القيادة العسكرية: ما حصل «استهداف للجيش» والقصف الإسرائيلي لم يميز بين ثكناته وأحياء الضاحية

بري يبحث مع قائد الجيش والمدعي العام التمييزي في إجراء تحقيق جدي

TT

تكثفت امس في بيروت اللقاءات والاتصالات الهادفة الى الحد من تداعيات الحوادث الامنية التي دفعت في منطقة الشياح في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية مساء اول من امس واسفرت عن سقوط ستة قتلى وجرح حوالي خمسين. وألغى رئيس مجلس النواب نبيه بري مواعيده للانصراف لمتابعة التطورات. واستقبل في هذا السياق قائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان ومدير المخابرات العسكرية العميد الركن جورج خوري في حضور النائب علي حسن خليل والقيادي في حركة «أمل» احمد بعلبكي.

وذكرت «الوكالة الوطنية للاعلام» الرسمية ان سليمان «قدم للرئيس بري التعازي باسم قيادة الجيش بالشهداء الذين سقطوا اول من امس. وتم الاتفاق على اجراء تحقيق جدي وفعال وسريع لكشف كل الملابسات التي حصلت».

واستقبل بري، في السياق ذاته، المدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا، وجرت متابعة المواقف في ضوء تطورات منطقة الشياح وتداعياتها، ومن اجل التحقيق في ما جرى.

وتلقى بري اتصالاً من الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، وتوافقا على متابعة التواصل بعد عودة الامين العام من زيارة لاديس ابابا. كما تلقى بري اتصالات معزية بضحايا الاحداث من كل من النائب ميشال عون والمرجع الشيعي اللبناني السيد محمد حسين فضل الله ونائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان والوزير السابق جان عبيد ورئيس حزب الكتائب المستقيل كريم بقرادوني.

وإذ اعربت قيادة الجيش، في بيان لها امس، عن «المها البالغ تجاه سقوط الضحايا» واثنت على «مواقف القادة المسؤولين وتعاونهم من اجل ضبط الامور»، اكدت ان «التحقيقات جارية بأقصى الجدية والسرعة».

ودعا السيد فضل الله هذه القيادة الى «الاسراع في توضيح ما حصل» محذرا من «تفاقم الامور». فيما دعت قيادة حركة «أمل» التي يرأسها بري قيادة الجيش لـ «تحمل مسؤولياتها في الكشف سريعاً عمن قام بهذا العمل ان كان من داخل القوى العسكرية او من خارجها»، مشيرة الى «تحريض واستغلال سياسي قامت به بعض الشخصيات ومحطات التلفزة، ومشاركة جهات معروفة في اطلاق النار». وفي التفاصيل جاء في بيان قيادة الجيش الآتي: «تعرب قيادة الجيش عن المها البالغ تجاه سقوط عدد من الضحايا، وتتوجه الى ذوي الشهداء بأحر التعازي»، متمنية «الشفاء العاجل للجرحى المدنيين والعسكريين. وتعتبر ان ما جرى يوم اول من امس هو استهداف للجيش وللمواطنين، على حد سواء، ولا يخدم الا اعداء الوطن وفي طليعتهم العدو الاسرائيلي الذي لم يميز بقصفه الوحشي بين مراكز الجيش وثكنه وبين احياء الضاحية الجنوبية خلال عدوان تموز 2006». وتكرارا لما دأبت عليه في بياناتها السابقة، تدعو هذه القيادة الاهالي المعترضين على الاوضاع المعيشية، مع تحسسها العميق بمعاناتهم، الى التحلي بالوعي وضبط النفس اثناء التعبير عن مطالبهم المشروعة، وفي الوقت عينه، تهيب بمختلف وسائل الاعلام التحلي بروح المسؤولية الوطنية وتغليب المصلحة العامة على ما عداها في تغطية الاحداث، من خلال نقل الصورة والكلمة اللتين تساهمان في تهدئة الاوضاع وتخفيف الاحتقان.

ان قيادة الجيش، اذ تثني على مواقف القادة المسؤولين ازاء تعاونهم من اجل ضبط الامور ومنع انزلاق الاحداث الى مستويات اكثر خطورة، تؤكد ان التحقيقات جارية بأقصى الجدية والسرعة لكشف ملابسات ما حصل وتحديد المسؤوليات واتخاذ الاجراءات المناسبة».

أما بيان قيادة «أمل» فجاء فيه: «استكمالاً لبيانها الصادر (اول من) امس والذي اكدت فيه حركة امل انها منذ اللحظة الاولى لاندلاع الاحتجاجات الشعبية حاولت المساعدة على ضبط الامور وانهائها بالتعاون مع الجيش اللبناني والذي اتى بيانه ليؤكد ان استشهاد الاخ احمد حمزة كان خلال قيامه بدوره الايجابي لحل المشكلة الحاصلة. وقد انصب جهد الحركة مع باقي القوى على معالجة توسع عمليات الاحتجاج ومناشدة الاهالي وعي اخطار الاستدراج نحو مواجهات لا تخدم الاستقرار وتحقيق المطالب المرفوعة.

