فياض ومنظمة التحرير يدعوان حماس إلى عدم عرقلة القرار العربي.. والحركة ترفض

القاهرة تريد أن تتسلم السلطة معبر رفح والاتحاد الأوروبي مستعد لإعادة مراقبيه بشروط

جنود مصريون يعيدون وضع اسلاك شائكة على الحدود بين مصر وغزة (أ.ف.ب)
TT

دعا رئيس الحكومة الفلسطينية سلام فياض أمس حركة حماس الى «عدم التدخل» في موضوع اعادة فتح المعابر مع قطاع غزة بينما طالبت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حماس بعدم تعطيل تنفيذ قرار وزراء الخارجية العرب بشأن معبر رفح.

من جانبها قالت مصر انها تريد ان تسيطر السلطة الفلسطينية برئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس على المعبر الحدودي بينها وبين قطاع غزة.

وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيان ان وزير الخارجية المصري أحمد ابو الغيط بعث برسائل شفهية الى عدد من وزراء الخارجية الأوروبيين ووزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس.

وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية ان ابو الغيط أكد في رسائله على اهمية تفهم المجتمع الدولي لضرورة عدم تكرار اجراءات العقاب الجماعي الاسرائيلي ضد سكان القطاع لما ينتج عنها من تداعيات سلبية وغير انسانية مشيرا الى اهمية تعاون الجانب الاسرائيلي مع الجهود الحالية لتنظيم عمل المعابر من خلال نشر أفراد السلطة الوطنية الفلسطينية فيها واستئناف عمل المراقبين التابعين للاتحاد الأوروبي.

وجاء ذلك بعد يوم من قرار اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة الذي دعا الأطراف المعنية لاستئناف العمل بالترتيبات المتفق عليها دوليا لضمان إعادة تشغيل كافة معابر قطاع غزة بما في ذلك معبر رفح وبما يضمن تجنب تكرار انفجار الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة مستقبلا مع الترحيب بإعلان السلطة الفلسطينية استعدادها لتحمل مسؤولية كافة معابر قطاع غزة مجددا.

لكن حركة حماس رفضت العودة للعمل بإتفاق المعابر الذي كان يتم تشغيل معبر «رفح» على أساسه قبل سيطرتها على قطاع غزة. وعقب الناطق باسم حماس فوزي برهوم على اقوال فياض لـ«الشرق الاوسط»، قائلا «ليس فياض اللا شرعي، هو الذي يقول لحكومة هنية الشرعية بان لا تتدخل». وشدد برهوم على ان حركته لن تسمح مطلقا بتفعيل الاتفاقية القديمة، قائلا «انه اتفاق امني وقد مات، وحماس لن تسمح بتواجد اجنبي او اسرائيلي على المعبر» معتبرا انه معبر فلسطيني مصري «بحت». وحول قرار الجامعة العربية الداعم للسطة، قال برهوم «ان الدول العربية حرصت على ان تكون متوازنة قدر الامكان من دون ان تنصر حماس على فتح او العكس». واضاف «لكن حماس لا تقف عند البيانات». وتابع «لقد تلقينا دعوة من القاهرة وسيذهب وفد رفيع من الداخل والخارج لتقديم اقتراح تشغيل المعابر»، وحسب برهوم فلا مانع عند حماس من التقاء فتح في القاهرة عبر اجتماعات ثلاثية او ثنائية. وكان وزير الإعلام والناطق باسم الحكومة الفلسطينية، رياض المالكي نفى نفيا قاطعا احتمال عقد اجتماع بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ووفد حركة حماس في القاهرة يوم الأربعاء المقبل.

