«هيومن رايتس واتش» تنتقد سكوت الولايات المتحدة وأوروبا على «مسرحيات الديمقراطية»

تقريرها السنوي يحذر من الانتخابات المزيفة للتغطية على انتهاكات حقوق الإنسان

TT

سلطت منظمة «هيومن رايتس واتش» الأضواء أمس على الدول الغربية، التي تناشد بنشر الديمقراطية، وتسكت على الانتهاكات في مجال حقوق الانسان الاساسية لقيام أية ديمقراطية. وفي تقريرها السنوي الذي نشر أمس، قالت المنطمة الدولية المدافعة عن حقوق الانسان، ان الولايات المتحدة والدول الأوروبية «تقبل انتخابات غير حرة، وغير عادلة» في بعض الدول لـ«خدمة أهدافها». وأن هذه الدول، بذلك، تسمح لحكام «غير ديمقراطيين ان يدعوا انهم ديمقراطيون» وتسكت على «مسرحيات تدعي أنها أنظمة ديمقراطية». ورأت المنظمة أن الولايات المتحدة وأوروبا، تقبلان بـ«حكام مستبدين يقدمون انفسهم على انهم ديمقراطيون» في دول مثل باكستان ونيجيريا وروسيا وكينيا، حيث تنتهك حقوق الانسان. وقال التقرير إن «الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي والديمقراطيات النافذة الأخرى، بسماحها للمستبدين بأن يقدموا أنفسهم على انهم ديمقراطيون من دون ان تطالبهم بتطبيق الحقوق السياسية والمدنية التي تعطي للديمقراطية معناها، تساهم في تعريض حقوق الانسان عبر العالم للخطر».

وقال كينيث روث المدير التنفيذي للمنظمة، التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا، في التقرير «في أيامنا، من السهل على الحكام المستبدين التفرد في تصرفاتهم، وهم يتظاهرون بالديمقراطية». وأضاف أن «واشنطن والحكومات الأوروبية توافق باستمرار على نتائج الانتخابات الاكثر اثارة للشكوك، عندما يكون الفائز حليفا استراتيجيا أو تجاريا». وتابع أن العديد من الحكومات الغربية «تشدد على اجراء انتخابات وتتوقف عند هذا الحد. انها لا تحث الحكومات على تطبيق حقوق الانسان الاساسية التي تجعل الديمقراطية تعمل، مثل حرية الاعلام وحرية الاجتماع ومجتمع مدني فاعل، يمكنها فعلا ان تشكل تحديا للسلطة».

وبالإضافة الى تقييم وضع حقوق الانسان في 75 دولة، تأخذ المنظمة الدولية موضوعاً محورياً لطرحه في كل تقرير سنوي. وشرح مدير مكتب المنظمة في لندن توم برتيوس قرار المنظمة للتركيز هذا العام على سكوت الدول تتمتع بأنظمة ديمقراطية راسخة على الاساءة الى مبادئ الديمقراطية، قائلاً: «كل ما تخوض هذه الدول اكثر في محاربة الارهاب، كلما تزداد هذه المشكلة». وأضاف: «هذه القضية ليست جديدة، لكنها أصبحت خطيرة، هناك تصور خاطئ متزايد في الولايات المتحدة وكندا والاتحاد الاوروبي بأن مصالحهم الاستراتيجية والوصول الى مصادر الطاقة هي مصالحهم في على المدى البعيد، وهذا ليس صحيحاً». واتهم التقرير، الرئيس الأميركي جورج بوش، بأنه «تحدث مرات كثيرة عن التزام الحكومات في الخارج بتحقيق الديمقراطية، لكنه ظل صامتا عن التزام هذه الحكومات بحقوق الانسان». وقال روث في مؤتمر صحافي في نادي الصحافة الوطنية في واشنطن أمس: «صار سهلا على الحكام الاستبداديين ان ينفذوا بجلودهم، بعد ان يجروا انتخابات غير حرة وغير عادلة. والسبب هو ان الحكومات الغربية تصر وتضغط لإجراء انتخابات، لكنها لا تتشدد في ان تكون نزيهة».

وانتقدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» إقدام الرئيس الباكستاني برويز مشرف، الحليف الاستراتيجي لواشنطن، على تغيير الآلية الديمقراطية عبر إعادة صياغة الدستور وتدمير النظام القضائي المستقل. وعدلت الولايات المتحدة وبريطانيا عن ربط مساعداتها الى باكستان بتحسين ضمانات العملية الانتخابية قبل الانتخابات المقررة هذا الشهر. وقال برتيوس ان «المسؤولين في الولايات المتحدة وأوروبا مخطئون، لأنهم يتصورون بأن مشرف الوحيد الذي يستطيع أن يحمي باكستان». واعتبر برتيوس التطورات في باكستان بأنها سبب رئيسي في تراجع العواصم الغربية في الدفاع عن الديمقراطية، بالإضافة الى المخاوف من الاضطرابات في سوق المال و«الفشل الذريع في العراق». وفي ما يخص العراق، أكدت منظمة «هيومن رايتس وتش» أن أوضاع حقوق الانسان في العراق، تدهورت خلال عام 2007، وخصوصا مع استمرار العنف ضد المدنيين. وقال التقرير «الهجمات على المدنيين التي تقوم بها مختلف المجموعات المسلحة والميليشيات مستمرة» في العراق. وأضافت أن «عمليات التطهير الطائفي» التي تقوم بها مجموعات سنية وشيعية مسلحة، مستمرة ايضا بالرغم من الخطة الأمنية التي بدا تنفيذها الجيش الأميركي والقوات العراقية العام الماضي. وبالنسبة للحكومة الأميركية، اشار التقرير الى المعتقلين في قاعدة غوانتانامو في كوبا، وقال انهم «معتقلون لسنوات بدون توجيه تهم محددة لهم». وقال إن سجناء غوانتانامو سلطوا الأضواء على حقيقة أخرى، وهي ان الولايات المتحدة «فيها أعلى نسبة سجناء في العالم. وتبلغ نسبة السود السجناء ستة اضعاف نسبة البيض السجناء».

ولفتت المنظمة الدولية، الى انه اذا كانت الولايات المتحدة صعدت لهجتها في مواجهة موجة العنف السياسي في كينيا، فإنها وافقت العام الماضي على نتائج الانتخابات في نيجيريا، الدولة الغنية بالنفط، رغم اتهامات تتسم بالمصداقية تحدثت عن عمليات غش في الانتخابات.

من جهة اخرى، أكدت المنظمة في تقريرها، ان كل الأطراف الضالعة في النزاع في دارفور اي الحكومة والمتمردين ارتكبت «فظائع» ضد المدنيين في الإقليم الواقع غرب السودان. وكتبت المنظمة في وثيقة خصصت لوضع حقوق الانسان في السودان بشكل عام وفي دارفور خصوصا، في تقريرها السنوي لعام 2007 إنه «طوال السنة ارتكبت كل اطراف النزاع، فظائع ضد المدنيين». وقال التقرير ان «انتشار المجموعات المسلحة التي تتواجه في ما بينها ومع القوات الحكومية وحلفائها، لا يشكل تحديا لمبادرات السلام فحسب، بل يخلف على الارض وضعا لا يمكن التكهن به للمدنيين وقوات حفظ السلام ووكالات العمل الانساني». ويتهم التقرير الحكومة السودانية بأنها المسؤول الرئيسي عن الفوضى في دارفور بشنها هجمات على المدنيين ورفضها معاقبة الذين يرتكبون انتهاكات.

واشار التقرير الى انتهاكات اسرائيل في الاراضي الفلسطينية المحتلة، وخاصة التطورات الأخيرة في قطاع غزة. وقال ان مليونا ونصف المليون فلسطيني «محرومون من الطعام، والغاز، والدواء، وأشياء أخرى يحتاجون لها ليظلوا على قيد الحياة». وأكد التقرير أن اسرائيل تمارس سياسة «العقاب الجماعي الذي يخالف القانون الدولي»، بينما ذكر بأن الصواريخ التي تطلقها جماعات مسلحة فلسطينية نحو اسرائيل، تخرق القانون الدولي.