كردستان غارقة في الأمان.. وفي الظلام أيضا

الكهرباء متوفرة لمدة ساعة واحدة كل يومين

TT

يعتبر اقليم كردستان العراق الفيدرالي ـ الاتحادي وبكل فخر وبلا منازع الاقليم الوحيد على وجه الارض، الذي يتمتع شعبه بنعمة الكهرباء لمدة ساعة واحدة فقط لا غير كل يومين، ومع ذلك يواكب التطور الحاصل في العالم ويساير عصر السرعة، من دون ان يتخلف عن الركب، وهو يرسي دعائم المجتمع المدني الديمقراطي المنشود، ما جعله محط اطماع وحسد سائر الاقاليم، ليس في العراق وحسب، بل في المنطقة بأسرها.

فهذا الاقليم الغارق في الأمان بخلاف الاجزاء الاخرى من العراق الجديد، يغرق في الظلماء ايضا مع حلول الظلام يوميا في هذا الشتاء الكردستاني القارس، الذي تنخفض فيه درجات الحرارة الى ما دون الصفر بنحو عشر درجات مئوية، ولولا الطاقة الكهربائية المتواضعة التي تنتجها المولدات الاهلية في جميع احياء مدن اربيل والسليمانية ودهوك وضواحيها وتوزعها على المواطنين بواقع (1-3) امبير وبسعر 9 آلاف دينار، اي ما يعادل 8 دولارات لكل امبير من الطاقة، لصار بالامكان تسمية هذا الاقليم بموطن الظلام الدامس، على الرغم من وجود محطتين عملاقتين لأنتاج الطاقة الكهرومائية في سدي دوكان ودربندخان بمحافظة السليمانية، اللتين تنتجان ما يزيد عن 600 ميكاواط من الكهرباء يوميا.

وعلى صعيد الشارع خلقت حالة الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي موجة من التذمر الشديد لدى السواد الاعظم من سكان الاقليم، وبالذات لدى سكان محافظة السليمانية التي تنتج المحطتان العملاقتان فيها طاقة هائلة، من دون ان يراها مواطنوها، ومن جانبها عزت شونم محمد غريب المديرة العامة لمؤسسة الكهرباء في محافظة السليمانية اسباب انعدام الكهرباء في الاقليم الى انحباس الامطار هذا العام، ما ادى الى انخفاض مستوى مخزون المياه في سدي دوكان ودربندخان، وبالتالي توقف انتاج الطاقة في العديد من وحدات التوليد في كلتا المحطتين، الى جانب مجموعة من الاسباب الفنية المتعلقة بتوقف تزويد اقليم كردستان بحصته البالغة 33% من اجمالي الطاقة المنتجة في محطة بيجي، بسبب تعرضها لأعمال تخريبية. واضافت في تصريح لـ«الشرق الاوسط» ان اقصى مستوى للطاقة الذي حصل عليها الاقليم من تلك المحطة بلغ 250 ميكاواط تقريبا، اي ما يعادل 20% فقط من الحصة المقررة للأقليم، وهي نسبة ضئيلة جدا قياسا بحاجة الاقليم المتنامية للطاقة الكهربائية، واشارت الى ان أعطالا فنية عديدة تحدث باستمرار في منظومة توزيع الكهرباء بشكل عام، كما حدث خلال الشهر الحالي، ما ادى الى شلل المنظومة بأسرها، التي يحتاج اصلاحها الى فترة زمنية ليست بالقصيرة. وقالت ان السليمانية تحصل الان على طاقة لا تتجاوز 90 ميكاواط يوميا من محطة بيجي، وهي نسبة ضئيلة جدا، تضاف الى الطاقة المتواضعة التي تنتج في محطتي دوكان ودربندخان اللتين تعملان بأقل من نصف طاقتيهما، ويتم توزيع الطاقة الكلية على المؤسسات الخدمية والمنطقة الصناعية والمواقع التجارية المرتبطة بمنظومة خاصة، والفائض منها يوزع على مدينة السليمانية وضواحيها وفق جدول زمني، واشارت الى ان وزارة الكهرباء في الاقليم بحثت هذه المسألة مع السلطات المركزية في بغداد، لكنها لم تأت بنتائج ملموسة لحد الان، وفي ما يخص خطط حكومة الاقليم لمعالجة هذه الحالة، قالت مديرة مؤسسة الكهرباء، ان هناك عدة محطات لتوليد الطاقة هي الان قيد الانشاء في اربيل والسليمانية وجمجمال ودهوك، الا انها بحاجة الى عدة اشهر اخرى لاستكمالها، مؤكدة ان 80% من مشكلة الكهرباء ستنتهي في حال بدء تلك المحطات بالانتاج.