صفير: لبنان يتخبط.. وإذا لم تنظم علاقاته مع سورية فالعاقبة وخيمة

أشار إلى انحطاط مستوى الخطاب السياسي

TT

رأى البطريرك الماروني نصر الله صفير ان لبنان لا يزال يتخبط في «حالة شاذة مأساوية على رغم الجهود الحثيثة التي بذلتها وتبذلها دول صديقة، قريبة منا وبعيدة». وتساءل: «الى متى يستمر الاستقواء بالخارج؟ ولماذا لا تنظم العلاقات مع سورية؟» محذراً من انه «اذا لم يتم ذلك كانت العاقبة وخيمة على البلدين معاً».

واشار صفير، في رسالة الصوم الكبير التي وجهها امس الى ابناء الكنيسة المارونية الى انحطاط مستوى الخطاب السياسي «وهو ابرز معالم الانحطاط في كل المجتمعات المتخلفة». معتبراً «ان جوهر المشكلة (في لبنان) هو صراع الطوائف الدينية المستمر على السلطة والنفوذ. والطوائف في هذا الصراع لم تكن كتلاً دينية، بل كتل اجتماعية سياسية». وقال: «ان كل ما تعاقب على لبنان من احداث مرده الى اخطاء كثيرة ارتكبت. ولم يعمد احد الى اجتناب الوقوع فيها من المسؤولين. وراح كل وجيه ماروني او من هو على قسط من العلم والمال يسعى الى اقتعاد مقعد الرئاسة، اعتقاداً منه ان ذلك سبيل الى المزيد من السلطة والاثراء، وليس سبيلاً الى الخدمة والتضحية والكفر بالذات». وأشار الى ان ما يقوله «تستوجبه الحالة الشاذة المأسوية التي يتخبط فيها الوطن منذ حوالي السنة. وعلى الرغم من الجهود الحثيثة التي بذلتها وتبذلها دول صديقة، قريبة منا وبعيدة، لا نزال نعاني ما نعاني من ضياع وانتكاسات وهجرة وخسائر مادية ومعنوية حملت الكثير من اللبنانيين على مغادرة لبنان طلباً لفرص العمل في البلدان العربية المجاورة او البلدان البعيدة لكي لا نقول يأساً من تحسن الاحوال عندنا».

واذ رأى ان «رسالة الكنيسة سياسية» قال: «ان واجب رجل الدين يقضي عليه بأن يذكّر بالمبادئ التي تقوم عليها السياسة القويمة من دون ان ينغمس في اوحالها». وكرر ما توقف عنده المجمع البطريركي الماروني في الشأن السياسي وجاء فيه انه «حيال التدهور الحاصل في الوضع اللبناني وانسداد آفاق التقدم نحو الاصلاح الحقيقي (...) يجب قبل كل شيء تحقيق الوفاق الوطني بتطبيق وثيقة الوفاق الوطني نصاً وروحاً (...) ويتحقق هذا الوفاق الوطني بالاتفاق على قيم مشتركة، هي الحرية والديمقراطية وسيادة القرار السياسي الداخلي. لماذا لا تنظم العلاقات المميزة مع سورية على قاعدة الولاء للبنان ومصلحة البلدين بالمساواة؟ فاذا لم يتم ذلك كانت العاقبة وخيمة على لبنان وسورية معاً».

وتحدث صفير عن «خطورة الوضع الراهن» قائلاً: «لا حاجة الى تبيان ما أصبحنا فيه من فراغ. وقد باتت المؤسسات الدستورية والوطنية مشلولة. فرئاسة الجمهورية خلت من شاغلها، ولم ينتخب من سيكون بديلا عنه. وهذه ثاني مرة يحدث ما حدث في تاريخ الجمهورية اللبنانية منذ قيامها سنة 1920. والمجلس النيابي لم يجتمع منذ ما فوق السنة. وهذا أمر مستغرب، مستهجن. والحكومة استقال عدد من أعضائها، وفي الوقت عينه يصرّفون فقط ما يطيب لهم من معاملات. والجيش اللبناني الذي أظهر تماسكا كبيرا خاصة في حرب نهر البارد، اغتيل لأول مرة ضابط كبير من ضباطه. والتهديد يلاحق بعض السفارات في لبنان. وهذا نذير سوء يذكر بسنوات مضت هجر فيها السفراء لبنان. وهناك مؤسسات أصبحت شاغرة، وليس من يأبه لها كالمجلس الدستوري وما سواه». واضاف: «أما الانقسامات السياسية التي تنعكس على القواعد الأدبية والأخلاق، فهي مدعاة أسف كبير. فالمجلس النيابي منقسم الى أكثرية وأقلية. وكل فريق يحاول أن يبرهن أنه محق، هذا اذا كان لا يدعي احتكار الحقيقة في ما يفعل. وهذا الوضع انعكس على الحياة السياسية بمجملها، لا بل على حياة المواطنين اليومية. وقد حمل الكثير من اللبنانيين على الهجرة القريبة والبعيدة. وهذا افقار للبلد لحرمانه سواعد أبنائه المنتجة وأدمغتهم الخلاقة. وأصبح الكثير من أهل السياسة يبحثون، ليس على ما ينفع وطنهم، بل على ما ينفعهم شخصيا. ومن بينهم من التحق سياسيا بغير لبنان، وغيره التحق بذاك البلد، كأن بلدهم لبنان قد أصبح لديهم مطية يتوسلونها لتحقيق رغبات هذا أو ذاك من البلدان، على أن يبووئهم البلد الذي تطوعوا لخدمته المركز الذي يتوقون الى ملئه في بلدهم».