المحكمة العليا الإسرائيلية تجيز الحصار على غزة وتبرر العقوبات الجماعية

TT

في سابقة قضائية جديدة أصدرت محكمة العدل العليا في اسرائيل، أمس، قرارا يجيز للحكومة الاسرائيلية أن تنفذ سلسلة من العقوبات الجماعية ضد سكان غزة وتواصل فرض الحصار وتقليص دخول المواد الغذائية والوقود.

فقد ردت المحكمة الاسرائيلية الدعوى التي كانت رفعتها اليها 11 منظمة حقوق انسان اسرائيلية وفلسطينية، قبل شهرين، وطالبت بمنع الحكومة الاسرائيلية من مواصلة الحصار لأن ذلك يعني فرض عقوبات جماعية على السكان الأبرياء. وقالت المحكمة في تبريرها القرار، أمس، انه منذ تنفيذ خطة الفصل، في سبتمبر (أيلول) 2005، التي انسحبت اسرائيل بموجبها من قطاع غزة تماما، لم تعد اسرائيل تسيطر بشكل فعلي على المنطقة ولم تعد ملزمة تجاهها بأي شيء باستثناء سد بعض الاحتياجات الحيوية والضرورية في المجال الانساني، وانها لم تعد مسؤولة عن رفاه السكان.

وقبل قضاة المحكمة تفسيرات الجيش الاسرائيلي ونيابة الدولة بأن تزويد الوقود والتيار الكهربائي لقطاع غزة لم يتقلص إلا بنسبة 15%. وقالوا انهم اقتنعوا بأن كمية الوقود كافية لسد الاحتياجات الانسانية الحيوية وان المشكلة في قطع الكهرباء تعود الى طريقة التوزيع التي اتبعتها حركة «حماس» وقصدت بها حرمان السكان من الكهرباء حتى يمارسوا الضغط على اسرائيل. كما قال القضاة انهم اقتنعوا بأن زيادة الكمية سيستغل بايدي «التنظيمات الارهابية الفلسطينية الاتي تطلق الصواريخ على البلدات الاسرائيلية»، ولذلك فإنها لا ترى حاجة للتدخل في الموضوع. وقال القضاة انهم واعون لحقيقة ان الاجراءات الاسرائيلية، التي اتخذت ردا على اطلاق الصواريخ الفلسطينية، تؤدي الى زيادة معاناة المدنيين في قطاع غزة. وقالوا: «هذه هي الحرب، السكان المدنيون يكونون أول وأكثر من يدفع ثمنها. ولكن الفرق هو ان حماس التي تسيطر سيطرة كاملة على قطاع غزة تخرق القوانين الدولية بقصفها المدنيين الاسرائيليين وان اسرائيل ترد على ذلك دفاعا عن سكانها المدنيين». وبعد كل هذه الصياغات قال القضاة ان قرارهم لا يمت بالسياسة بصلة، انما هو مجرد موقف قضائي يتلاءم والقانون الاسرائيلي والقانون الدولي. ورد الناطق بلسان مركز «عدالة» القانوني، وهو أحد أبرز المنظمات التي رفعت هذه القضية، بالقول ان هذا القرار هو سابقة قانونية خطيرة على المستوى الدولي، لأنها تتيح لحكومة اسرائيل المساس المقصود والمتعمد بحقوق الانسان واحتياجات السكان المدنيين الأساسية والانسانية في قطاع غزة، لخدمة أغراض سياسية واضحة. وأضاف ان أي تقليص في المواد الغذائية أو التموينية أو الوقود أو التيار الكهربائي هو بمثابة عقوبات جماعية للمواطنين الأبرياء. وطالما ان المحكمة تصدر قرارا على هذا النحو وان القرار بالفتح والاغلاق هو في أيدي ضباط الجيش، فإن ذلك يعني ان تتخلى المحكمة عن الرقابة القضائية للسلطة التنفيذية الاسرائيلية ويفتح الباب أمام استخدام سلاح الحصار للضغط والانتقام بلا حدود. وكان الجيش، وبتناغم مع قرار المحكمة، قد بادر أمس الى ادخال كميات من القمح محملة على 160 شاحنة الى المطاحن في غزة وأدخلت 2.2 مليون لتر وقود أول من أمس، حتى يخفف من وقع قرار المحكمة. إلا ان المنظمات التي رفعت الدعوى قررت أن لا تستسلم للموقف القضائي الاسرائيلي وأن تطرح دعواها على جدول منظمات حقوق الانسان الدولية وربما محكمة العدل العليا الدولية.

وأكدت المنظمات الانسانية الاسرائيلية والفلسطينية ان الحصار الاسرائيلي على القطاع بدأ يترك أثره الخطير على حياة المواطنين الفلسطينيين وان النقص في المواد الغذائية وفي الأدوية بارز بوضوح وان تقليص كمية الوقود والتيار الكهربائي يهدد حياة مئات المواطنين من المرضى والمسنين، خصوصا في هذا الطقس البارد والفيضانات التي ترافق شتاء غزة ومخيمات اللاجئين فيها. وتؤكد هذه الحقيقة مؤسسات الاغاثة الدولية التي ترفع التقارير الى الأمم المتحدة مستصرخة الضمير العالمي أن يتدخل على الفور.