مؤتمر أربيل حول الأنفال يبحث مسؤولية العراق المدنية وموقف القانون الدولي

دعوة إلى تحقيق جنائي في قضية كرديات بعن كـ«سبايا» .. ودبلوماسي مصري: المزاعم عارية من الصحة ولا تعقل

TT

تواصلت أمس اعمال المؤتمر الدولي الاول المنعقد في مدينة اربيل باقليم كردستان العراق لتعريف العالم بحملات الانفال وتدويلها باعتبارها عمليات إبادة جماعية بحق الشعب الكردي. وقد جرت خلال الجلسة الصباحية مناقشة عدد من البحوث والدراسات التي قدمها باحثون وأكاديميون عراقيون، حيث قدمت فالا فريد المدرسة في جامعة صلاح الدين بأربيل، دراسة بعنوان «مسؤولية العراق المدنية عن جريمة الإبادة الجماعية بحق الشعب الكردي» فيما قدم القاضي السابق الدكتور زهير كاظم عبود بحثا بعنوان «الأنفال: نظرة في القانون الدولي» سلط من خلاله الاضواء على حكم القانون الدولي على جريمة مثل حملات الانفال.

وفيما يتعلق بقضية النساء الكرديات المعتقلات في اطار حملات الانفال عام 1988 واللاتي زعم ان النظام السابق باعهن كسبايا الى مصر، وموقف القانون الدولي منها، قال الدكتور عبود «إن تلك الحالة تعتبر جريمة بحق البشرية وهي تصلح ان تكون قضية جنائية التي يمكن للحكمة الجنائية العراقية العليا البت فيها وإجراء تحقيق واسع فيها، لكنني لم ألمس حتى الآن أي متابعة جدية لهذه المسألة من قبل السلطات المختصة في العراق. وفي اعتقادي ان إثارة هذه القضية مجددا والبحث فيها بإسهاب سيكشف المزيد من الخبايا التي تخص حملات الانفال، ولكن ينبغي ان يتم اولا تحديد الاشخاص المتهمين في الأمر سواء في العراق او في مصر كي يطولهم التحقيق». وأضاف في تصريح لـ«الشرق الاوسط» أن التستر على الجناة والمتهمين او التزام الصمت حيالهم يعتبران جريمة خطيرة جدا في نظر القانون الدولي، وينبغي ان تبحث من جديد. وقال «يحق للعراق كدولة وفقا للقانون ان يقاضي الجهات والأشخاص الذين ساهموا او ساعدوا النظام السابق على تنفيذ عمليات الأنفال. اما كون الأمر متعلقا بمصر كنظام وكدولة فان وزارة الخارجية العراقية بوسعها توضيح الامر دبلوماسيا وبالتالي مقاضاتها وفقا لذلك».

وفي القاهرة نفت مصادر دبلوماسية مصرية تحدثت لـ«الشرق الأوسط» بشدة ما جاء في بحث عراقي زعم «أن النظام العراقي السابق برئاسة صدام حسين سلم لمصر عام 1988 نساء كرديات كسبايا»، وقالت المصادر إن ما تضمنه البحث الذي قدمه أمس الدكتور زهير كاظم عبود في إطار المؤتمر الدولي الأول المنعقد في مدينة أربيل بإقليم كردستان العراق، حول حملات النظام العراقي السابق على الأنفال «كلام عار تماماً من الصحة، ولا يُعقل أبداً، ولم يسبق أن أثارته معنا أي دائرة من الدوائر».

كما شاهد المشاركون في المؤتمر فلما وثائقيا عن حملات الانفال تحت عنوان «العودة من رحلة الموت» أمده ربع ساعة أعده الباحث الكردي سلام علي وتضمن مقابلات واعترافات لعدد من الذين جرى اعتقالهم خلال عمليات الانفال ونجوا بأعجوبة من عمليات إبادة المعتقلين في سجن «نقرة السلمان» سيئ الصيت في صحراء محافظة المثنى جنوب العراق. من جانبه، نفى الدكتور فؤاد حسين رئيس ديوان اقليم كردستان، وجود اي غرض سياسي وراء عقد هذا المؤتمر وفي هذا التوقيت بالذات «غير السعي لتدويل قضية الأنفال وتعريفها للعالم والتي وصفها بأنها قضية قانونية وسياسية وانسانية وتخص العدالة في ذات الوقت». وأضاف في حديث لـ«الشرق الاوسط» أن «الجميع يعلم أن الشعب الكردي تعرض لحملات إبادة جماعية وقد اقر هذا الامر في محكمتين احداهما عراقية تولت محاكمة المسؤولين عن اقتراف تلك الحملات في عهد النظام السابق وأخرى هولندية عندما حاكمت رئيس احدى الشركات الهولندية التي باعت النظام السابق مواد استخدمت في صناعة الاسلحة المحظورة دوليا في العراق، والتي استخدمت بدورها وعلى نطاق واسع في حملات إبادة الكرد»، مشيرا الى «ان جرائم إبادة جماعية ارتكبت في أجزاء مختلفة من العالم، وقد تحرك المجتمع الدولي في حينها لإدانة ومعاقبة مرتكبي تلك المجازر، لكنه لزم الصمت المطبق حيال مجازر الأنفال التي يسعى الشعب الكردي لتعريفها بالعالم كحملات إبادة جماعية وتطهير عرقي كي ينهض المجتمع الدولي بمسؤولياته بغية الحيلولة دون تكرارها في أي بقعة أخرى من العالم، اضافة الى دراسة وتقييم الوضع السياسي كليا في البلاد لمنع استحواذ دكتاتور آخر على السلطة في العراق وتكرار ما ارتكبه النظام السابق من فظائع بحق الشعب الكردي والعراقيين عموما». وبخصوص المؤتمر المماثل والمقرر عقده بإحدى الدول الاوروبية في الربيع المقبل، قال الدكتور حسين إن هذا المقترح مطروح على المؤتمر الحالي الذي سيقرر اعضاؤه في نهاية الجلسة الختامية اليوم مكان وزمان انعقاد المؤتمر المقبل، منوها بأن هناك خطة لمواصلة عقد مثل هذه المؤتمرات، وقال «بما اننا نرفع شعار تدويل حملات الإبادة الجماعية ضد الكرد فينبغي لنا ان نوسع من علاقاتنا الدولية ومن بينها تنظيم مثل تلك المؤتمرات».

وفي الجلسة المسائية تواصلت المناقشات حول سلسلة أخرى من البحوث والدراسات ذات الصلة والتي قدمها عدد من الباحثين والأكاديميين الكرد والعرب العراقيين. وسيحضر رئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني الجلسة الختامية للمؤتمر اليوم وسيلقي كلمة وصفها القائمون على المؤتمر بالمهمة.