الفلسطينيون ميالون نحو تجاهل الاتفاقات السابقة بشأن معبر رفح

السلطة وحماس تتمسكان بموقفيهما المتشددين في هذه القضية

TT

لو تعلق الأمر بالعينة العشوائية من الناس التي استطلعت «الشرق الأوسط» آراءها، بعد عصر امس في شارع عمر المختار الرئيسي الذي يقسم مدينة غزة الى نصفين، حول الكيفية التي يتوجب إدارة معبر رفح بها بعد أن تمت ازالة الحدود بين القطاع ومصر، فإنها سترفض بشكل مطلق أن تتم اعادة العمل بالعبر وفق اتفاقية تشغيله التي تم التوصل اليها في عام 2005.

وهذا الرأي لا يختلف كثيرا عن رأي الناس في الضفة الغربية رغم دعوة البعض الى تسليم المعبر لأي طرف حتى لو كان ذلك شركة خاصة لرفع المعاناة عن اهل غزة.

وامام هذا الرأي يتمسك طرفا المشكلة (حماس والسلطة) بموقفيهما المتناقضين تماما، وان كانت مواقف من سئلوا كانت اقرب من موقف حماس التي تدعو الى عدم العودة الى الاتفاق السابق وتطالب بشراكة من نوع ما بينما تتمسك السلطة بهذا الاتفاق وترفض أي دور لحماس في ادارة المعبر.

وقال موسى يحيى نائب رئيس كتلة حماس في المجلس التشريعي لـ«الشرق الاوسط» ردا على سؤال حول المخرج من هذه الازمة التي ضحيتها شعب غزة «نحن لا نطالب بان يكون لحماس سيطرة على المعبر، بل نطالب بان يكون للسلطة سيطرة عليها. والسلطة مكونة من الرئاسة والحكومة.. والرئاسة ليست جهة تنفيذية.. والتنفيذ يتم من خلال الحكومة.. والحكومة القائمة في غزة هي حكومة تسيير الاعمال قانونا.. اما اذا كان اعتبار حكومة سلام فياض هي الحكومة الوحيدة فهذا يشكل خروجا على الانتخابات الفلسطينية». وأضاف «نحن نطالب بشراكة وطنية.. لذلك لا يحق لأبي مازن او لغيره ان يلغي الانتخابات ويجزئ الشرعيات على اعتبار ابو مازن هو السلطة الفلسطينية واعتبار حكومة تسيير الاعمال برئاسة اسماعيل هنية هي حركة حماس.. هذا امر مغلوط، ولذلك نحن نطالب بتوافق وطني لإدارة المعابر، ليس على قاعدة الاقصاء ولا على قاعدة الاحتماء باميركا واسرائيل ضد الشركاء الوطنيين». واستطرد قائلا «كما اننا نطالب بمراعاة المصلحة الوطنية.. فهذا المعبر كان يستخدم لإغلاق قطاع غزة ومحاصرته. لذا لا يصح ان نبقي على اتفاق المعابر الذي تستخدمه حكومة اسرائيل في اذلال شعبنا وتجويعه والتحكم في مصيره».

وردا على سؤال ان اهل غزة سيكونون الخاسرين الوحيدين امام تعنت الطرفين قال يحيى «ان الرابح الوحيد سيكون اهل غزة وذلك بالتزام حكومة هنية بالانتفاضة الشعبية التي اريد منه تصحيح الاوضاع المنحرفة التي اورثتنا اياها ادارة عباس (محمد) دحلان.

وحمّل اشرف العجرمي وزير شؤون الاسرى في حكومة فياض حماس مسؤولية استمرار الحصار الاسرائيلي على غزة، قائلا «ان عليها ان تتحمل امام شعبنا مسؤولية استمرار الحصار، اذا ما رفضت تسلم السلطة لمعابر القطاع».

ووفق العجرمي، فان حكومته جاهزة منذ اليوم لتسلم معابر غزة. ولا يرى العجرمي حلا اخر لقضية المعابر، «فاما ان تقبل حماس بالاتفاقات السابقة، واما يستمر الحصار». وردا على سؤال حول امكانية تسلم السلطة للمعابر بدون الاوروبيين، كما تطرح حماس، قال العجرمي لـ«الشرق الاوسط» «ان حماس تبحث عن دور لها فقط، وهذا لن يكون، لانها تعرف، ونحن نعرف، والعالم ايضا، ان قطاع غزة لا يزال يخضع للاحتلال الاسرائيلي». وتابع «لماذا نضحك على انفسنا ونقول انه تحرر، نحن لا نستطيع ادخال علبة دواء او اخراج مريض بدون موافقة اسرائيل».

ففي الضفة التي تسيطر عليها اجهزة امن السلطة لا يخفي البعض استياءهم من الطريقة التي تتعامل بها السلطة مع قضية الحصار، ولا يخفي البعض الاخر غضبه من حركة حماس التي يرون فيها سبب الخلافات والانقسامات.

