وزراء الخارجية يستبقون اجتماعهم بلقاءات ثنائية وثلاثية للتوافق على صيغة بشأن لبنان

موسى التقى الفيصل وأبو الغيط ومتري والمعلم

TT

استبق وزراء الخارجية العرب اجتماعهم الاستثنائي أمس باجتماعات تشاورية ثنائية وثلاثية مكثفة، فيما أطلع رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض ووزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط على آخر التطورات على الساحة الفلسطينية في ضوء الحصار الإسرائيلي المستمر لقطاع غزة.

وهدفت الاجتماعات الثنائية والثلاثية لوزراء الخارجية العرب الى التوصل لتوافق حول النقاط الخلافية أو الغامضة بشأن تفسير البند الثاني من المبادرة العربية لحل الأزمة السياسية فى لبنان مع التركيز على محاولة اعطاء أولوية لمسألة الاستحقاق الرئاسي، ووضع تصور للمرحلة المقبلة للتعامل مع الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى عقد اجتماعا ثنائيا في أحد فنادق القاهرة قبيل اجتماع مجلس وزراء الجامعة العربية أمس مع الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، حيث ركز الاجتماع على محاولة إيجاد حل للأزمة اللبنانية وتقديم تفسير عربي واضح للمبادرة العربية بعيدا عن اللغط الذي أثارته بعض الأطراف اللبنانية.

كما عقد موسى جلسة مشاورات مع وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط ناقشا خلالها كافة التفاصيل المتعلقة بالبندين الرئيسين المدرجين على جدول أعمال الاجتماع وهما الأزمة السياسية فى لبنان والأوضاع فى قطاع غزة.

وأبلغت مصادر دبلوماسية عربية «الشرق الأوسط» أن الوزير المصري قدم لموسى خلال اللقاء مذكرة تفصيلية تضمنت استعراضا دقيقا للموقف المصري من القضية اللبنانية، وكذلك شرحاً للأحداث الأخيرة التي شهدتها الحدود بين مصر وقطاع غزة.

كما التقى موسى بكل من الطيب لوح وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي رئيس وفد الجزائر، والذي يرأس اجتماع مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري، ويوسف بن علوي الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية بسلطنة عمان، ووزير الدولة للشؤون الخارجية بدولة الإمارات محمد بن حسين الشعالي.

وقال المستشار عبد العليم الأبيض المتحدث باسم الأمين العام للجامعة العربية إن مشاورات موسى مع الوزراء العرب ركزت على أهمية إنجاز الاستحقاق الرئاسي في لبنان خشية التداعيات السلبية التي يمكن أن تحدث نتيجة الفراغ السياسي إذ أن هذه التداعيات لن تكون في مصلحة لبنان أو الدول العربية.

وعقد موسى لقاء عشية الاجتماع الوزاري الطارئ مع وزير خارجية لبنان بالوكالة طارق متري، الذي أكد ضرورة إعطاء الأولوية القصوى لانتخاب رئيس للبنان، خاصة وأن الجامعة العربية والمجلس الوزاري العربي لأول مرة فى تاريخه يزكي ترشيح من أجمع عليه اللبنانيون وهو العماد ميشيل سليمان.

وأشار متري إلى أنه يجب ألا يغيب ذلك عن بال أحد خاصة أن المبادرة العربية شددت على ضرورة انتخاب رئيس للبنان فورا، موضحا أن لبنان بحاجة إلى دعم عربي والمبادرة العربية هي الإطار الوحيد الذي يساعد اللبنانيين على الخروج من أزمتهم وهي تحظى بتأييد دولي كبير.

وأكد متري أن المبادرة العربية لم تصل إلى طريق مسدود قائلاً «هناك بعض الأبواب التي أوصدت في وجهها، لكننا نعول على الاجتماع الوزاري العربي من أجل إعطاء دفعة جديدة تسمح للأمين العام والعرب كلهم بأن يفتحوا الأبواب الموصدة».

وأضاف متري «لا نريد أن نذهب إلى أي مكان آخر.. الاجتماع العربي هو المكان الطبيعي والجامعة العربية هي بيتنا المشترك وقد أتينا إلى هنا لأننا كلبنانيين نتمسك بالمبادرة العربية ونعتقد أن فرصة نجاحها هي فرصة لكل اللبنانيين».

وأشار إلى أنه بحث مع الأمين العام للجامعة العربية إمكانية مواصلة الجهود التي قام بها موسى على مستويات عدة خلال الفترة الماضية لكي تعطى هذه المبادرة اندفاعة جديدة.

