خلفيات الصراع في تشاد

TT

تتشكل المعارضة التشادية من مجموعات كثيرة تتحالف في الجبهة الموحدة للتغيير بقيادة محمد نور، وتنتمي غالبيتها الى قبيلة «التاما»، التي تتنافس على النفوذ والثروة مع قبيلة الزغاوة الواسعة الانتشار، التي ينتمي اليها الرئيس ديبي. أما حركة التغيير من اجل الديمقراطية والتنمية، وهي احدى فصائل المعارضة ايضا بزعامة محمد نوري وعدد من ضباط الجيش التشادي السابقين، فتنتمي الى قبيلة الزغاوة. وتحسب الحركة على ديبي انه قرب عشيرته على حساب باقي القبيلة. ويرى المراقبون ان اسباب التمرد خلافات حول اقتسام عائدات البترول، الذي بدأ استغلاله في عام 2003. وشهدت تشاد، التي كانت مستعمرة فرنسية، انقلاباً عسكرياً عام 1975 اطاح بالرئيس فرنسوا تنبلباي، وكانت البلاد قد شهدت تمرداً لثماني سنوات أوصل الرئيس السابق حسين حبري الى السلطة بانقلاب عسكري بدعم ليبي ـ سوداني، وفي عام 1990 اطاح ادريس ديبي بحسين حبري بعد ان عمل ديبي مستشاراً له، ووصول ديبي الى السلطة تم ايضاً بدعم من ليبيا والسودان الجارتين لتشاد.

ومنذ تولي الرئيس ادريس ديبي السلطة اتهمته المعارضة بتقريب اقاربه وابناء عشيرته في مؤسسات الدولة، كما تتهمه بالفساد، مع انه اجرى انتخابات عام 1996 واتنخب رئيساً، واعيد انتخابه عام 2001، غير انه عدل الدستور للحصول على ولاية ثالثة، مما دفع المتمردين الى تشديد معاركهم ضده.

ويعتبر العميد السابق في جهاز الأمن السوداني والقنصل الأسبق في انجمينا حسن بيومي لـ«الشرق الاوسط» ان «مفتاح الحل في الصراع التشادي – السوداني هو حل قضية دارفور بغرب السودان والصراع الداخلي في تشاد»، وقال ان «حل المشكلتين يمكن ان يضع حداً للنزاع»، مشيراً الى وجود هاجس تشادي من السودان بسبب ان الخرطوم كانت وراء تغيير الانظمة في انجمينا، مدللاً بوصول الرئيس السابق حسين حبري والحالي ادريس ديبي الى سدة الحكم بدعم مباشر من الخرطوم، لكنه استبعد ان تخوض حكومة البشير ذات الامر مرة اخرى بسبب التغييرات المحلية والاقليمية والدولية، التي قال انها مجتمعة لا تسمح للسودان بلعب دور في تغيير نظام ديبي.

وقلل بيومي من اهمية لقاءات القمة التي تعقد من حين الى اخر بين البشير وديبي لحل النزاع الحدودي بينهما، وقال ان نتائجها «صفر كبير»، معتبراً ان الحكومة السودانية تحلت بالحكمة في عدم ردها على القصف الجوي على مناطق في غرب دارفور. ويعتقد ان الصراع القبلي اوقع ديبي بين نارين، اما ان يجامل الخرطوم ويتعاون معها او مواجهة ابناء قبيلته من الزغاوة في حركة العدل والمساوة المسلحة في دارفور بزعامة الدكتور خليل ابراهيم، الذي تربطه صلات الدم مع ديبي. كما ان ديبي يواجه مشكلة اخرى، وهي ان قبائل التاما، والقرعان، والكلامبو وعرب السلامات ذات الاصول العربية تعارض نظامه بقوة، لانها ترى انها مهمشة في توزيع مناصب السلطة وتقسيم الثروة بسبب سيطرة عشيرة من قبيلة الزغاوة على كل مناحي الحياة ومؤسسات الدولة. ووصل الرئيس التشادي ادريس ديبي الى السلطة عام 1990 من داخل السودان، وانطلقت قواته من شرق البلاد صوب العاصمة انجمينا، واليوم وبعد سبعة عشر عاماً يواجه ديبي متمرديه من الشرق ايضاً، الذين يهددون نظام حكمه. وتعتبر حكومة ديبي ان المعارك التي تشهدها البلاد هذه الايام حاسمة وفاصلة واعدت كل قواتها لمواجهة المتمردين خارج انجمينا.

وكانت قوات المعارضة قد حاولت السيطرة على العاصمة، لكنها فشلت في ابريل (نيسان) من العام الماضي، ودخلت في مفاوضات مباشرة برعاية ليبيا التي لها تأريخ طويل كما السودان في النزاع التشادي – التشادي، وتمكنت الاطراف التشادية من التوصل الى اتفاق في سرت، لكنه سرعان ما انهار في اعقاب اتهامات متبادلة بين اطراف النزاع.