وأكد المالكي في حديث لإذاعة صوت فلسطين «ان الرئيس عباس سيجتمع صباح الأربعاء بالرئيس المصري حسني مبارك وسيعود في نفس اليوم إلى عمان بحيث لن تتزامن زيارته للقاهرة مع زيارة وفد حماس». من جانبه قال الدكتور يحيى موسى نائب رئيس كتلة حركة حماس البرلمانية، وأحد أبرز قادة الحركة في القطاع إن الشعب الفلسطيني وحركة حماس قد حسما أمرهما بشكل واضح وجلي ولا عودة للواقع السابق الذي يترك لإسرائيل المجال للتحكم في المعبر، منوهاً الى أن اسرائيل وظفت اتفاقية المعابر القديمة لتكون سيف مسلط على رقاب الشعب الفلسطيني ولإعانتها على ارتكاب جرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني. وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» شدد موسى على أن حركته ترفض بشدة منح إسرائيل من جديد أي صلاحية لإدارة معبر «رفح» سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. وأعرب موسى عن ثقته أن قرار الجامعة العربية لا يعني بحال من الأحوال مواصلة استثناء حكومة هنية المقالة من إدارة شؤون المعبر. وحول تصور حركته لحل مشكلة المعبر، قال موسى إن أي حل يجب ان يضمن تحقيق شرطين أساسيين، وهما عدم منح إسرائيل أي صلاحية للتأثير على الحركة من خلال المعبر، الى جانب أن تعكس ادارة المعابر الشراكة السياسية في الساحة الفلسطينية، مشدداً على أنه ليس في الوارد لدى حركة حماس أن تسمح لطرف فلسطيني ما بإدارة المعابر بمفرده لمجرد أنه مقبول لدى الاميركيين والأوروبيين. من ناحيتها دعت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية امس الاثنين حركة حماس لعدم تعطيل تنفيذ قرار وزراء الخارجية العرب بشأن معبر رفح.

من ناحيته قال رئيس الوزراء الفلسطيني المقال إسماعيل هنية، إن إزالة الجدار الحدودي الفاصل بين قطاع غزة ومصر يجب أن يساهم في إنهاء الحصار المفروض على القطاع منذ أكثر من سبعة اشهر، الى جانب فك الارتباط الاقتصادي مع إسرائيل. وفي تصريحات للصحافيين صباح امس، قال هنية «نسعى لفك الارتباط الاقتصادي الكامل مع دولة الاحتلال، وبالرغم من أن الاحتلال عليه أن يتحمل مسؤوليتنا القانونية على الأرض الفلسطينية إلا أن وجهتنا عربية». وانتقد هنية سلوك الحكومات الفلسطينية السابقة التي حرصت على تكريس الارتباط الاقتصادي بين اسرائيل ودولة الاحتلال، مشدداً على سعي حكومته على توثيق العلاقات الاقتصادية. واعتبر هنية أن ما جرى على الحدود يمثل «رسالة لكل من يشارك في الحصار على غزة خاصة بعد أن وصل الحصار لحد لا يطاق»، نافياً في الوقت ذاته أن تكون خطوة تفجير الحدود تحدي للسيادة المصرية. وقال: «لا يوجد بيننا وبين الأشقاء في مصر أي خلاف ولا مع الدول العربية، فمن الممكن أن نتعاتب ولكن لا نغضب، وعندما يوضع شعب بأكمله تحت حصار بهذا الشكل ماذا تتوقعون منهم؟». وحول الحوار الفلسطيني الداخلي، اعتبر هنية أن أي حوار سينطلق سيكون «بلا شروط، وعلى أساس احترام الشرعيات، ككل لا يتجزأ، ومن منطلق اتفاقية القاهرة ووثيقة الوفاق الوطني واتفاقية مكة المكرمة، وعدم السماح بتدخلات أميركية وإسرائيلية». واضاف «نؤكد أن الحوار كان خيارنا منذ البداية، حيث نرحب بكل جهد من أجل إنهاء الانقسام الداخلي واستئناف الحوار بين الأشقاء دون شروط، وأن استمرار وضع شروط على الحوار هو إجهاض مبكر لأي جهود». على صعيد آخر من المتوقع أن يتوجه وفد من حركة حماس غداً الاربعاء الى القاهرة للتباحث مع الحكومة المصرية حول سبل اعادة العمل على معبر رفح. وفي تصريحات لـ«الشرق الاوسط»، قال الناطق بلسان الحركة الدكتور سامي ابو زهري أن وفد حماس يضم عددا من قادتها في الخارج والداخل وممثلين عن الحكومة المقالة، وذلك بناء على دعوة وجهت للحركة من قبل الحكومة المصرية. واعتبر أبو زهري أن الدعوة المصرية «تنفي صحة إدعاءات حكومة فياض أن مصر وافقت على خطة الرئيس محمود عباس لإدارة المعابر»، على حد تعبيره.

وكان سلام فياض أكد أمس ان السلطة الفلسطينية «صاحبة الولاية القانونية لادارة المعابر».

وقال خلال مؤتمر صحافي عقده في مقر مجلس الوزراء في رام الله عقب انتهاء اجتماع الحكومة الفلسطينية «المطلوب لادارة المعبر عدم التدخل اطلاقا من قبل أي طرف وتحديدا حركة حماس فيما يمكن من اعادة تشغيل المعابر في قطاع غزة». واوضح في رد على سؤال انه لا يوجد اي اتصال مع حركة حماس «ولكن عليهم الا يقوموا بأي عمل من شأنه تعطيل اي جهد لاعاقة اعادة فتح المعابر او اغلاقها بعد فتحها».

وتابع «هناك موقف عربي بالاجماع وموقف دولي غير مسبوق بالموافقة على ادارتنا للمعابر ونحن اعربنا عن استعدادنا لادارتها».

وقال «ان الانقلاب الذي حدث في غزة لن يغير من حقيقة الامر اي شيء بخصوص دورنا في المسؤولية عن ادارة المعابر وسنقوم بممارسة هذا الدور وهذه المهام».

واضاف فياض «اننا نسعى الى تحقيق فتح قابل للاستمرار في المعابر خاصة معبر رفح ولكن بشكل نظامي ولا بد من تنظيم الحركة على المعابر».

وقال «ان ما حصلنا عليه من موافقة دولية هو انجاز هدفه رفع الحصار عن قطاع غزة وانهاء معاناة الشعب الفلسطيني في القطاع» موضحا «اننا سنستمر في جهودنا من اجل ان يتم الفتح الفعلي للمعابر».

ويتوجه وفد من السلطة الفلسطينية الاربعاء الى القاهرة لبحث قضية المعبر كما يزور العاصمة المصرية وفد من حماس للغرض عينه.

ويقضي اتفاق ابرم في نوفمبر (تشرين الثاني) 2005، عقب الانسحاب الاسرائيلي من غزة، بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية بان تتولى الاخيرة السيطرة الامنية على الجانب الفلسطيني من معبر رفح بينما يتولى موظفون من الاتحاد الأوروبي مراقبة حركة الدخول والخروج لضمان عدم تهريب اسلحة او اشخاص ملاحقين من جانب اسرائيل الى غزة.

في الوقت نفسه قال بيان صادر عن امانة سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية «تدعو منظمة التحرير حركة حماس الى عدم تعطيل تنفيذ القرار العربي الاجماعي بشأن تولي السلطة الفلسطينية المسؤولية عن معبر رفح لان تعطيله يلحق افدح الاضرار بمصالح شعبنا وأمن مصر ويؤدي الى تمكين اسرائيل من تنفيذ مخططاتها ضد حق المرور والتنقل للمواطنين الفلسطينيين وضد أمن مصر الشقيقة». وتابع البيان «ان قيام حركة حماس بالاستجابة للقرار العربي هو المؤشر الجدي على نواياها تجاه الحوار الوطني وليس تكرار قادتها اللفظي لمزاعم رغبتهم في حوار غير مشروط على حد قولهم».

الى ذلك قالت مصادر إسرائيلية إن رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود أولمرت، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، اتفقا اول من امس على مطالبة مصر بإغلاق الحدود مع قطاع غزة. موضحةً أن أولمرت أعرب عن معارضته الشديدة لأي حوار بين فتح وحماس. وقال مسؤول سياسي إسرائيلي لصحيفة «هآرتس» الاسرائيلية، «وجدنا أذنا صاغية من قبل الرئيس عباس في هذا الموضوع». وحسب هذا المسؤول أن أجهزة الأمن ستعقد خلال الأيام القريبة جلسة تقييم حول الأوضاع الجديدة في قطاع غزة عقب فتح الحدود مع مصر، مشيراً إلى أن المسؤولين الإسرائيليين يرون في هذه الخطوة فرصة تقود مصر إلى التدخل بشكل مباشر في قطاع غزة، إلا أنهم يخشون في الوقت ذاته من أن يتيح ذلك تدفق السلاح بحرية إلى قطاع غزة، إلى جانب إمكانية شن هجمات على أهداف إسرائيلية عبر الحدود المصرية.

وكان وزراء الخارجية العرب حملوا إسرائيل باعتبارها قوة الاحتلال، المسؤولية الكاملة عن تدهور الأوضاع في الأراضي الفلسطينية مطالبين إياها بالوقف الفوري التام عن ممارساتها العدوانية المستمرة ضد المدنيين وإنهاء سياسة الحصار والعقاب الجماعي وفتح المعابر والسماح بوصول المواد الأساسية وكافة مستلزمات المعيشة للشعب الفلسطيني وضرورة إزالة كافة الحواجز التي تضعها إسرائيل في الضفة الغربية بما يسهل حرية حركة الأفراد والسلع.