برهم صالح: ما تحقق في العراق الآن أشبه بوقف إطلاق نار إكثر منه سلاما دائما

نائب رئيس الوزراء العراقي لـ«الشرق الاوسط» : وجهنا رسالة للمالكي تدعو لتصويب المسار وتصحيح الوضع الحكومي

برهم صالح خلال مشاركته في إحدى جلسات منتدى دافوس الاخير («الشرق الأوسط»)
TT

أكد نائب رئيس الوزراء العراقي برهم صالح أن عام 2008 سيكون عام مواجهة الازمات السياسية التي يمر بها العراق خلال السنوات الاخيرة، معتبراً ان فشل الحكومة في معالجة الملف السياسي في ضوء التحسن الامن النسبي سيكون تقصيراً في حق الشعب العراقي. والتقت «الشرق الاوسط» بصالح على هامش مشاركته في «منتدى الاقتصاد العالمي» في منتجع دافوس السويسري حيث شارك في جلسات نقاش بالاضافة الى عقد لقاءات ثنائية مع عدد من السياسيين، ابرزهم وزيرا خارجية ايران منوشهر متقي، وتركيا علي باباجان، بالاضافة الى لقاءات مع الرئيس الايراني السابق محمد خاتمي، ووزير خارجية فرنسا برنارد كوشنير، ووزير خارجية بريطانيا دايفيد مليباند. وشدد صالح خلال اجتماعه بمتقي على ان العراق لن يقبل وصاية من دولة اخرى وفي الوقت نفسه لن يقبل استخدام الولايات المتحدة الاراضي العراقية للتعرض الى مصالح جيرانه. وفي ما يلي نص الحوار:

* قلتم ان عام 2008 سيكون عام التقدم السياسي في العراق، كيف ستتوصلون الى ذلك؟

ـ التحدي الاكبر امامنا في الفترة المقبلة هو ترسيخ التحسن الامني، فما تحقق الى الآن اشبه بوقف اطلاق النار منه الى سلام حقيقي والتحول الى سلام راسخ ودائم يتطلب اصطفافا وطنيا وحقيقيا لمعالجة الاحتقانات السياسية. يجب ان نقر بوجود خلل بنيوي في الوضع السياسي ما ادى الى تكرار الازمات السياسية التي تعصف بإدارة البلد وحكمه. العراق يعيش ظروفا استثنائية لا يتحمل مثل هذه الدوامة من التجاذبات السياسية، والمطلوب ان تكون للعراق حكومة متماسكة وجامعة ترفض الاقصاء ومتفقة على الاساسيات والرؤى لحل المشاكل المختلفة التي نعاني منها وفي مقدمتها دحر التطرف والارهاب واستئصالهما من الواقع الاجتماعي والسياسي في البلد، وايضاً التركيز على الاصلاحات المطلوبة الاقتصادية للنهوض بالبلد اقتصادياً وتحسين واقع الخدمات.

* ولكن ما هي الخطوات الفعلية للدفع بهذا الاتجاه وتحديدا فيما يتعلق بالتحالف الكردستاني وما تردد عن توجيه رسالة منه الى رئيس الوزراء نوري المالكي؟

ـ هناك حوارات حقيقية تجري في بغداد بين الاخ رئيس الوزراء والكتل السياسية المختلفة. واقع الامر ان القاعدة السياسية للحكومة تقوضت أو انحسرت الى حد كبير بسبب الانسحابات المتكررة بدءا بالتيار الصدري وحزب الفضيلة والقائمة العراقية وجبهة التوافق. نعم، وجّه التحالف الكردستاني رسالة الى رئيس الوزراء تعنى بالأزمة الوطنية التي نعاني منها في العراق، وتؤكد ضرورة تصويب المسار وإصلاح الوضع الحكومي. اتوقع خلال الفترة القليلة المقبلة ان تتعمق وتتكثف هذه الحوارات. الكل يقر بضرورة تصويب المسار والكل يقر، على الاقل لفظاً، بضرورة معالجة هذه الاختلالات التي تعاني منها العملية السياسية. آن الأوان للعمل الجاد للإصلاح الجذري. اقول لا يمكن لنا بعد حوالي 5 سنوات من إسقاط النظام وهذه الازمات السياسية المتكررة التي نعاني منها، إلا ان نكون صريحين مع انفسنا ومع شعبنا والاقرار بوجود خلل ووجود مشاكل حقيقية بحاجة الى معالجات جدية وجذرية. التحسن الامني الذي تحقق ليس بالقليل ولا يمكن لنا ان نستهين به، هذا انجاز مهم جداً وقد تنفس العراقيون الصعداء في الأنبار ومناطق في بغداد وغيرها كانت تشهد عمليات عنف كبيرة. وهذا يلقي مسؤولية كبيرة علينا نحن السياسيين، علينا ان نعمل من اجل حماية الانجازات الامنية وتوسيعها وترسيخها وتحويلها الى سلم دائم ووطني وتحقيق الاصطفاف الوطني لمواجهة الارهاب والتطرف. العراق يعيش ظروفا استثنائية ويواجه تحديات استثنائية بكل المقاييس، ولا يمكن حكمه بصورة فاعلة ومجدية من خلال المحددات السياسية الحالية. ان العراق بحاجة والشعب العراقي يستحق حكومة استثنائية كفوءة وفاعلة تستنهض امكانيات العراق وتنهي دوامة العنف.