وحذر من أن لبنان مستهدف بأن يقع ضحية الاغتيال السياسي، وقال «يجب ألا يتعود اللبنانيون أو أشقاء لبنان على الاغتيالات السياسية»، مشيرا إلى أن القضاء اللبناني يقوم بواجبه، وقال «الأجهزة الأمنية تسعى وتعمل بجد لكن إمكانيات هذه الأجهزة محدودة لأسباب معروفة لكنها تتطور وصارت أكثر قدرة عن الماضي على الكشف عن الجرائم.. هناك مساعدات تقنية تقدمها لجنة التحقيق الدولية التي أنشأتها الأمم المتحدة من شأنها أن تساعد لبنان على الكشف عن كل هذه الجرائم لمعاقبة مرتكبيها».

وردا على سؤال حول مخاوف المعارضة من أن يصبح الرئيس القادم للبنان رهينة الأكثرية، قال متري «إن هناك مبادرة عربية وهناك الدستور اللبناني وهناك تقاليد سياسية في المجلس النيابي، ورئيس للجمهورية دوره الحفاظ على وحدة البلاد وتسهيل الحوار والارتفاع فوق الانقسامات». كذلك، التقى موسى قبيل الاجتماع بوزير الخارجية السوري وليد المعلم في احد فنادق القاهرة، حيث تبادلا الرأي حول تقرير الأمين العام للجامعة العربية المتعلق بالأزمة اللبنانية، بحضور السفير السوري في القاهرة ومندوبها لدى الجامعة العربية المهندس يوسف الاحمد. وعلى صعيد متصل، اعتبر الشيخ محمد الصباح وزير الخارجية الكويتي أن الوضع في لبنان «خطير جدا» وقال في تصريحات له لدى وصوله إلى القاهرة «إننا في القاهرة وكلنا عزم على مد يد العون لأشقائنا في لبنان ومساعدتهم للخروج من مستنقع الخلافات». وحذر الصباح من خروج الأمور عن السيطرة العربية والنطاق العربي حتى لا تصل إلى مرحلة التعقيدات التي يصعب معها الحل.

وعن الوضع الفلسطيني والأزمة في غزة، قال الصباح إن حوارا عربيا جديا سيجري خلال الاجتماع لإنهاء الانتهاكات الإسرائيلية  الخطيرة لأبناء قطاع غزة وانه سيكون هناك موقف عربي تجاه ذلك قائلا «إن الأخوة في غزة  ليسوا في حاجة إلى خطب رنانة وبيانات شجب، ولكن في حاجة إلى مساعدات وتوفيق بين الفرقاء الفلسطينيين، لان هذا الجرح هو الذي يمكن إسرائيل كالجرثومة من الكيان الفلسطيني».

إلى ذلك، أجرى وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط مباحثات قبيل الاجتماع الوزاري أمس مع رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض والوزير رياض المالكي المكلف أعمال وزير الخارجية بالحكومة الفلسطينية.

وقال حسام زكي المتحدث الرسمي للخارجية إن اللقاء تناول آخر التطورات على الساحة الفلسطينية وبشكل خاص الأحداث التي جرت في الأيام الأخيرة وأدت إلى التدفق البشري الفلسطيني من قطاع غزة عبر الحدود مع مصر. وأضاف أن أبو الغيط وفياض توافقا على أن إسرائيل تتحمل المسؤولية المباشرة عن تدهور الموقف والأوضاع الإنسانية في قطاع غزة بما أدى إلى انفجار الوضع بعدما بلغت معاناة سكان القطاع حدا غير مسبوق.

وقال إن أبو الغيط أكد أن مصر التي قدمت كل التضحيات والتأييد للقضية الفلسطينية لا تسمح بتجويع أبناء الشعب الفلسطيني وسوف تساعد الفلسطينيين إلى أن تتحقق لهم التسوية العادلة للقضية.

وأضاف أن أبو الغيط أكد أنه في الوقت ذاته فان مصر سوف تتخذ كافة الإجراءات الكفيلة بضبط الحدود المصرية مع قطاع غزة في أسرع وقت، مشيرا إلى أن أبو الغيط ناقش مع فياض المقترح الذي تقدمت به السلطة بشأن استعدادها لتحمل مسؤولية كافة معابر قطاع غزة وهو الاقتراح الذي سبق أن حظي بموافقة دولية خلال مؤتمر باريس للمانحين الذي عقد شهر ديسمبر الماضي. وقال المتحدث «إن أبو الغيط وفياض ناقشا كذلك تطور الموقف فيما يتعلق بالبيان الرئاسي المطروح أمام مجلس الأمن في موضوع أحداث غزة في إطار التنسيق المصري الفلسطيني المستمر في هذا المجال موضحا أهمية صدور موقف دولي موحد وقوى حول تلك التطورات».