الجيش الأميركي يبث أسماء المقاتلين الأجانب في العراق

850 ورقة موقعة من مجلس شورى المجاهدين.. ومعظمهم جاء من المغرب العربي عبر مصر وسورية

الطاهر ايت بلا (مغربي) وعبد المزيني (ليبي) وعبد الرزاق كونيما (مغربي)
TT

في سابقة جديد من نوعها في تاريخ الحرب الأميركية على الارهاب، بدأت مواقع إلكترونية تابعة بشكل أو بآخر لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) نشر وثائق باللغة العربية والانجليزية عن المقاتلين الاجانب في العراق، او ما يسمى في ادبياتهم بـ«دولة العراق الاسلامية». والوثائق الجديدة تمثل ثروة للدارسين قد لا تقدر بثمن، بينها تحقيقات مع عدد منهم، والأمانات التي تركوها قبل عبورهم الى ارض العراق، والمنسق الذي ارشدهم الى الطريق الجديد، واوصاف واسماء من التقوهم في سورية، وارقام هواتف الاهل، وكيفية وصولهم الى ارض الرباط الجديدة من السعودية وليبيا ودول المغرب العربي، ووصاياهم وتبرعاتهم الى تنظيم القاعدة، وبعضهم تبرع بريالات او جنيهات محدودة في الشام قبل عبوره الحدود الى العراق، واحدهم تبرع بساعته لمن سهل له امر الدخول الى الاراضي العراقية، وعمله الحالي ومهمته التي جاء من اجلها، حيث افاد اكثرهم بـ«عمليات استشهادية». ولاحظت «الشرق الاوسط» تفوق اسماء المهاجرين من المغرب وليبيا والجزائر على عدد السعوديين والمصريين، تعرفت على اسم مصري واحد من المقيمين في جدة، واسمه ابو عمران المصري. ويقول موقع الجيش الاميركي في الرابع من ديسمبر (كانون الاول) 2007، زعم ابو عمر البغدادي، الذي يشار الى انه زعيم دولة العراق الاسلامية التابعة للقاعدة، بان منظمته هي عراقية بالكامل تقريبا، وفيها 200 مقاتل أجنبي. وبعد 12 يوما وفي السادس عشر من ديسمبر 2007، حث أيمن الظواهري السنة في العراق على التوحد خلف دولة العراق الاسلامية. وكلا التصريحين جزء من صراع القاعدة المستمر من أجل اجتذاب العراقيين، الذين استاء الكثير منهم من الزعامة الأجنبية لدولة العراق الاسلامية، ورغبتها في فرض شريعتها الاسلامية المتزمتة. ويضيف في تقريره في نوفمبر (تشرين الثاني) 2007، تلقى مركز مكافحة الارهاب الاميركي ما يقرب من 700 سجل لأشخاص أجانب دخلوا العراق بين أغسطس (اب) 2006 وأغسطس 2007. وأخذت المعلومات الموجودة والمحللة في هذا التقرير من هذه السجلات الشخصية التي جمعت من جانب منتمين عراقيين الى القاعدة تحت اسم مجلس شورى المجاهدين في البداية ودولة العراق الاسلامية في ما بعد. وتحتوي السجلات التي عثر عليها اثر غارة قرب مدينة سنجار العراقية الشمالية القريبة من الحدود مع سورية، على مستويات مختلفة من المعلومات عن كل مقاتل. وبدأ حلفاء القاعدة بالتسرب إلى العراق حتى قبل الغزو، الذي قادته الولايات المتحدة على العراق في أوائل 2003. فبعد الهروب من أفغانستان وعبور إيران تسلل أبو مصعب الزرقاوي إلى شمال العراق في عام 2002. وآنذاك كانت منظمة الزرقاوي تسمى «التوحيد والجهاد»، وتشكلت من عدد من الأردنيين والسوريين والأكراد، الذين إما جاءوا بسرعة الى العراق أو كانوا يعملون مع مجموعة جهادية متمركزة في كردستان العراق تعرف باسم أنصار الإسلام.