* ماذا عن هذه الرسالة التي وجهت الى رئيس الوزراء نوري المالكي، هل تأتي ضمن سياق الخلافات بين الحكومة المركزية وحكومة اقليم كردستان في مجالات قضية النفط؟

ـ رسالة التحالف الكردستاني لم تتطرق الى النقاط الخلافية بين حكومة الاقليم وبعض الوزارات الاتحادية. الرسالة كانت منصبة على الوضع العام وضرورة حل وطني لمشاكل يعاني منها البلد، أما مشاكل الاقليم والاختلافات حول هذا الملف او ذاك فيمكن حلها في سياق ايجاد معادلة وطنية تحقق المطلوب وهو الالتزام بالدستور. التحالف الكردستاني بقي مساندا للحكومة برئاسة السيد المالكي، والمشاكل السياسية التي جابهتها هذه الحكومة لم تبدأ من التحالف الكردستاني وانما بدأت من اطراف سياسية مهمة اخرى، منها التيار الصدري وجبهة التوافق والقائمة العراقية. والتحالف الكردستاني يعي أهمية الحل الوطني الشامل، فلا يمكن معالجة مشاكل اقليم كردستان بمعزل عن الوضع الوطني العام، وحتى لو عالجناها اليوم، ستبرز مرة اخرى بعد فترة لأن المشكلة بنيوية ناجمة من سياقات اتخاذ القرار. والسؤال هو هل نحن في حكومة تعبر عن الواقع التعددي في العراق وسياقات تكرس المشاركة في القرار وتحمل المسؤولية، أم هي اغلبية تحكم والبقية تتبع. هذا سؤال جوهري. وفي واقع الامر، التحالف الكردستاني ربما اقل الاطراف تأثراً بهذا الموضوع للثقل السياسي الذي يتمتع به الوضع الكردي وتماسك الموقف الكردي وصعوبة تجاهله. ولكن نحن جزء من المعادلة الوطنية العراقية، والقيادة الكردية اتخذت قراراً استراتيجياً ان يكون الاقليم جزءا من المشروع السياسي لبناء دولة ديمقراطية فدرالية في العراق. نعم هناك من الكرد من يدعو الى الاهتمام الحصري بالمصالح الذاتية والمطالب الآنية للوضع الكردي ولكن الغالبية العظمى من القيادة الكردية ترى ان الوضع الكردي لن يستقر والمطالب الكردية لن تتحقق بدون نهوض الوضع في العراق وبدون الاستقرار السياسي العام في العراق. امن كردستان مستقر اليوم ولكن لن يدوم هذا الاستقرار اذا لم يتحقق الاستقرار في نينوى وبغداد والانبار والبصرة، فالمصالح مترابطة والقيادة الكردية اتخذت موقفاً داعماً لحل وطني لمشاكل الوطن وألا نكون فقط مهتمين بالمشاكل المتعلقة باقليم كردستان. هذا موقف جاد وأملي ان نعمل مع شركائنا في الوطن من الاطراف السياسية المختلفة لاصلاح الخلل الذي اصاب العملية السياسية ومؤسسات الحكم في البلد، فنحن من دعاة الاصلاح والتصويب، ودعاة التظافر بين الكتل السياسية الفاعلة التي تستطيع ان تتفق على رؤية مشتركة لحل المشاكل التي يواجهها البلد.

