بوش يتجه إلى إعادة النظر في تعهده بخفض القوات الأميركية في العراق

أطلق إشارات مفادها أن الخفض قد لا يستمر إلى ما بعد الصيف

TT

بعد أربعة أشهر على إعلانه خفض القوات الأميركية في العراق بدأ الرئيس الاميركي جورج بوش بإرسال إشارات تقول إن ذلك قد لا يستمر الى ما بعد الصيف المقبل، وهذا تحول قد يثير غضب الديمقراطيين ويجدد المخاوف ما بين المخططين العسكريين حول الإجهاد الذي تعاني منه القوات هناك.

ولم يتخذ الرئيس بوش بعد أي قرار بخصوص تقليص القوات منذ اعلانه عن ذلك في سبتمبر (ايلول) الماضي. لكن مسؤولي البيت الأبيض قالوا إن بوش ملتزم بما وعد به في خطاب «حالة الاتحاد»، الذي القاه يوم الاثنين الماضي، حيث قال إن عدد القوات الأميركية سيكون عند مغادرته البيت الأبيض بعد عام مثلما كان عليه قبل عام أو ربما أكبر قليلا.

وقال المسؤولون، الذين تكلموا شرط عدم الكشف عن هوياتهم، إن بوش أراد امتصاص الانتقادات القائلة بأن بقاء القوات الأميركية في العراق بشكل مستمر سيؤذي صحة أفرادها، وهي وجهة نظر لا يحملها الديمقراطيون فقط، بل عدد من أعضاء هيئة قادة الأركان. ولهذا السبب راح المسؤولون العسكريون الكبار في البنتاغون يجاهدون من أجل تحقيق التوازن ما بين مطالب حرب العراق أمام مطالب تجنيد وتدريب قوة برية متزايدة وإبقائها في مواقعها. وكان التوتر المؤسساتي قد تجسد عبر وجهتي نظر يحملهما جنرالان رفيعان، هما ديفيد بترايوس قائد قوات التحالف في العراق، وجورج كيسي رئيس هيئة الأركان. وإذا كانت مهمة الجنرال بترايوس هي كسب الحرب في العراق فإن مهمة الجنرال كيسي هي القلق على صحة الجيش الأميركي ككل.

وقال مسؤول رفيع من البيت الأبيض: «نحن قلقون على صحة القوات أيضا، لكن الأمر الأكثر أهمية هو أن تنجح في مهمتها في العراق. وإذا كان القادة العسكريون على الأرض يرون أننا بحاجة إلى إبقاء عدد القوات على ما هو عليه حاليا، للحفاظ على الأمن أطول مما كان مقررا فإن الرئيس سيقوم بذلك». وجاء انحياز البيت الأبيض لصالح وجهة نظر الجنرال بترايوس مع تهيؤه حاليا لتقديم شهادته أمام الكونغرس في أبريل (نيسان) المقبل، للتحدث حول الخطوة اللاحقة في العراق. وكان الرئيس بوش، واستنادا إلى توصية من الجنرال بترايوس، قد أعلن في سبتمبر (ايلول) الماضي أنه ينوي سحب خمسة ألوية من العراق (أي ما يقرب من 20 ألف جندي) قبل انتهاء شهر يوليو (تموز) المقبل. وهذا سيبقي 15 لواء قتاليا في العراق. وفي خطابه امام الكونغرس تحدث بوش عن تلك التقليصات ولكن ليس عن أية تقليصات مستقبلية. ويقال ان ما يمكن أن يعنيه التعهد المستمر بوجود 15 لواء، وهو ما يزيد على 130 ألف فرد، بالنسبة للجيش عموما هو قلق كبير بالنسبة للجنرال كيسي من بين آخرين في هيئة الأركان المشتركة. لكن مسؤولين قالوا ان هم بوش الأساسي لم يكن جعل المكاسب السياسية في العراق تتقلص، وهو تحذير اطلقه في خطابه عن حالة الاتحاد. فبعد لقائه مع الجنرال بترايوس في الكويت الشهر الحالي، بدا أن بوش يعطي الموافقة الضمنية العامة على التوصية بعدم القيام بتقليصات اضافية للقوات. وقال بوش عندئذ «موقفي هو انه اذا لم يرغب في الاستمرار على التقليص فان ذلك مقبول من جانبي، من أجل ان نتوثق من النجاح. قلت للجنرال اذا اردت ان تقلص القوات هنا فان الأمر يعود لك». لكن روبرت غيتس، وزير دفاع بوش، قال انه يرغب في أن يجري تقليصات أكبر وجعل عدد الألوية عشرة اذا كان ذلك ممكنا. غير انه تجنب استخدام أعداد محددة في تعليقات أحدث، ويقول بدون تردد إن الأمر يعتمد على الوضع على الأرض. وفي البنتاغون قال مسؤولون ان سحب 20 ألفا من القوات القتالية الذي تعهد به بوش ترك الباب مفتوحا لدعم من جانب قوات يتراوح عددها بين سبعة آلاف الى ثمانية آلاف، وقوات جوية ترافق تلك «الزيادة» في القوات القتالية. وقال مسؤولون انه اذا ما بقيت قوات الدعم الاضافية تلك في العراق حتى بعد سحب القوات القتالية التقليدية، فانه من الممكن ان يكون عدد العسكريين العاملين في العراق بعد الزيادة أكبر مما كان عليه في السابق.

* خدمة «نيويورك تايمز»