ان الحركة اذ تجدد مطالبتها بفتح تحقيق جدي وفوري لتحديد المسؤوليات في عملية اطلاق النار على المواطنين واصاباتهم المباشرة ما ادى الى وقوع هذا العدد الكبير من الشهداء والجرحى. وفي هذا الاطار تتوجه الى قيادة الجيش لتحمل مسؤولياتها في الكشف السريع عمن قام بهذا العمل غير المبرر، ان كان من داخل القوى العسكرية او من خارجها خصوصا مع وجود اسئلة كثيرة عن دخول اطراف اخرى على خط تصعيد الموقف من خلال بعض الشخصيات والمحطات التلفزيونية المتخصصة بالتحريض والاستغلال السياسي وايضا مشاركة بعض الجهات المعروفة في اطلاق النار، مما يحمل الجيش والاجهزة المعنية مسؤولية اضافية في تحديد هذه الجهات وادانتها».

أما المرجع فضل الله فاعتبر، في بيان وزعه مكتبه الاعلامي، «انه ينبغي على الجيش اللبناني وقيادته الاسراع في توضيح ما حصل من نتائج دامية اعقبت التحرك الشعبي العفوي»، متسائلا عن «السبب في الاستسهال باطلاق الرصاص على الناس حتى في المواقع البعيدة عن التحركات الشعبية» داعيا الى «اجراء تحقيق فوري حتى لا تتفاقم الامور من خلال حالة الاضطراب السياسي والتململ الشعبي»، مؤكدا «عدم جواز الاساءة الى الناس في انفسهم وممتلكاتهم العامة والخاصة».

في المقابل، ابدى البطريرك الماروني نصر الله صفير، لدى استقباله امس وفدا من محامي «قوى 14 آذار» اسفه للاحداث التي حصلت بالامس وللضحايا التي سقطت، سائلا الله «الا تكمل الفتنة طريقها في لبنان». وحسب «الوكالة الوطنية للاعلام» فان الوفد نقل عن صفير قوله ان «المشكلات لا تحل في الشارع انما داخل المؤسسات الدستورية»، مشددا على «ضرورة الاسراع في انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة وحدة وطنية ضمن الاطر الدستورية المعترف بها في لبنان، ومن بعدها الاحتكام الى الشعب من خلال الانتخابات النيابية المقبلة بعد وضع قانون انتخابي عادل».

وطالب الشيخ عبد الامير قبلان «المؤسسة العسكرية التي نحترم ونقدر ان تجري تحقيقا عاجلا وسريعا وليس متسرعا لما جرى». بدوره، رأى رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري ان حوادث الضاحية الجنوبية «تكشف مجددا عدم جدوى الاستخدام العشوائي للشارع وزج المواطنين في أتون تحركات لا يمكن ان تؤدي الى غير المزيد من تأجيج النفوس، والى مواجهات يشعر اللبنانيون جميعا بمدى فداحتها في هذا اليوم». وقال: «إنني اذ اعبر عن عميق الاسف للضحايا التي سقطت من اهلنا واخوتنا في الضاحية والجنوب، اتقدم بأحر التعازي من اهالي الشبان الشهداء، فردا فردا، الذين لم يختاروا قدرهم بملء ارادتهم، بقدر ما وجدوا انفسهم في موقع، ليس هو الموقع الذي يريدونه للشهادة في سبيل لبنان. ولا ارى ان احدا من اللبنانيين لا يشعر بالمرارة والحزن في هذا اليوم ازاء المأساة التي حلت بأهلهم ومناطقهم، وكذلك ازاء المواجهة غير المحسوبة مع الجيش اللبناني وما يترتب عليها من مضاعفات». وشدد على «ان الجيش اللبناني هو جزء لا يتجزأ من مكونات الشعب اللبناني، ولا يجوز تحت اي ظرف من الظروف، ان يكون خاضعا للاستنزاف او للابتزاز، ولن يكون في مصلحة اي جهة في لبنان ان تتخذ من القضايا الحياتية، ممرا للمواجهة معه، واستدراجه لادوار ومهمات تحسم من رصيده في المهمات الوطنية الاساسية». وقال: «ان الدولة للجميع، وهي ليست لفئة دون اخرى، وحماية الدولة ومؤسساتها واجهزتها واحترام قوانينها واجب على كل مواطن، وهذا ما نتطلع اليه من اجل ان يبقى عليه اهلنا في الضاحية، وان يبقى الجيش في نظرنا جميعا عنوانا للوحدة والتلاقي والدرع الواقية للسلم الاهلي والاستقرار الوطني». واعتبر الرئيس السابق للحكومة اللبنانية سليم الحص في تصريح ان «احداث ليل امس (الاول) الأمنية روعت المواطنين جميعا، وقد اظهرت مجددا ان امن البلد سيبقى على كف عفريت، والاستقرار في مهب الريح، ما دامت الازمة السياسية محتدمة ومستعصية على الحل». وجدد التأكيد ان المبادرة العربية «تبقى المخرج الوحيد المتاح» متمنياً ان يعود موسى فورا الى لبنان لاستئناف مساعيه وايجاد صيغة توافقية لتطبيقها».