* هل جاءكم رد من رئيس الوزراء على الرسالة الخطية؟

ـ هناك رد من الاخ رئيس الوزراء انا لم اطلع عليه لأنني في الخارج لكن املي ان يتفهم الكل ان التحالف الكردستاني جاد في دفع عملية الاصلاح في البلد. نحن نرى بأن هناك اقرارا وطنيا عاما بأن الوضع بحاجة الى تصويب ولا يمكن لنا ان نسمتر في ادارة البلد بهذه السياقات والاساليب. واستحقاقات هذا العام استحقاقات جسيمة، لا يمكننا ان نلقي بكل مشاكلنا على الشماعة الامنية والوضع الامني. الكرة في ملعب الساسة، وإن لم يتحول وقف اطلاق النار الى سلم راسخ فسيسجل ذلك تقصيراً تاريخيا على قادة البلد. ويجب الا ينظر الى هذا الموضوع من نزعات فئوية أو ذاتية من ذلك الطرف أو ذاك، مصلحة الوطن تتطلب حلا سياسيا جذريا يكرس وحدة الموقف ضد التطرف والارهاب ويكرس الشراكة الحقيقية في القرار وتحمل المسؤولية ويكرس حكومة فاعلة قادرة على الأداء وتجاوز الاختناقات الطائفية والفئوية التي عانينا منها.

أولويتنا في التحالف الكردستاني تكمن في اصلاح الحكومة برئاسة الاخ المالكي، لا تغييره، ونؤكد ان الاصلاح وتصويب المسار باتا استحقاقا لا يمكن تجاهله والمطلوب حكومة فاعلة ومتماسكة تؤمن شراكة حقيقية بين القوى السياسية الاساسية في صناعة القرار، وإن لم تتحقق هذه الاصلاحات المطلوبة فالنتائج ستكون وخيمة على الكل.

* هناك ملفات اساسية عدة عالقة، وعلى رأسها مشروع قانون النفط الذي وافق عليه مجلس الوزراء في فبراير (شباط) الماضي، فمتى تتوقعون ان يصدر هذا القانون؟ ـ لا شك لا يمكن لنا إلا ان نقر بوجود اخفاق في هذا المجال، وعدم اصدار قانون النفط يمثل عقبة كبيرة امام تطور القطاع النفطي وانطلاقه كي نتمكن من استثمار هذه الثروة الوطنية.

* ولكن ما سبب الخلافات والتأخير في اصدار القانون؟

ـ هناك قضايا عالقة متعلقة بسياقات التعاقد. اتوقع خلال الفترة القليلة المقبلة أن تكون النقاط الخلافية حول قانون النفط ضمن النقاشات السياسية التي ستجري لحل الازمة التي تحدثت عنها. وأملي ان تحل هذه الاشكاليات بالتي هي أحسن وتؤدي بنا الى توفير البيئة الادارية والاستثمارية المؤاتية لانطلاق القطاع النفطي. الخلافات هي حول سياقات الادارة ولكن مبدأ شراكة كل العراقيين في الثروة النفطية وضرورة التوزيع العادل لمواردها على كل العراقيين بدون تمييز لا خلاف عليه.

العراق لا يزال دون الطموح في ما يتعلق بمستويات التصدير والانتاج، كنا نتمنى في عام 2007 ان تصل مستويات الانتاج الى 3 ملايين برميل في اليوم، مع الاسف بقيت دون ذلك. هذا خلل كبير وإخفاق لا يستهان به، وبالذات في ظل الاسعار المرتفعة للنفط ومتطلبات التمويل لاعمار العراق. هذا الاخفاق متأت من مشاكل ادارية وتجاذبات سياسية ألمت بإدارة القطاع النفطي وايظا هجرة الكفاءات من هذا القطاع الحيوي.

* البيئة الاستثمارية في العراق حالياً غير مشجعة، فهناك تصريحات مختلفة تصدر من اقليم كردستان ومن بغداد حول مصير الشركات التي بدأت العمل في الاقليم، فكيف ستحل هذه القضية؟

ـ هناك نقطة خلافية بين حكومة اقليم كردستان ووزارة النفط، وقرار وضع الشركات في قائمة سوداء لم يتخذه مجلس الوزراء وليست هناك سياسة حكومية مقرة حول الموضوع. اريد ان اتحدث بهذا الملف بموضوعية ومن موقعي كنائب رئيس الوزراء. اذا تمكنا من حل هذا الموضوع قريباً فبها، ولكن ان لم نتمكن وتمسكت وزارة النفط، أو الاقليم، كلٌ بموقفه، فتستطيع ان تذهب الى المحكمة الاتحادية وهي التي يجب ان تبت في الموضوع، حسب الدستور. ولكن قرارا فرديا من وزير او وزارة معينة خارجا عن سياقات الدستور غير مقبول على الاطلاق. وبعيداً عن مفردات هذا الموضوع، كان من الممكن معالجة الموقف بشكل لا يؤدي الى هذا التصعيد. المطلوب الالتزام بالدستور والقانون بحل الخلافات، فشيء طبيعي في كل البلدان ان تكون وجهات نظر متباينة حول تطبيق مادة دستورية ولكن المكان لحسمها هو من خلال المحكمة الاتحادية وحسب الدستور، ولكن الانفراد بالقرار من طرف، وفرضه كأمر واقع، غير مقبول على الاطلاق، وبتقديري في الفترة المقبلة في النقاشات السياسية سيكون التفرد بالقرار موقع نقاش وان شاء الله ينتهي بما يؤمن الالتزام بالدستور والقانون.

* هناك عقبة اخرى في الالتزام بالقانون والدستور وهو موضوع الفساد، فكيف ستعالجونه خاصة بعد عقد المؤتمر الخاص بمكافحة الفساد قبل اسابيع في بغداد؟

ـ مشكلة الفساد آفة خطيرة تهدد الدولة العراقية وتهدد المشروع السياسي، الفساد والارهاب يغذيان بعضهما، فالعنف في العراق له اقتصاده السياسي الخاص. محاربة الفساد لن تأتي فقط من خلال الشعارات أو المؤتمرات، فكان المؤتمر بداية جيدة بالاتفاق على توصيات حول تشريعات وتعزيز المؤسسات الرقابية وتفعيل عضوية العراق في اتفاقية مكافحة الفساد في الامم المتحدة ومراجعة سياقات التعاقد. وقد وافق مجلس الوزراء على هذه التوصيات ونعمل عليها في جدول زمني واضح. تتطلب مكافحة الفساد جهودا ووقتا ولكن الخير في ابناء العراق الخيرين ومعالجة هذا الموضوع تتم من خلال نظرة مؤسساتية وقانونية.

* تعتبر هذه القضية مهمة في انطلاق الاقتصاد العراقي للعام المقبل، وقد اعلنتم نيتكم جعل الاقتصاد وتقديم الخدمات اولوية لعام 2008، فما هي خططكم؟

ـ عام 2008 مليء بالتحديات، الاستحقاق السياسي كبير وجسيم ولكن الاستحقاق الاقتصادي مهم ايضاً. تحقق تقدم اقتصادي لا بأس به في عام 2007، الوضع الامني كان عائقاً الى حد ما بالاضافة الى الارث الاداري الذي نعاني منه والتعليمات التي تعرقل عملية النمو الاقتصادي. ولكن لنا ان نعتز بالتقدم النسبي في المجال الاقتصادي، وحتى صندوق النقد الدولي اشاد بالتقدم في هذا المجال. وفي سنة 2008، مع التحسن الامني وما حققناه في العام الماضي من مراجعة للعديد من التعليمات وآلية التعاقد في الدولة العراقية، أملي ان ننطلق بصورة افضل من السنة الماضية. السياق مهم جداً، في عام 2007 مستويات تنفيذ الموازنة الاستثمارية كانت اضعافا مضاعفة مقارنة بعام 2006، املي ان تكون هناك قفزة مماثلة عام 2008. موازنة 2008 تتضمن 14 مليار دولار للموازنة الاستثمارية، و4 مليارات من الميزانية المدورة من موازنة 2007، ليكون هناك حوالي 18 مليار دولار مخصصة للموازنة الاستثمارية، هذا رقم غير مسبوق في تاريخ الدولة العراقية. وبعد التلكؤ والتباطؤ الذي اصاب عملية تفعيل قانون الاستثمار، وبعد ترشيح رئيس هيئة الاستثمار من قبل مجلس الوزراء، نأمل باتباع سياسة الانفتاح وتمكين القطاع الخاص بلعب دوره الفاعل في عملية الإعمار في العراق. المؤشرات تؤكد ان عام 2008 سيشهد نمواً اقتصادياً سيتجاوز الـ7 في المائة حسب صندوق النقد الدولي. انا واثق اذا عملنا معاً وعالجنا الاختناقات السياسية واستمر التحسن الامني هذه السنة سنتمكن ان شاء الله من تحقيق الانطلاقة الاقتصادية المطلوبة. الاقتصاد سيكون عامل توحيد للعراقيين وسيكون عاملاً مهماً لتحسن مستوى الخدمات والمستوى المعاشي ومواجهة الارهابيين والمتطرفين وخلق فرص عمل حقيقية في مختلف مناطق العراق.

