مصر تتعهد بضبط الحدود مع غزة ونواب البرلمان انتقدوا إسرائيل بِلغة حرب

القاهرة تدرس تسليم المعابر إلى السلطة.. وحماس تؤكد التنسيق معها وطهران تعرض على القاهرة التعاون

عائلة فلسطينية تقع من فوق عربة استخدموها لعبور الحدود بين غزة ومصر أمس (رويترز)
TT

أعلنت مصر أمس انها ستتخذ خطوات جادة للسيطرة على حدودها مع قطاع غزة بأسرع وقت ممكن. لكن نوابا في البرلمان انتقدوا بشدة الإجراءات الإسرائيلية الصارمة ضد الفلسطينيين، بلغة مشددة تعود الى عهد الحرب بين الجانبين، فيما حاول رئيس لجنة الشؤون العربية في البرلمان التهدئة، مؤكدا ان مصر لا تريد إرسال قوات إضافية على الحدود مع إسرائيل لتشن حرباً بل لتحفظ الأمن.

وقال وزير الخارجية المصري، أحمد أبو الغيط، في بيان اصدره بعد مباحثات مع رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض ان «مصر التي قدمت كل التضحيات والتأييد للقضية الفلسطينية لا تسمح بتجويع ابناء الشعب الفلسطيني وسوف تساعد الفلسطينيين الى ان تتحقق لهم التسوية العادلة للقضية». وأضاف «في الوقت ذاته فان مصر سوف تتخذ كل الإجراءات الكفيلة بضبط الحدود المصرية مع قطاع غزة في اسرع وقت».

وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية في البيان ان ابو الغيط ناقش مع فياض اقتراح السلطة الفلسطينية بشأن استعدادها لتسلم مسؤولية «كافة معابر قطاع غزة»، مشيرا الى ان هذا الاقتراح سبق ان حظي بموافقة دولية خلال مؤتمر باريس للمانحين الذي عقد في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي في وقت سابق ان مصر وافقت على خطة الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالسيطرة على معابر غزة مع مصر، من خلال تطبيق الاتفاق الحدودي الذي وقع عام 2005، مستبعدة حركة حماس التي تسيطر على غزة. لكن حركة حماس قالت أمس انها تلقت تطمينات من مصر بأن القاهرة لم تتوصل لاتفاق مع عباس يستبعد حماس من ادارة حدود غزة. وقال سامي أبو زهري المسؤول بحماس لـ«رويترز» ان مسؤولين مصريين أبلغوا حماس بأنهم يريدون الوصول لترتيبات جديدة لادارة حدود غزة مع مصر في محادثات مع حركتي حماس وفتح. وتتناقض هذه التصريحات مع ما أدلى به رياض المالكي سابقا. وكان ابو الغيط اعلن اول من أمس ان مصر ستوجه دعوات منفصلة الى مسؤولي السلطة الفلسطينية وحركة حماس لبحث موضوع ضبط الحدود.

وقال ابو زهري لـ«الشرق الأوسط» أمس ان حركته ترفض العودة لاتفاقية 2005 التي تم إبرامها بين مصر والسلطة الفلسطينية والاتحاد الاوروبي، مشيرا الي ان المطلوب هو معبر مصري فلسطيني وفق ترتيبات جديدة. وقال إن هذه الاتفاقية أصبحت جزءً من الماضي و«لن يقبل الشعب الفلسطيني العودة إلى الوراء في ما يتعلق بالوضع السابق على معبر رفح». وأضاف «المطلوب هو معبر مصري ـ فلسطيني وفق ترتيبات جديدة». وبلغة تعود إلى عهد الصراع المصري ـ الإسرائيلي، تحدث نواب بالبرلمان المصري عما قالوا إنه «وحشية إسرائيلية»، في مواجهة الشعب الفلسطيني الأعزل، الذي لم يجد متنفساً من الحصار الإسرائيلي عليه سوى تفجير الجدار الحدودي مع مصر، إلا أن اللواء سعد الجمال رئيس لجنة الشؤون العربية بالبرلمان قال في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه اللغة» لا تستهدف بالضرورة الضغط على المجتمع الدولي لتغيير بنود اتفاقية السلام المصرية ـ الإسرائيلية، و«نحن نخشى من إجراء إسرائيلي يعكر السلام، لكن ما دمنا اتفقنا على السلام فلا داع لزيادة، القوات المسلحة هناك»، بل «يمكن زيادة قوات شرطية لعدة آلاف».

وشن نواب البرلمان المصري، من الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم (الذي يرأسه الرئيس المصري حسني مبارك)، والمعارضة والمستقلين، هجوماً شرسا ضد إسرائيل وأميركا لدى مناقشتهم أحداث «رفح ـ غزة»، على خلفية طلب تقدم به أمين كتلة نواب جماعة الإخوان، الدكتور محمد البلتاجي، دعا فيه إلى «إعادة النظر في الاتفاقيات الموقعة مع الجانب الصهيوني»، في إشارة إلى اتفاقية «كامب ديفيد». وبينما انتقد النائب بالحزب الحاكم، محمد حسن دويدار المباحثات التي تعقد حول السلام، قال رئيس لجنة الشئون الدينية، والنائب عن الحزب الحاكم أيضاً، الدكتور أحمد عمر هاشم، «إن إسرائيل أصبحت تدير ظهرها لجميع القرارات الدولية والإقليمية». وقال اللواء سعد الجمال رئيس لجنة الشؤون العربية بالبرلمان المصري إن «هؤلاء (إسرائيل) لا عهد لهم ولا ميثاق»، موضحاً في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن «إسرائيل ذهبت إلى مؤتمر أنابوليس للسلام (في نوفمبر/ تشرين الثاني) لكنها واصلت الاستيطان والبناء ميدانياً في القدس، وعسكرياً زادت اعتداءاتها ومذابحها ضد أهلنا في غزة»، واصفاً الولايات المتحدة بأنها بمثابة «رب البيت لإسرائيل».

من جهة ثانية أجرى وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط مباحثات أمس (الأحد) مع على أصغر محمدي، مساعد وزير الخارجية الإيراني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حول آخر تطورات الوضع على الساحة الفلسطينية ومختلف الموضوعات ذات الصلة، فيما عرض أبو الغيط على المسؤول الإيراني رؤية مصر للتطورات التي حدثت على مدار الأيام الماضية والتي أدت لتدفق الفلسطينيين عبر الحدود إلى داخل مصر.

وأوضح المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، حسام زكي، أن أبو الغيط أكد للمسؤول الإيراني ضرورة تفهم سعة الصدر المصرية، وأبلغه أن مصر بصدد تنظيم عملية الدخول إلى أراضيها، وضبط حدودها بالشكل المناسب، مشيرا إلى أن المسؤول الإيراني طرح على أبو الغيط رغبة واستعداد إيران لتقديم العون للشعب الفلسطيني في غزة من خلال التعاون مع الجانب المصري، وهو الأمر الذي رحب به أحمد أبو الغيط.