السنيورة يثمن مواقف «أمل» وحزب الله في «ضبط النفس»

جنبلاط يجدد لسليمان «دعمه التام للمؤسسة العسكرية»

TT

توالت في بيروت امس، المواقف الداعية الى تطويق ذيول الأحداث الدامية التي وقعت يوم الأحد الماضي في منطقة الشياح في الضاحية الجنوبية، وأوقعت سبعة قتلى وحوالي خمسين جريحاً في صدامات بين الجيش ومجموعات تظاهرت وأشعلت اطارات السيارات، احتجاجاً على انقطاع التيار الكهربائي، وقد أجرى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة اتصالات عدة بالمرجعيات الدينية و«حضها على الترويج للتهدئة، والابتعاد عن التوتر»، مشيراً الى «ان الدولة ساعية لتحقيق شفاف، لكنها بحاجة لدعم الجميع لكي تقوم وتستمر».

وإذ اثنى السنيورة على مواقف المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى وحركة «امل» وحزب الله في ضبط التحرك الشعبي وتخفيف الاحتقان، وصف احداث الاحد بأنها «كابوس حل علينا جميعاً، ويجب وقف الشحن الشخصي والاعلامي». وقال: «نريد ان نربي شبابنا ليحملوا راية البناء، لا أن يسقطوا في الشوارع».

وشملت اتصالات السنيورة نائب رئيس المجلس الشيعي الشيخ عبد الأمير قبلان، المرجع الشيعي السيد محمد حسين فضل الله، مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، البطريرك الماروني نصر الله صفير، متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة ومطران منطقة جبيل للطائفة المارونية بشارة الراعي. وجاء في معلومات وزعها المكتب الاعلامي للسنيورة، انه «تقدم من الشيخ قبلان والعلامة فضل الله بالتعزية لاستشهاد فتية في ريعان الشباب، نتيجة أحداث يوم الأحد المشؤوم، واعتبر أن التعزية مشتركة». وثمن السنيورة «الموقف الذي اتخذته القيادات في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى وقيادات حركة «أمل» وحزب الله، للدعوة إلى ضبط النفس والتنبه من الانجرار إلى الفتنة». وشدد على «ضرورة أن تكون أساليب الاحتجاج والتعبير عن الرأي سلمية وليست عنفية أو تشجع على العنف، أو تؤدي إلى خراب لا يستفيد منه أحد بل يضر بنا جميعا أينما كنا.. وبالتالي يجب علينا جميعا تحمل المسؤولية لوقف الشحن الشخصي والإعلامي». وفي اتصاله مع البطريرك الماروني نصر الله صفير والمفتي محمد رشيد قباني، وبقية القيادات الروحية، قال السنيورة: «إن لبنان في هذا الظرف في حاجة إلى تضافر كل الجهود، من أجل تجاوز المحنة التي وقعنا فيها». وجدد التكرار أن «الحكومة مصممة على دعم انجاز الاستحقاق الأساسي أي انتخاب رئيس الجمهورية للخلاص من معضلة الفراغ الرئاسي، التي إذا استمرت سيستمر الاستنزاف، فاللبنانيون يريدون أن تنتقل البلاد إلى مرحلة جديدة تكون الأولوية فيها لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد الذي يستطيع أن يلعب دور الحكم والمرجع والراعي لإطلاق الحوار، الذي يعزز التفاهم والتوصل إلى القواسم المشتركة التي تجمع بين اللبنانيين، وكل ذلك يجب أن يحصل حتى يتم التفرغ بجدية لمعالجة المشكلات المعيشية والاقتصادية، وكلما استمر التأخير في انجاز هذا الاستحقاق ضعفت المناعة اللبنانية». وبدوره، أجرى المفتي قباني اتصالاً بالمرجع الشيعي السيد محمد حسين فضل الله، وتقدم منه بالتعزية وتداول معه في «سبل حماية الوحدة الوطنية وصونها، وخصوصاً وحدة المسلمين». وأجرى فضل الله اتصالاً برئيس كتلة «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون وتداولا في تطورات الاوضاع. كما اجرى اتصالاً برئيس الحكومة السابق سليم الحص.

من جهته، اجرى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، اتصالاً بقائد الجيش العماد ميشال سليمان، وجدد له دعمه التام للمؤسسة العسكرية مبديا ثقته بأنها «سوف تنجز التحقيق كاملا في احداث يوم الاحد الفائت لكشف كل الملابسات المتصلة بتفاصيل هذه الأحداث المؤسفة»، وأثنى «على دور الجيش الذي اثبتت التجارب السابقة حرصه الدائم على المدنيين، اسوة بما حصل في نهر البارد، عندما راعت كل العمليات العسكرية اوضاع المدنيين والفلسطينيين، بحيث تمت حمايتهم بالكامل». واعتبر جنبلاط «ان هذا الجيش سجله واضح في الوقوف على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين، وفي حماية السلم الاهلي والاستقرار الداخلي، وهكذا نريده ان يبقى بمنأى عن الخلافات السياسية، لأنه لكل الوطن من دون استثناء».