* ما هي نسبة البطالة في العراق اليوم؟

ـ لا توجد لدي احصاءات دقيقة ولكن حسب المؤشرات الاقتصادية التي جمعتها المؤسسات العراقية والدولية فان مستويات البطالة في تدن، العام الماضي كنا نتحدث عن حوالي 19 في المائة بطالة، وهذا كان تحسناً كبيراً مقارنة بالسنوات الماضية. وفي المحافظات التي تشهد استقراراً امنياً نسبياً هناك حركة إعمارية واسعة وهناك فرص عمل في مجال البناء ولكن هذا لا يكفي. هذه السنة ستشهد نمواً كبيراً في مجال العمل للعراقيين ومن خلال الموازنة الاستثمارية توفير فرص عمل ليست فقط حكومية بل استثمارية حقيقية مجدية.

* وماذا عن التضخم في العراق؟

ـ تم كبح وتيرة تصاعد معدلات التضخم، ولكنه ما زال عالياً. واذا قارنا التضخم اليوم بمستويات 2006، نرى تدنيها الى مستويات غير قليلة. وبدأت جهود الحكومة والبنك المركزي للسيطرة على التضخم تجلب نتائج ملموسة، فكانت نسبة التضخم الاساسي (من دون النقل والوقود) لعام 2006 حوالي 32 في المائة، بينما هبط هذا العام الى 14 في المائة ونتوقع تقليصه مجدداً الى 12 في المائة هذا العام ليصل الى 7 في المائة بحلول عام 2009.

* بالاضافة الى الحوار الداخلي يتجه العراق الى فتح حوار موسع مع الولايات المتحدة حول اتفاقية استراتيجية بعيدة المدى للوجود الاميركي في العراق، كيف ستضمنون اجماعا وطنيا على هذا الاتفاق؟

ـ هذا موضوع مهم جداً يمس مستقبل البلد، والاطراف السياسية كلها معنية به، لن نقبل ان يتم التفاوض بشأن هذه الاتفاقية محصوراً على طرف او لون سياسي واحد. الاطراف السياسية الاساسية يجب ان تكون مشتركة إما على صعيد مجلس الرئاسة مع رئيس الوزراء أو على صعيد المجلس السياسي للأمن الوطني، فهذا قرار وطني مهم وهناك اتفاق على متابعة هذا الموضوع والتوصل الى اتفاقية تضمن المصالح الاساسية للعراق وسيادته وتعمل على تعزيز روابطنا بالقوة العظمى في العالم، الولايات المتحدة شريكتنا في مواجهة الارهاب.

* متى تبدأ المفاوضات؟

ـ تبدأ خلال الفترة القريبة المقبلة، ويجب ان نتعامل مع الاتفاقية بطريقة مؤسساتية، مجلس الرئاسة ـ لأنه يجسد تآلف القوى الاساسية الاجتماعية والسياسية في العراق ـ سيكون معنياً بهذا القرار مع الاخ رئيس الوزراء. نحن نصر على ان المسائل الاساسية في البلد يجب ان تحسم من قبل القيادة الجماعية في البلد وبالتفاهم مع ممثلي الشعب في البرلمان.

* خلال مشاركتكم في «منتدى الاقتصاد العالمي» التقيتم وزير خارجية تركيا علي باباجان، هل خرجتم بنتائج من هذا اللقاء وخاصة في ما يخص القصف التركي على اقليم كردستان؟

ـ الجانبان يؤكدان ضرورة الاهتمام بالعلاقات الثنائية وتعزيزها، فمن منظورنا تركيا جارة مهمة ويهمنا كثيراً تعزيز علاقاتنا الاقتصادية والسياسية معها. نقر بوجود مشكلة على الحدود العراقية ـ التركية، معالجة مشكلة وجود عناصر حزب العمال الكردستاني في هذه المناطق الوعرة النائية، يجب ان تكون من خلال التعاون بين البلدين لا من خلال عمل عسكري أحادي الجانب يمثل تجاوزا على السيادة العراقية ولا يخدم العلاقات العراقية ـ التركية على الاطلاق.

* وزير الخارجية التركي قال ان الولايات المتحدة تزود تركيا بمعلومات تساعدها في عملها السياسي، هل العراق على اطلاع بطبيعة هذه المعلومات؟

ـ في ما يتعلق بالتعامل مع الولايات المتحدة، نحن نؤكد ان تمارس الولايات المتحدة دورها في منع التجاوز على السيادة العراقية، وقدمنا موقفنا للمسؤولين الاميركيين. ولكن من جانبنا كحكومة عراقية وبالتعاون مع حكومة اقليم كردستان، نؤكد ضرورة تبني سياق للتعاون مع تركيا وقوات التحالف، ومن خلال الاطار الثلاثي التوصل الى سياقات تعاون ميدانية حقيقية لمعالجة أمن الحدود. لا يمكن لتركيا معالجة الموضوع من خلال اللجوء الى القوة من طرف واحد. الحل يكمن في تعاون العراق وتركيا مع الولايات المتحدة، وهناك مشاريع محددة في هذا المجال وطرحنا على تركيا معاودة الاتصالات الثلاثية تبني سياقات تحل المشكلة من جذورها.

* هل استجابت تركيا برد إيجابي خلال لقائكم مع باباجان؟

ـ تباحثنا في هذا الموضوع واكدت على موقفنا بأن العمليات العسكرية تعتبر تجاوزاً على السيادة العراقية غير مقبول من جانبنا ولا يحل الموضوع من جذوره. والمعروف ان الجانب التركي له موقف يرى غير ذلك، لكن من المهم التواصل والتأكيد على المشترك. ويجب ان يعرف جيراننا في تركيا ان هذه الاعمال لن تؤدي إلا الى تعكير الاجواء وتمنع الحل المطلوب في ما يتعلق بتأمين الحدود، وهذه مصلحة عراقية وتركية مشتركة.

* ماذا عن لقائكم مع وزير الخارجية الايراني منوشهر متقي؟

ـ علاقتنا بإيران متشعبة ومهمة، تربطنا 1400 كيلومتر من الحدود، وكانت فرصة هذا اللقاء التحدث بصراحة عن الوضع في العراق وعلاقتنا مع ايران والتشديد على ضرورة السيادة العراقية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للعراق. وأكدت، كما اكدت في مرات سابقة، ان ايران استفادت من إزاحة نظام (الرئيس العراقي السابق) صدام حسين الذي كان مبعث عدم الاستقرار في كل المنطقة، والآن استثمار المنطقة يجب ان يكون في عراق ديمقراطي اتحادي قائم على اساس الخيار الحر للشعب العراقي. اي وصاية او تدخل في الشأن العراقي أو تجاوز على السيادة العراقية لن يؤدي إلا الى تعقيد الاوضاع واستمرار دوامة عدم الاستقرار في المنطقة، وهذا غير مفيد لا للعراق ولا المنطقة.

* تحدث الجانب الايراني اكثر من مرة عن رفضه وجود القوات الاميركية في العراق، فهل تحدثتهم عن هذه القضية مع متقي؟

ـ تمت إثارة هذه القضية مرتين أو اكثر، واكدت للاخ منوشهر متقي ان هذا قرار عراقي، وهذه القوات الدولية موجودة في العراق بناء على طلب من الحكومة العراقية المنتخبة صاحبة السيادة، وبناء على قرار من مجلس الامن. تصريح هذا الامر بأنه احتلال أو الاصرار على مطالب من دول خارجية غير مقبول ونعتبره تدخلا في الشأن العراقي الداخلي. العراق، بناءً على مصالحه القومية، سيقرر مصير وجود هذه القوات.. أكدنا لجيراننا أن لهم الحق في أن يطلبوا ضمانات بأن العراق لن يستخدم كقاعدة انطلاق ضد مصالحهم. نشدد على ان شراكتنا مع القوات الدولية وخاصة الولايات المتحدة موجهة ضد الارهاب ولحماية استقرار العراق وغير موجهة ضد اي احد. هذا الموضوع ستتخذه الحكومة العراقية ومن خلال البرلمان العراقي، وليس لأي دولة ممارسة وصاية علينا أو قيمومة علينا في هذا المجال أو ذاك.