تشاد: قوات المعارضة مدعومة من السودان تتقدم باتجاه العاصمة والجيش مستعد

إغلاق المدارس وتحذيرات للأجانب والرئيس ديبي يتوجه إلى جبهة القتال والمعارضة تقول إنها تنتظر لحظة المواجهة

TT

انجامينا: «الشرق الاوسط» قالت الحكومة التشادية امس إن قوات المعارضة التي تطلق عليها اسم «مرتزقة» يساندهم السودان تقدموا لمسافة طويلة على الطريق الرئيسي غربا باتجاه العاصمة انجامينا، وان الجيش اتخذ مواقع دفاعية حول المدينة، التي ما تزال الحياة فيها تسير بشكل طبيعي. وأكدت مصادر مطلعة في العاصمة ان الرئيس ادريس ديبي توجه بنفسه الى جبهة القتال في وقت اعطيت فيه اشارة الانطلاق لقوة اوروبية (يوفور) في المنطقة. وأكدت المعارضة من جانبها انها تنتظر لحظة المواجهة.

وابلغ مقرر اللجنة الاعلامية لاتحاد القوى من اجل الديمقراطية والتنمية، محمد شريف جاكو «الشرق الاوسط» ان قوات المعارضة على بعد 200 كيلومتر من العاصمة، مشيراً الى ان القوات الفرنسية اكدت التزامها بعدم التدخل فى الصراع الدائر باعتباره شأنا داخليا.

واكد مسؤول الاعلام في القصر الرئاسي بانجامينا جبريل محمد ادم لـ«الشرق الاوسط» الأنباء، وقال ان «المتمردين تقدموا على بعد 200 كيلومتر من العاصمة». وأضاف ان «القوات الحكومية بقيادة الرئيس التشادي ادريس ديبي توجهت لمواجهة قوات التمرد». وتابع «هذه معركة حاسمة وفاصلة وستكون الاعنف، ولم تشهدها بلادنا في عصرها الحديث». وقال «ان المتمردين لن يستطيعوا دخول انجامينا»، نافياً سيطرة قوات المعارضة على مدينة ام حجر بشرق البلاد، مشيراً الى ان القرى والمدن الطرفية لا توجد بها قوات كبيرة سوى اعداد من قوات الدرك الوطني.

واتهم ادم الحكومة السودانية بانها تقف وراء الهجوم الوشيك على انجامينا، وقال «قوات المرتزقة دخلت البلاد بعدد 300 سيارة قادمة من معسكر هجيل جنوب شرقي الجنينة بغرب دارفور». واضاف ان وزير الخارجية التشادي احمد علامي الذي يمثل رئيس حكومته في قمة الاتحاد الافريقي باديس ابابا تقدم بشكوى الى رؤساء المنظمة الافريقية امس. وتابع «اننا نطالب الاتحاد الافريقي بالتدخل لوقف الاعتداءات السودانية على بلادنا». ودعم ادم اتهاماته للخرطوم بمعلومات استخباراتية من حكومته بان المتمردين تم دعمهم من قوات الدفاع الشعبي المساندة للجيش السوداني. وقال «عناصر من الدفاع الشعبي والمرتزقة تسللوا الى داخل الحدود التشادية الى مدينة ام حجر بشرق البلاد». واضاف «نحن نحمِّل البشير ونظامه كامل المسؤولية في ما يجري من معارك داخل اراضينا».

الى ذلك، الغيت زيارة رسمية لكبير مساعدي الرئيس السوداني مني اركو مناوي لانجامينا بسبب الاوضاع الامنية التي تشهدها تشاد على حدودها الشرقية. وقال ادم ان «الرئيس ديبي في جبهة القتال ولن يتمكن من استقبال مناوي». واضاف ان الزيارة لم يتم تحديد مواعيد جديدة لها. واعلنت الحكومة التشادية حالة التأهب القصوى لمواجهة قوات تحالف المعارضة التي قالت انها تتجه نحو العاصمة انجامينا من شرق البلاد. وقال مصدر أمني في انجامينا لرويترز ان طابور المعارضين يضم نحو 300 مركبة مر على بلدة أتّي وتوقف على بعد 250 كيلومترا الى الشرق من انجامينا حيث تقدم طابور من الجيش التشادي لمواجهته. وتشن قوات المعارضة التشادية هجمات كر وفر منذ سنوات ضد الرئيس ادريس ديبي الذي تعزز موقفه بسبب معاهدة دفاعية مع فرنسا تشمل دعما من القوات البرية والجوية الفرنسية المتمركزة في تشاد.

