لعبة الأرقام الوزارية في تفسير المبادرة العربية

الموالاة تجدها حجة لنسف الاستحقاق الرئاسي.. والمعارضة تعتبر الثلث المعطل حقا مكتسبا

TT

ربطت المعارضة اللبنانية موافقتها على المبادرة العربية وبقاء قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيسا توافقيا للجمهورية بنتائج التحقيقات في أحداث الشغب التي شهدها لبنان الاحد الماضي وأدت الى سقوط ثمانية قتلى (سبعة في ضاحية بيروت الجنوبية والثامن في الجنوب). حتى ذلك الحين يعتبر اقطابها أن علة المبادرة تكمن في تفسير المادة الثانية التي نصت على ان تشكل حكومة وطنية لا ثلث للأقلية معطلا فيها ولا النصف زائدا واحدا للأكثرية مع اعطاء الصوت الوازن لحصة رئيس الجمهورية في الحكومة. وفي حين يرى الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى ان المبادرة العربية قائمة على أساس احترام وجود أكثرية وأقلية من دون أن يخلّ أي من الطرفين بهذا التوازن، تعكس قراءة المعارضة لهذا البند وكأنها استمرار في محاولة إلغاء الأكثرية التي بدأت منذ استقالة الوزراء الشيعة من الحكومة والمطالبة بالثلث المعطل في أي تشكيلة وزارية. ولعل المستغرب في لعبة الارقام الوزارية هو رفض الطرف المسيحي المعارض فيها الصوت المرجح لرئيس الجمهورية الذي يكرس حق الرئيس (المسيحي) بالترجيح داخل الحكومة للمرة الاولى منذ اتفاق الطائف. وهو ما يعتبر مكسبا سياسيا للمسيحيين كون اتفاق الطائف لم يعط الرئيس هذه الصلاحية. أما عن محاولة رئيس كتلة «الاصلاح والتغيير» العماد ميشال عون احراج الاكثرية عبر مطالبته ادراج هذه الصيغة في صلب الدستور، فقد سحبت من التداول. وفسر البعض ذلك بأن صعوبة تنفيذ هذه المطالبة تكمن لدى حلفاء عون وليس لدى الاكثرية. ما أبقى لعبة الارقام المعلق عليها مصير المبادرة في حيز حصص الاكثرية والأقلية، وما يعنيه هذا الاشتباك الرقمي من نسف لما تفرزه أي انتخابات تعكس إرادة الشعب من خلال رفض نتائج هذه الانتخابات، تارة بالادعاء ان هذه الاكثرية وهمية، وطورا بالمطالبة بإجراء انتخابات مبكرة والالتزام بنتائجها.

مستشار رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة، السفير محمد شطح، قال لـ«الشرق الاوسط»: «طرح المعارضة ينطوي على ثلاثة أجزاء: اثنان منها معلنان وهما توزيع الحصص الوزارية بنسبة متساوية بين الأكثرية والأقلية ورئيس الجمهورية، أي 10ـ10ـ10. والثاني الحصول على الثلث المعطل. أما الجزء الثالث فهو غير معلن». ويوضح: «الحصص المتساوية والثلث المعطل هما مفهومان متضاربان. عندما تقول المعارضة انها تريد الثلث المعطل، يعني ذلك انها قبلت بمعادلة الاكثرية والأقلية وطالبت كأقلية بحصة أكبر من حجمها. اما المساواة في الحصص فلا علاقة له بأي منطق لحل الأزمة. ولا علاقة له بمطلب الثلث المعطل. والمفهومان مرفوضان من الأكثرية. لأن معناهما هو اما أن البعض لديه شكوكا بالفريق الثاني او ان لديه شكوكا بالعماد ميشال سليمان».

وأضاف شطح: «وفي الحالتين تلجأ المعارضة الى أساليب لتخريب ترشيح سليمان وبالتالي تخريب الاستحقاق الرئاسي. مع صعوبة إقرارها بذلك». ويعتبر «أن هذين المفهومين يفسران الجزء الثالث غير المعلن من طرح المعارضة التي قد يسهل عليها بعد أحداث الشغب التي شهدتها الضاحية الجنوبية لبيروت الاحد الماضي تظهير هذا الجزء. فالبعض في أقطاب المعارضة لا يريد انجاز الاستحقاق الرئاسي. ويقوم بأي شيء لتحقيق هدفه. والبعض الآخر لا يريد العماد سليمان رئيسا، كما هي حال رئيس كتلة الاصلاح والتغيير العماد ميشال عون، لذا يصر على هذه الشروط التعجيزية».

ويؤكد شطح رفض الاكثرية لطرح المعارضة لاسباب عديدة، منها عدم السماح بحصول سابقة من دون اتفاق سياسي ومن دون مضمون منطقي». ويشير الى أن «لا تفكير واحدا في صفوف المعارضة حيال رفضها مبادرة الجامعة العربية، سواء جاء الرفض معلنا او غير معلن، لا سيما بعد أحداث الشعب التي وضعت ترشيح سليمان في خانة ملتبسة».

النائب في كتلة «الاصلاح والتغيير» شامل موزايا يعتبر «ان الامين العام عمر موسى حر في ما يقوله. الا أن القرار العربي يقول عن توزيع للحصص بصورة عادلة. ووفق التمثيل البرلماني نحن نشكل 45% من مجلس النواب. والأكثرية لها 55%. ما يعني أن حصتنا تبلغ 13 وزيرا ونصف الوزير. وحصة الاكثرية هي 16 وزيرا ونصف الوزير. ونحن نسامحهم بالنصف. ونريد 13 وزيرا. وإذا أرادوا ان يعطوا حصة لرئيس الجمهورية ليختار خمسة وزراء، فليكن ثلاثة من عندهم واثنان من عندنا».

ولا يعتبر موزايا ان حصول المعارضة على 11 وزيرا يعارض مبادرة الجامعة العربية ويمنحها الثلث المعطل. ويقول: «نحن نطالب بالثلث الضامن وليس بالثلث المعطل. لماذا يحاولون تصوير الامر وكأن الوزراء القادمين من المعارضة يريدون فقط ان يعطلوا والامر غير صحيح. من يفكر بالتعطيل لا يجوز توزيره». أما عن تشكيلة 10ـ10ـ10، فقد أوضح موزايا «انها مرفوضة كليا. نحن نريد الثلث الضامن». وردا على مدى موافقة رئيس مجلس النواب نبيه بري على هذا الطرح، قال: «الرئيس بري له مطلق الحرية في طرحه المساواة في الحصص. ربما هو يفتش عن حلول. لكن في نهاية الامر على اقطاب المعارضة ان يتشاوروا ليتخذوا قرارهم النهائي».