ولم ينضم الزرقاوي إلى القاعدة حتى أكتوبر (تشرين الاول) 2004 حينما أعلن ولاءه لأسامة بن لادن. وسميت المنظمة الجديدة بـ«تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين». وكان الاتفاق ما بين الزرقاوي ورؤسائه الجدد قد أخفى عددا من الخلافات بين الطرفين، ظلت قائمة حتى بعد انضمام الزرقاوي رسميا إلى القاعدة. وقتل الزرقاوي بصاروخ اميركي في يونيو (حزيران) 2006. وبلغ حجم الوثائق الجديدة 850 ورقة من حجم الفولسكاب. والوثائق الجديدة اشبه باستمارة انضمام الى دولة العراق الاسلامية. وبعض الوثائق كتبت بخط يد المهاجر القادم الى ارض الجهاد الجديدة، وفيها تحديد للمنطقة الذاهب اليها، وكثير منهم اختار الانبار او الموصل او الفلوجة، واخرون حددوا مهماتهم، اما القتال او تنفيذ عملية «استشهادية». وضمن الاسماء التي وردت في ملف «معلومات شخصية للمهاجرين في دولة العراق الاسلامية، جعفر ابو زنجة من الجزائر، وفهد بن خلف العتيبي وكنيته عكرمة من السعودية، ويونس فتح الله ابورقبة من درنة ليبيا وكنيته ابوصالح، وكان قد وصل الى الشام عبر مصر، ومنسقه اسمه قمر وهو متدرب على السلاح الخفيف، واحضر معه 600 دينار ليبي. اما ماهر عبد الباقي وهو سوري الاصل وكنيته ابو محمد، فقد تعرف على منسقه ابو عمر عن طريق الانترنت، واحضر معه الى العراق 800 ليرة سورية. اما محمد عين الناس وكنيته ابو مصعب فهو من المغرب من مواليد 1984، وهو متزوج ولديه اطفال، وكان قد وصل الى سورية بالطائرة عن طريق تركيا، وعبد البديع ميلود محمد من درنة ليبيا، وكان قد وصل الى سورية عن طريق مصر، واخذ منه الاخوة في سورية 1500 ليرة مقابل تأمين وصوله الى داخل الاراضي العراقية. اما رأفت العمودي وكنيته ابو عزام من عدن باليمن، فقد وصل هو الاخر عن طريق مصر ثم سورية، وترك في الامانات في سورية جواز سفرة وهوية وساعة، وقد جاء الى ارض الرباط الجديدة لتنفيذ عملية انتحارية. وهناك على القائمة الطويلة للمقاتلين الاجانب او المهاجرين في دولة العراق الاسلامية محمد الحجري ابو سياف من تونس، واحمد الجرديسي او بدجانة من درنة ليبيا، والرضي سليمان عبد الله وكنيته ابو بكر من البريقة ليبيا، ومحمد اسلام حجاج وكنيته ابواسلام الزرقاوي، وعبد الكافي عثمان زرموح وكنيته ابو البراء من مصراتة ليبيا، وسالم محمد العساوي وكنيته ابو عبادة من مصراتة بليبيا، والطاهر ايت وكنيته ابو قتيبة من الدار البيضاء بالمغرب، وعبد الله المزيني وكنيته ابو الحارث من ليبيا، وفايز السعفاني وكنيته ابو سياف من اليمن، وبدر القرني من الشرائع بمكة المكرمة، وعمر المربعي، وكنيته ابواسيد الحضرمي من شارع ام القرى بمكة المكرمة. ودولة «العراق الاسلامية» المزعومة التي أعلن عنها مجلس شورى المجاهدين، كما يظهر خاتمهم على وثائق الجيش الاميركي، هي في حقيقتها دولة تنحصر تماما في تنظيم «القاعدة في بلاد الرافدين»، وهي جماعة سنية مسلحة نشأت نتيجة لاتحاد مجموعة من الجماعات المسلحة بالعراق، وعلى رأسها تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين، وقد بايعت هذه الجماعة الشيخ أبو عمر البغدادي اميرا لها، وتم وضع تشكيلة وزارية مزعومة للدولة، ومن ضمنها وزير الحرب أبو حمزة المهاجر (المعروف باسم أبو حمزة المصري أيضاً). وكان الجيش الاميركي قد بث من قبل رسائل متبادلة بين قادة «القاعدة» موجهة الى ابي عبد الله أسامة بن لادن، إضافة الى كتاب جديد اسمه «ادارة التوحش» لمؤلفه القيادي ابي بكر الناجي، الذي يعتبر من ادبيات تنظيم القاعدة. وكشف اسلاميون في لندن ان مؤلف الكتاب الاخير يعتقد انه ابو قتادة الاسلامي الفلسطيني المحتجز في بريطانيا بموجب قوانين الطوارئ، ورد الاميركيون عليه من خبراء مركز مكافحة الارهاب التابع لأكاديمية العلوم العسكرية الاميركية، في دراسة تحت عنوان «الوفاق والتنافر.. استغلال نقاط الضعف التنظيمية للقاعدة». ونشر موقع موكل إليه نشر الوثائق غير السرية المتعلقة بحرب الإرهاب عشرات الوثائق تحوي معلومات تعرف لأول مرة بتنظيم القاعدة، وجميعها تستحق الدراسة والتحليل.