ودعا الرئيس اللبناني السابق العماد اميل لحود امس، الجهات المختصة في الجيش والقضاء العسكري الى «الاسراع في انجاز التحقيقات، لكشف كل الملابسات التي أحاطت بالاحداث الدامية، وصولا الى تحديد المسؤولين عن سقوط الشهداء والجرحى، وذلك لوضع حد للغط الدائر حول ما رافق هذه الاحداث المدانة من نتائج وتداعيات وقطع الطريق على المريدين شرا بلبنان واللبنانيين والمؤسسة الوطنية، التي كانت وستبقى الضمانة الأكيدة لوحدة الوطن وشعبه ومؤسساته». الى ذلك، عاد الى لبنان امس وزير الدفاع الياس المر، الذي كان في رحلة للعلاج في الخارج، ولدى وصوله اصدر بياناً جاء فيه: «أتقدم بالتعزية من اللبنانيين عموما، ومن أهالي الشهداء خصوصا للخسارة الكبيرة التي ألمت بنا جميعا باستشهاد كوكبة من الشبان، وجرح آخرين في حوادث الاحد الماضي الاليمة. ان ما جرى يشكل استهدافا للجيش والمواطنين على حد سواء، ويهدد الأمن والاستقرار ولا يخدم سوى أعداء الوطن».

وناقشت كتلة نواب حزب الله، في اجتماعها الدوري امس، احداث الشياح وتداعياتها، واصدرت بياناً جاء فيه «ان الاحتجاج الشعبي حق دستوري ووطني وانساني مشروع لا يجوز لأحد المس به.. وان افتراض او توهم وجود خلفية سياسية او اتهام بمخالفة ما للنظام لا يجيز لقوى السلطة الأمنية بأي وجه من الوجوه اطلاق النار عليهم وقتلهم، خصوصا ان هناك تكرارا لاستسهال القتل الرسمي للناس، وهو أمر لم يعد بالإمكان تحمله أو الصبر عليه أو القبول بأي تساهل مع مسببيه ومرتكبيه».

وأضاف البيان: «ان القوة الأمنية التي تصدت للمواطنين المدنيين باطلاق النار عليهم، كان لديها بالتأكيد اكثر من خيار متاح للتعاطي مع احتجاج الناس يغنيها عن التورط في القتل المباشر.. وأن لغة التحريض التي استخدمتها قوى السلطة في بيانها وعبر أبواقها الاعلامية لاذكاء نار الفتنة بين المواطنين في مناطقهم المتجاورة في الشياح وعين الرمانة من خلال ترويج الادعاءات الكاذبة.. كل ذلك ينضوي في سياق رهان فريق السلطة على طعن العيش المشترك الذي تتمسك به المعارضة.. كما يكشف عن مدى حنق وغيظ هذا الفريق من متانة التفاهم القائم بين حزب الله والتيار الوطني الحر اللذين يشكلان مع بقية اطياف المعارضة الضمانة الحقيقية للوحدة الوطنية».

وجدد رئيس المكتب السياسي لحركة امل جميل حايك، خلال احتفال تأبيني في بلدة عدلون «المطالبة بتحقيق سريع وغير متسرع لكشف حقيقة ما حصل في منطقة الشياح»، مؤكدا «ان المستفيد الاول في كشف الحقيقة هو الجيش اللبناني». وانتقد «فريق الموالاة الذي يرى في شركائه في الوطن بأنهم فريق شغب»، مشيرا الى «ان حركة امل والمعارضة لا يمكن ان يسببوا خللا في السلم الأهلي، وهم قادرون على التحكم في اي تحرك من اجل حفظ الوطن ووحدته وامنه».

والتقى مسؤول العلاقات الخارجية في حركة أمل النائب علي بزي، سفير المملكة العربية السعودية عبد العزيز خوجة، وعرضا للتطورات الراهنة ونتائج مؤتمر وزراء الخارجية العرب. وفي سياق دبلوماسي آخر، أجرى سفير ايران محمد رضا شيباني اتصالين بقيادتي «امل» وحزب الله، مبدياً اسفه بشأن احداث الاحد الدامي، مؤكداً «تعاطفه مع عائلات الشهداء والضحايا الابرياء».

وقال رئيس جبهة العمل الاسلامي فتحي يكن «ان ما حدث لا يجوز أن يمر من دون سبر للاغوار، وكشف للخفايا والخبايا والخلفيات.. نتمنى على الجميع ضبط النفس والتذرع بالحكمة، وبعدها لكل حادث حديث»، متمنيا على «كل أطراف المعارضة عدم الانجرار الى ما يود الآخرون جرنا اليه». وحمّل تجمع الهيئات الاسلامية في بيان له، حزب الله وقيادة حركة امل، مسؤولية الاعتداء الاثيم على الجيش اللبناني وعلى المواطنين اللبنانيين في عين الرمانة ومنطقة مار مخايل، وأن يتحملا مسؤولية كل قطرة دم نزفت من جراء افتراءاتهما المبرمجة على الدولة، وعلى رئيس مجلس الوزراء خصوصاً وقائد الجيش وقيادته الحكيمة. واكد التجمع «الثقة الكاملة بالحكومة اللبنانية الشرعية وبالرئيس فؤاد السنيورة، ومبايعتنا لانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية».