آكو.. «سيد الكهرباء» في أحد أحياء بغداد

مهمته تشغيل مولد لشبكة عنكبوتية 3 ساعات 3 مرات يوميا

TT

بغداد ـ ا.ف.ب: في غرفة بنيت جدرانها من ألواح معدنية وسط مبان عدة في منطقة الصالحية، في قلب بغداد، يجلس آكو فوق شبكة من الأسلاك الكهربائية ممارسا مسؤولية تزويد الشقق المحيطة بالطاقة من مولد كهربائي. ويتنقل آكو وهو في العشرين من العمر بين شبكة عنكبوتية من الاسلاك التي لها اول وليس لها آخر، متفحصا توصيلها بالشبكة الام لمولد وضع في موقع قريب يزود أكثر من مائة عائلة بالكهرباء.

وبعد مرور 5 أعوام على سقوط النظام السابق، ما تزال العائلات في بغداد تستخدم المولدات الموزعة في الاحياء للحصول على الكهرباء، بحيث باتت العملية مشروعا استثماريا مربحا. ويتولى آكو مثله مثل مئات آخرين، المسؤولية عن مولد كهربائي وضع في ساحة تستخدم مكانا لوقوف السيارات على مقربة من مجمع سكني في منطقة الصالحية. وتبلغ قوة المولد 200 كيلوواط، ويقوم آكو بتنظيم أوقات التزود بالكهرباء. ويؤكد وهو واقف وسط أبخرة العوادم الصادرة من المولد واضعا يديه في جيبيه ان «المولد يزود 128 عائلة بالكهرباء».

وفي «غرفة القيادة»، تم تعليق لوحة ثبتت عليها عشرات القواطع الكهربائية التي تحمل ارقام المباني والمنازل والكمية المزودة لكل منها، فيما خصص آكو فراشا للاستراحة بدا متسخا بالزيوت. وكتب على أحد القواطع «مبنى رقم 40 الطابق الثالث الشقة التاسعة عشرة امبيرات». ويتعين على الراغب في الحصول على الكهرباء شراء الاسلاك التي يصل طولها احيانا الى 150 مترا والمفاتيح والقواطع الخاصة بذلك. وأوضح آكو أن «للزبائن الاختيار بين أربعة الى 20 أمبيرا»، مضيفا ان «الامبير الواحد يكلف المشترك 13 ألف دينار (حوالي عشرة دولارات)». ويدفع المشتركون مبالغ تتراوح بين 52 الى 260 ألف دينار (35 الى 213 دولارا) شهريا. وأشار آكو الى تشغيل المولد ثلاث ساعات ثلاث مرات يوميا. وتتفرع الاسلاك الكهربائية التي تخرج من غرفة المولد بشكل عشوائي ما يشبه الألعاب النارية التي تنطلق في كل الاتجاهات، ويستعمل آكو عصا خشبية أحيانا للوصول اليها.

وبدافع خدمة المشتركين، يبادر آكو بعض الاحيان الى تشغيل المولد قبل عشرين دقيقة من الموعد المحدد، ويقول «يجب ان أبقى في المكان لاعادة تشغيل المفاتيح التي تنطفئ وتقطع الكهرباء عن المشتركين». وفجأة يصل شاب يرتدي نظارات سوداء قائلا «كلما نشغل سخان الماء الكهربائي، تنقطع الكهرباء، لماذا؟». ويجيب آكو ان «تشغيل السخان يتطلب اطفاء اكبر عدد ممكن من المصابيح». ويشرح ان بإمكان «المشترك الذي يسحب عشرة امبيرات تشغيل الانارة والاجهزة الكهربائية في منزله لكن لا بد من اطفاء المصابيح لتشغيل سخان المياه».

ويتقاضى آكو مقابل متابعة تشغيل المولد 280 ألف دينار شهريا (220 دولارا) ويسكن قرب المكان، كما انه من يستفيد من المولد، ويقول ان «معاناتي هي الدافع الأكبر لقبولي هذا العمل». لكن آكو والجيران ما يزالون يتطلعون الى عودة التيار الكهربائي، خصوصا بعد سنوات على سقوط النظام السابق وحملات إعادة الاعمار في البلاد.