـ هذا محل دراسة انما لا يوجد شيء مطروح، لكن مواد التعديل الدستوري الاخير فكت القيود التي كانت موجودة في الدستور قبل تعديله والتي كانت تشير الى النظام الفردي. والمواد الجديدة تفتح جميع الاحتمالات انما ترجيح احتمال على اخر لم يحسم بعد وهو محل دراسة.

* هناك مواد يجري انتقادها بان الزمن والظروف تجاوزاها خاصة النص الخاص بنسب العمال والفلاحين خاصة مع تغير المصطلحات الطبقية وان من يفوزون في كثير من الاحيان ليسوا عمالا وفلاحين حقيقة؟

ـ هذه المواد لها مصدر تاريخي يتعلق بظروف مصر قبل وبعد الثورة، وكل شيء قابل للتطور والمفاهيم بطبعها ليست جامدة وقابلة للتطور بارادة الشعب.