أولمرت يستبق تقرير فينوغراد بطمأنة حزبه بأنه سيبقى في الحكم سنين عديدة

ألوف الملصقات في الشوارع تطالب باستقالته بسبب إخفاقات الحرب في لبنان

TT

«سئلت كثيرا هذا الأسبوع عما أنوي فعله، اثر صدور تقرير لجنة فينوغراد الحكومية للتحقيق في اخفاقات الحرب في لبنان. كونوا مطمئنين اننا سنبقى في الحكم سنين عديدة أخرى»، بهذه الكلمات حاول رئيس الوزراء الاسرائيلي، ايهود أولمرت، طمأنة نواب حزبه «كديما»، في الكنيست (البرلمان الاسرائيلي)، لدى اجتماعه بهم، أمس، تمهيدا التقرير المذكور، المقرر صدوره مساء غد. وقال أولمرت انه يبني ثقته هذه على واقع ان حكومته «نجحت في استخلاص العبر من أخطاء الحرب وإدارتها والانتقال بالجيش الى عهد جديد»، وانه لا يخشى من «العواصف الاعلامية التي يثيرها بعض الحزبيين المنفلتين الذين يسخرون كل شيء محرم في العمل السياسي لخدمة أغراضهم الشخصية ومصالحهم الحزبية الضيقة، من دون الاكتراث الى الأضرار التي يلحقها تصرفهم في المصلحة الوطنية». ودعا رفاقه في قيادة الحزب الى التصرف بأعصاب باردة وبإرادة قوية مؤكدا لهم انه سيعبر هذه الأزمة ويواصل مشواره لجعل اسرائيل في عصر جديد من السلام والازدهار. وجاء هذا الخطاب، الذي حرص أولمرت على إلقائه في حضرة عشرات الكاميرات التلفزيونية، ليرد على «حملة الستين ساعة» التي أطلقتها، أمس، مجموعات من العائلات الثكلى وضباط الاحتياط ونساء الجنود المحاربين في لبنان، والهادفة الى دفع رئيس الوزراء الى تحمل المسؤولية عن الاخفاقات والاستقالة من منصبه. وقال قادة الحملة انهم اختاروا اسم «الستين ساعة» رمزا لموضوع معركتهم ضد أولمرت. فهم يتهمونه بإصدار أوامر للجيش في نهاية حرب لبنان في صيف 2006 بالهجوم البري على قوات حزب الله في سبيل الضغط عليها حتى تقبل بالشروط الاسرائيلية لوقف النار حسب قرار مجلس الأمن 1701. وادعى أولمرت لاحقا بأن هذا الضغط جاء بطلب من دبلوماسي أميركي في نيويورك، آنذاك. ولكن المندوب الأميركي في الأمم المتحدة، جون بولتون في حينه، زار اسرائيل في الأسبوع الماضي وفند مزاعم أولمرت وقال ان العمليات الحربية الاسرائيلية التي تمت خلال الستين ساعة الأخيرة من الحرب لم تغير شيئا في قرار 1701 ولم يكن لها أي تأثير سياسي.

ولذلك، فإن العديد من العائلات التي خسرت أبناءها في الحرب عموما وفي الساعات الستين الأخيرة، ومعها حوالي 50 قائد سرية في الجيش الاحتياطي وعشرات النساء من عائلات الجنود الذين ما زالوا يرتدون الزي العسكري، يعتبرون أوامر أولمرت في تنفيذ هذا الهجوم بمثابة «قرار غير مسؤول». ويقولون ان 34 جنديا وضابطا في الجيش الاسرائيلي قتلوا نتيجة هذا القرار. وأفاقت اسرائيل امس على ألوف الملصقات واعلانات الشوارع الضخمة التي تطالب أولمرت بالاستقالة. وتقول انه «فرّط بـ34 جنديا من أجل مكسب اعلامي». وفي المساء تظاهرت عشرات النساء أمام بيت وزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، يطالبنها بإعلان موقف سياسي شجاع ضد أولمرت وقيادة تمرد عليه داخل حزب «كديما». وكانت ليفني قد اجتمعت مع مجموعة العائلات الثكلى التي تطالب باستقالة أولمرت، مساء الأول من أمس. ومع انها قالت لهم انها تجتمع معهم لأنها تحترم آلامهم وليس لأنها تؤيد مطالبهم، فإن المقربين من أولمرت أبدوا امتعاضا من تصرفها وقالوا إنها بذلك تعود الى عهد التآمر على أولمرت، ووصفوها بناكرة الجميل التي تغرز سكينا في ظهر القائد الذي أبرزها ودعمها وجعل منها القائد الثاني في الحزب من بعده والنائبة الأولى له في رئاسة الحكومة.

من جهتها، نفت ليفني أن تكون قد تصرفت ضد أولمرت. وقال مقربون منها ان عددا من مساعدي أولمرت يتصرفون بعصبية ويفقدون صوابهم لأي تحرك منها، ولكنهم «لو وضعوا عقولهم في رؤوسهم وفكروا جيدا بما تفعله، لكانوا وجدوا بأن لقاءها مع العائلات الثكلى هو الذي يصب في مصلحة أولمرت وحزب «كديما» الذي يقوده». ولكن يبدو ان ليفني تحسب حسابات أخرى ازاء ما يجري على الساحة السياسية عشية صدور تقرير لجنة فينوغراد، حيث ان التقرير سيتطرق اليها أيضا. وقد اهتم مقربون منها بأن ينشروا معلومات جديدة عن دورها في تلك الحرب. فقالوا انها كانت قد اقترحت على أولمرت أن لا يكتفي بالعمليات العسكرية الحربية في لبنان ويسعى الى طرح مبادرة سياسية. بل انها طرحت عليه خطة سياسية في الثاني عشر من يوليو (تموز)، أي في الاسبوع الأول من الحرب ولكنه رفضها. وعند اجراء المفاوضات حول مشروع القرار 1701 لمجلس الأمن الدولي، اقترحت لفني أن تسافر الى نيويورك لكي ترمي بثقلها السياسي لتحسين المشروع، حيث ان أوساطا اسرائيلية وأميركية كانت قد اتهمت وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، ببيع اسرائيل للفرنسيين الذين يدافعون عن المصالح العربية، وفي هذه الحالة يفضل أن تكون ليفني على تماس معها لأنهما صديقتان حميمتان وبإمكانها أن تؤثر عليها. لكن أولمرت منعها من السفر في حينه. ومن شدة غضبها عليه، سربت الى الصحافة نبأ حول خلافهما.