ويقول ابو محمد الشرقاوي، 50 عاما، وهو عميد، في السلطة الفلسطينية، من بيت لحم، لـ«الشرق الاوسط» انه لا يجب العودة الى الاتفاقات السابقة، ويعتبرها اتفاقات مهينة، وتمس بالسيادة الفلسطينية. وتساءل «لماذا نكون رهينة الاوروبيين والاسرائيليين، اذا حضروا يعمل المعبر، واذا غابوا نقع تحت الحصار». ويقترح ان تتولى مصر المعبر اذا تعذر الاتفاق. ويضيف «فليحضروا شركة عربية خاصة تدير المعبر، وانتهى الامر، وليرحمونا من خلافاتهم». وطالب الشرقاوي الفصائل بوقف ما سماه الردح المتبادل، الذي يدفع الشعب الفلسطيني وحده الثمن. ويرى الشرقاوي ان الفصائل تريد ان تصبح اكبر من فلسطين.

وفي رام الله، يعتقد يحيى، 28 عاما، انه يجب الاستفادة من الاقتحام الاخير، والضغط على مصر، من اجل ان تتسلم دورها، من دون السماح للاسرائيليين بالعودة. وهو يرى انه يجب الاتفاق اولا بين فتح وحماس لتغليب مصلحة الناس اولا، على المصلحة الفصائلية، قائلا «ان الوطن كله وليس غزة فقط يدفع ثمنا كبيرا لهذا الخلاف»، ولا يعارض يحيى وجود حرس الرئاسة الفلسطينية، او قوات لحماس او مصريين على المعبر، المهم ان لا يعود الاسرائيليون، او من ينوب عنهم.

وتقول احدى الطالبات الجامعيات، ان حماس تتحمل مسؤولية ما يجري، وعليها اذا كانت مهتمة بمصالح شعبها، ان تسمح بعودة الاوروبيين من اجل رفع الحصار، «طالما هذا هو الممكن حاليا، لحين تتوفر شروط افضل من ذلك». لكن هذا ليس رأي احدى المعلمات التي تعتقد ان على السلطة الفلسطينية ان ترفع يدها عن غزة، اذ ترى انها (السلطة) تشارك في هذا الحصار. وهي تطلب من الرئيس الفلسطيني الاتفاق مع حماس، افضل من اتفاقه مع الاسرائيليين، او الاوروبيين، بل تدعو حماس لرفض الوجود الرئاسي على معابر القطاع.

ويقول فلسطينيون آخرون، انه يجب العمل على رفع الحصار عن غزة بصورة اكثر جدية. ويطالب البعض بموقف اكثر حزما من جانب للسلطة ، مثل وقف المفاوضات لحين رفع الحصار، ويتشدد البعض في الضفة الغربية بتحميله حماس، تداعيات «انقلابها» ويقولون ان تدخل عباس اصلا غير مرغوب فيه، اذ على حماس التي سيطرت على غزة ان تحل مشكلاتها بنفسها، او تسلم القطاع.

وفي غزة يرى مهدي ابو كرش، 54 عاما، صاحب احد المحال لبيع الملابس في حي الرمال أن إدارة المعبر يجب أن تكون مصرية ـ فلسطينية فقط، مشدداً على أن الخلافات والتجاذبات الحزبية يجب ألا تحول دون بلورة اجماع وطني على وجوب عدم السماح بأي دور لإسرائيل. ويعتبر ابو كرش أن الاتفاق السابق انتهى ويتوجب عدم العمل به مطلقاً. أما عبد السلام أبو خوصة، 42 عاما، الموظف في احدى الدوائر الحكومية، فيرى أن اعادة تشغيل المعبر مستحيل لأنه يتوقف على استئناف الحوار بين حماس وأبو مازن، مشيرا الى أن كل الدوائر تؤكد أن الطرفين غير جاهزين لهذا الحوار حالياً. ويرى ابو خوصة بدلاً من ذلك اعتماد مصر والحكومة المقالة لـ«بوابة صلاح الدين بدلاً من معبر رفح».

ويرى سعيد جمال صاحب احدى المكتبات في حي الرمال أنه لا مناص من اتفاق الرئاسة والحكومة المقالة على مخرج من الأزمة، مشدداً على ضرورة عدم العودة للاتفاق القديم على اعتبار أنه ضر بالمصلحة الوطنية. ويشير جمال الى أنه كان من المفترض أن يتم تعديل الاتفاق كل ستة اشهر بحيث تتناسب مع مصالح الناس في القطاع.

الصحافي عبد الرازق ابو جزر، 35 عاما، فإنه لا يرى مشكلة في وجود المراقبين الأوروبيين في المعبر، لكنه في نفس الوقت يرفض أي تدخل اسرائيلي في المعبر. واعتبر ابو جزر أنه لم تكن هناك ثمة امكانية بأن لا يسمح «للشخصيات الفلسطينية السياسية والمناضلة من استخدام المعبر لمجرد أن اسرائيل ترفض ذلك.