وفي أبريل (نيسان) 2006 تم إحباط الهجوم الاكبر ضمن سلسلة هجمات استهدفت العاصمة، وذلك في معارك يُعتقد أنها أسفرت عن سقوط مئات القتلى في المدينة. وقالت الحكومة التشادية في بيان أذاعته وسائل الاعلام الرسمية ان قوات المعارضة دخلت بلدة أم هاجر على بعد أكثر من 500 كيلومتر شرق انجامينا أول من امس بعد عبور الحدود من السودان في وقت سابق هذا الاسبوع. لكن المصدر الأمني الذي طلب عدم نشر اسمه قال لرويترز ان طابور المتمردين تقدم بالفعل مقترباً من العاصمة. وأضاف «تجاوزوا أتّي وتوقفوا». وتابع «هناك طابور من الجيش التشادي في مواجهتهم وهناك قوات تشادية أخرى تقف بينهم وبين العاصمة».

وقال ان المدينة ليست تحت خطر وشيك. وحسب شهود، فإن دوريات الجيش التشادي كثفت المراقبة في شوارع نجامينا واتخذت مواقع دفاعية على الطرق الرئيسية الى المدينة من الشمال والشرق. وخلت المدارس في المدينة بعد أن أرسل المعلمون التلاميذ الى أسرهم. لكن المتاجر والاسواق ظلت مفتوحة.

وقال محمد أدوم، وهو واحد من بين كثير من الموظفين الحكوميين، تركوا عملهم مبكرا للعودة الى منازلهم لرويترز، «الحرب ليست لها علاقة بنا نحن المدنيين. أنا عائد لبيتي تحسباً.. حتى لا أقتل في الشارع». وقال راديو فرانس انترناسيونال ان السفارة الفرنسية أغلقت أبواب المدرسة الفرنسية في انجامينا ونصحت رعاياها بالحد من تنقلاتهم في المدينة. ونصحت السفارة الاميركية رعاياها بأن يتجنبوا تماما السفر لشرق تشاد، وأن يحدوا جميع التحركات غير الضرورية في العاصمة نفسها.

وشكلت المعارضة تحالفاً في ديسمبر (كانون الاول)، يتكون من ابرز ثلاث مجموعات مسلحة تشادية بقيادة محمد نوري وتيمان ارديمي وعبد الواحد عبود ماكاي. وتقدمت هذه التشكيلات نحو العاصمة يوم الاثنين الماضي. ومنذ ذلك الحين، تقدموا مسافة 500 كلم متجنبين الجيش والمواجهة المباشرة. وقالت مصادر عسكرية واخرى من قوات المعارضة ان الطيران التشادي ضرب عدة مرات هذا الرتل المؤلف من حوالى 300 شاحنة صغيرة يمكن ان تنقل كل منها 10 الى 15 رجلا. وقال مصدر عسكري في انجامينا لوكالة الصحافة الفرنسية، «انها قوة كبرى». وقال الناطق باسم تحالف المعارضة عبد الرحمن كلام الله لوكالة الصحافة الفرنسية «ننتظر المواجهة». وذكر احد المصادر ان «الرئيس ديبي شخصيا توجه الى الجبهة» صباح الخميس. والرئيس ديبي قائد عسكري ويشارك في بعض الاحيان في المعارك في الخطوط الامامية بمواجهة قوات المعارضة، كما حصل في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2007 خلال اشتباكات في شرق تشاد اوقعت مئات القتلى. وكما حصلَ في الماضي، اتهمت انجامينا الخرطوم بتجهيز قوات المعارضة التي اصابها الوهن من جراء المعارك نهاية 2007 وبأنها تقف وراء هذا الهجوم. واعتبر مراقب أجنبي «هناك فرصة للتحرك قبل انتشار القوة الأوروبية فعليا الذي من شأنه ان يجمد المواقع على الارض وهو ما لا يريده السودانيون». وتزامن الهجوم مع إطلاق القوة الاوروبية «يوفور» التي تعد 3700 عنصر، بينهم 2100 فرنسي، مكلفين حماية اللاجئين السودانيين من دارفور شرق تشاد وشمال شرقي افريقيا الوسطى وكذلك النازحين داخل تشاد وافريقيا الوسطى اي 450 الف شخص. و«يوفور» التي ستستكمل انتشارها بحلول منتصف مايو (ايار) المقبل ليست لها صلاحية التدخل بين قوات المعارضة والجيش. وقائدها الميداني الجنرال الفرنسي جان فيليب غاناشيا أعطى اشارة الانطلاق محليا امس.