«سي آي إيه»: خبير متفجرات «القاعدة» على قيد الحياة

أبو خباب المصري مسؤول عن برنامج التنظيم للحصول على السموم وأسلحة الدمار الشامل

ابو خباب المصري
TT

بعد الهجوم الجوي الأميركي الذي جرى في يناير 2006 على مبنى قائم في المنطقة القبلية الباكستانية الخارجة عن القانون، أعلن الرئيس الباكستاني برويز مشرف وعدد من مسؤولي الاستخبارات هناك عن مقتل بعض ميدانيي القاعدة وبالخصوص المصري المتخصص بصناعة الأسلحة الكيماوية خبير المتفجرات أبو خباب المصري، لكن مصادر استخبارات أميركية حالية تؤكد أنه ما زال حيا وهو مسؤول على انبعاث برنامج القاعدة الهادف إلى الحصول على أسلحة الدمار الشامل.

ومع المشاكل القائمة مع تقييمات الاستخبارات الأميركية السابقة فإن المسؤولين الأميركيين أصبحوا حذرين من تقليل شأن قدرات القاعدة وهم يشددون على أن معرفتهم بها قليلة بسبب مصاعب الحصول على معلومات من المنطقة الجبلية الواقعة في شمال غربي باكستان حيث تمكنت الشبكة الإرهابية من إعادة ترسيخ نفسها.

لكنهم يقولون إن القاعدة جددت قدرا من البحث النشط لتطوير قدراتها التي خسرتها بعد قصف الولايات المتحدة لمقراتها في أفغانستان ومعسكرات تدريبها في أواخر عام 2001 وهم يرون أن القاعدة تحاول مرة أخرى حاليا لامتلاك أسلحة كيماوية وبيولوجية وإشعاعية بل وحتى قنابل نووية لاستخدامها ضد الولايات المتحدة وأعدائها. وحتى الآن يرى المسؤولون الاستخباراتيون أن الجهود تنصب في تطوير واستخدام السيانيد والكلورين وسموم أخرى لا تتسبب عادة في هجمات قتل جماعية تستخدم عادة في أسلحة الدمار الشامل.

وقال مسؤولو استخبارات إنهم وضعوا تقييماتهم الحالية على أساس ما جرى من عمليات إنصات ومن مخبرين تم القبض عليهم كانوا يعملون مع القاعدة ومن تعقب تدفق الأموال والمواقع الانترنتية الخاصة بنشطاء القاعدة. وقال مسؤول عن مكافحة الإرهاب إن هناك دلائل على تسلم بعض الميدانيين تلقيحات للمناعة لحماية أنفسهم من العوامل البيولوجية. ويعتقد أن أبو خباب الذي اسمه الحقيقي مدحت مرسي السيد عمر قد أسس مختبرات مع عدد محدود من المساعدين لتوفير مناخ هادئ يستطيع العلماء ان يقوموا ببحوثهم مع المواد الكيماوية والمركبات الأخرى حسبما قال عدد من مسؤولي الاستخبارات الأميركيين الذين على تواصل مع برنامج أسلحة القاعدة. وكشفت المعلومات الاستخبارية الأخيرة أن أبو خباب، 54 سنة، يقوم بتدريب مجندين غربيين على هجمات كيماوية في أوروبا وربما في الولايات المتحدة، مثلما فعل حينما كان يدير «معسكر خباب» في منطقة تورا بورا بأفغانستان قبل هجمات 11 سبتمبر حسبما ذكر مسؤول استخبارات أميركي طلب عدم الكشف عن اسمه لأن المعلومات الخاصة بـ«سي آي أيه» تعتبر سرية. وراح بعض الخبراء يتساءلون عن مدى تمكن القاعدة من إعادة إنشاء برنامج أسلحتها في جبال باكستان.

وقال رفائيل بيرل الذي يرأس وحدة لمحاربة الإرهاب تعرف باسم Action Against Terrorism Unit إن هناك قناعة بقيام القاعدة بتطوير أسلحة كيماوية وإذا لم تكن تملك حاليا أسلحة بيولوجية «فإن هناك قناعة بقيام القاعدة بتطوير أسلحة كيماوية وإذا لم تكن تملك حاليا أسلحة بيولوجية «فإنها بالتأكيد ليست بعيدة عن هذا الهدف». وقال إنه مع المعرفة التقنية التي يملكها أبو خباب فإنه «من الواضح تماما أنهم يحاولون العمل على المجالين الكيماوي والبيولوجي».

وقال مسؤول استخبارات أميركي رفيع إن جهود القاعدة «صغيرة جدا في هذا المجال قياسا بما كانت تقوم به في أفغانستان، فغياب السلامة يجعلك لا تشعر بالراحة عند الحركة» مثلما هو الحال مع ما كان ممنوحا لرجال القاعدة من حريات من قبل طالبان. وقال رجل الاستخبارات السابق الذي ترك «سي آي إيه» في أغسطس 2006: «أنا لا أقول إن البرامج كبيرة وجاهزة للاستعمال غدا، لكن كل ما فقدوه خلال غزو عام 2001 تمكنوا من إعادته».

وتعود صلات ابو خباب بالارهاب الى اواسط الثمانينات على اقل تقدير عندما كان عضوا بارزا في منظمة الجهاد الاسلامي المصرية التي كان يقودها ايمن الظواهري والتي اندمجت مع منظمة القاعدة. وخلال سنوات قام بتدريب مئات من المقاتلين في معسكرات القاعدة حول كيفية استخدام المتفجرات والسموم والأسلحة الكيمياوية البدائية، وفقا لوثائق أف بي آي.

ويقول مسؤولون استخباراتيون انه ليس لدى ابو خباب، الذي تخرج في مصر كمهندس كيمياوي، تدريب رسمي على الأسلحة البيولوجية او النووية. ولكنه انتهى الى ان يكون مسؤولا عن برنامج الأسلحة، جزئيا على الأقل، لأن بعض العناصر ممن يعتقد أنهم أكثر خبرة بشان الأسلحة البيولوجية والنووية قد اعتقلوا أو قتلوا.

ووصف ابو خباب من جانب عدد من المسؤولين الاستخباراتيين باعتباره يتباهى بنفسه وكونه واحدا من أفضل خبراء المتفجرات. وقال مسؤولون استخباراتيون حاليون وسابقون انه كانت لديه علاقة حادة مع زعيمي القاعدة بن لادن والظواهري وقيادتهما العليا بسبب نزعته الذاتية وميله الى الاستقلالية. ومع ذلك فقد كلفه الظوهري عام 1999 ليترأس برنامجا للأسلحة غير التقليدية حمل اسم «الزبادي».

ووفقا لملفات كومبيوترية للقاعدة عثر عليها بعد الغزو الأميركي لأفغانستان، حقق أبو خباب «تقدما كبيرا» خلال اشهر. ووجدت السلطات الأميركية مواد في مجمع دارونتا وأماكن أخرى في أفغانستان تظهر أن القاعدة كانت تسعى الى الحصول على اسلحة دمار شامل، بما في ذلك أسلحة نووية وبيولوجية. وبحلول عام 2002 يعتقد ان ابو خباب هرب الى الشيشان او الى جورجيا ليستأنف تدريب المتطرفين على استخدام الأسلحة الكيمياوية قبل ان ينتهي به المطاف الى باكستان. وفي ديسمبر 2002 زعم أن القاعدة أرسلت فريقا الى نيويورك لاستخدام سلاح يحمل اسم «مبتكر» لنشر غاز السيانيد في سيارات الأنفاق مما يمكن أن يؤدي الى قتل عشرات من الناس، وقال مسؤولون استخباراتيون انهم يشكون في ان ابو خباب لعب دورا في هذا التطور.

وقال ضابط خبير بأسلحة الدمار الشامل في «سي آي أي» ان ابو خباب طور نوعا من السموم يمكن أن ترمى في مناطق معينة وأضاف الى المزيج زجاجا مسحوقا للمساعدة في الدخول الى مجرى دم المصاب. وفي السنوات الأخيرة بدأ ابو خباب السعي الى مزيد من التمويل لمتابعة ما يدعي انه يمكن أن يكون برنامجا ناجحا لتطوير سلاح نووي. وقال ضابط سابق في «سي آي أي « لقد ابلغ القاعدة خلال سنوات بأنه يستطيع القيام بذلك، وقال لهم: أعطوني المال. وذلك هراء بالطبع. غير أنه يمكن أن يطور وسيلة لنشر الاشعاعات»، وهو ما يسمى «القنابل القذرة». وفي يونيو 2004 لاحقت الحكومة الأميركية ابو خباب الى باكستان وحددت جائزة بقيمة خمسة ملايين دولار لقاء معلومات تؤدي الى اعتقاله. وفي يناير 2006 علم مسؤولون أميركيون ان ابو خباب وعناصر بارزة أخرى في القاعدة، ربما يكون الظواهري من بينهم، سيحضرون لقاء في دامادولا قرب الحدود الأفغانية.

وأطلقت «سي آي إيه» صواريخها لتقتل 18 شخصا بينهم ما لا يقل عن 13 مدنيا. وسرعان ما اعلن مشرف ان صهرا للظواهري وأبو خباب كانا بين القتلى. وعلى الرغم من ادعاءات مشرف توصلت «سي آي إيه» بعد أشهر عدة الى ان ابو خباب حي. وارسلت مزيدا من العناصر الى شمال غربي باكستان صيف 2006 للعثور على ابو خباب، لكن الفرصة لم تتحقق.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»