أول عملية في إسرائيل منذ عام ونصف العام تتبناها «كتائب الأقصى»

دعوات إسرائيلية لتصفية هنية.. وتحميل مصر جزءا من مسؤولية تفجير «ديمونة».. ومقتل أبرز قادة لجان المقاومة واثنين من سرايا القدس

رجال شرطة اسرائيليون يعملون على اغلاق موقع العملية التفجيرية في مدينة ديمونة امس (ا ف ب)
TT

بعد اكثر من عام ونصف لم تشهد إسرائيل خلالها أي عملية من هذا النوع، فجر مقاوم فلسطيني نفسه في مركز تجاري وسط مدينة ديمونة، في صحراء النقب جنوب اسرائيل، فقتل اسرائيلية وجرح 11 اخرين، احدهم في حالة الخطر الشديد واربعة جراحهم متوسطة. وقتل في العملية الى جانب منفذها مقاوم اخر كان برفقته وفاجأه شرطي اسرائيلي باطلاق النار عليه.

وأعلنت كتائب شهداء الاقصى الجناح العسكري لحركة فتح وكتائب ابو علي مصطفى الجناح العسكري للجبهة الشعبية وتنظيم جديد باسم سرايا المقاومة مسؤوليتها عن العملية التي قالوا انها جاءت ردا على الاجراءات والاعتداءات الاسرائيلية.

في المقابل نفت حركة فتح في الضفة الغربية ان تكون كتائب الاقصى قد نفذتها. وادانت السلطة الفلسطينية عملية ديمونة.

في غضون ذلك اغتالت اسرائيل ابرز قادة لجان المقاومة الشعبية في قطاع غزة كما قتلت اثنين من سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي.

وحول العملية قال الجنرال اوري بارليف قائد القطاع الجنوبي في الشرطة الاسرائيلية إنه بعد أن فجر المقاوم الأول نفسه فقتل مستوطنة وجرح 11 آخرين وأصيب في الانفجار المقاوم الثاني، وعندما حاولا تفجير حزام الناسف اطلق عليه ضابط شرطة تواجد في المكان النار عليه وقتله قبل ان يتمكن من تفعيل الحزام. واشار بارليف الى أن عدد القتلى في الجانب الاسرائيلي كان سيكون أكبر بكثير فيما لو لم تتم تصفية المقاوم الثاني.

وادى الانفجار الى حالة واسعة من الهلع في المدينة الصغيرة، التي تبعد مسافة 90 كيلومترا عن مفاعل «ديمونا» النووي.

واكد بارليف أن الأجهزة الاستخبارية الاسرائيلية لم تقدم أي انذار بشأن هذه العملية كما كانت تفعل ذلك، مشيراً الى أن هذه العملية نفذت رغم الإجراءات الأمنية المشددة التي عكفت الشرطة على اتخاذها منذ اختراق الحدود بين غزة ومصر.

واستغل كل من الجيش والأوساط السياسية الاسرائيلية الحدث لمهاجمة مصر وتحميلها جزءا من المسؤولية عن العملية لسماحها بفتح الحدود مع القطاع. ونقلت الإذاعة الإسرائيلية باللغة العبرية عن مصدر كبير في الجيش الإسرائيلي قوله إن كل الدلائل كانت تؤكد أن تنفيذ عمليات تفجيرية في قلب اسرائيل كانت «مسألة» وقت بعد انهيار الحدود. وادعى المصدر أنه يتوقع أن يكون عدد من نشطاء المقاومة قد تسللوا فعلاً الى إسرائيل وهم ينتظرون الوقت المناسب لتنفيذ عمليات. اعتبر ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي أن العملية تطور بالغ الخطورة وتفرض على اسرائيل اعادة دراسة خطواتها في مواجهة الاوضاع في غزة. ونقلت الإذاعة العبرية عن مصدر في الديوان قوله إن الاستنتاج الذي توصلت اليه إسرائيل حالياً هو وجوب اقامة جدار اسمنتي على الحدود بين مصر وإسرائيل لمنع أي امكانية لتسلل المقاومين الى الاراضي الاسرائيلية.

أما جدعون ساعر رئيس كتلة حزب «الليكود» فقد اعتبر أن تنفيذ العملية جاء نتيجة طبيعية لفتح الحدود بين مصر وغزة. ودعا الجنرال يسرائيل حسون نائب رئيس المخابرات الداخلية الأسبق، والنائب عن حزب «اسرائيل بيتنا»، الى تصفية اسماعيل هنية فوراً، معتبراً أنه يتوجب على اسرائيل العمل على وقف العمليات التفجيرية وعدم التسليم بها بحال من الاحوال. وطالب اوري ارئيل نائب عن حزب «الاتحاد الوطني» بوقف المفاوضات مع الرئيس محمود عباس (ابو مازن) على اعتبار أنه لا يملك أي سيطرة على الشعب الفلسطيني «والتفاوض معه اضاعة للوقت». ودعا لشن حملة برية فورية واسعة النطاق بهدف اسقاط حكومة حماس. وحتى افيشلام غولان رئيس كتلة حركة «ميريتس» اليسارية اعتبر أن ما حدث هو نتاج لفتح الحدود، مطالباً ببناء جدار اسمنتي على طول الحدود مع مصر. اللافت للنظر أن جميع المستويات العسكرية ووسائل الاعلام الاسرائيلية، وظفت البلاغات الامنية المصرية خلال الاسبوع الماضي حول اعتقال عدد من الخلايا الفلسطينية المسلحة في سيناء، للتدليل على أن العملية جاءت نتيجة فتح الحدود.

واعلنت كتائب الاقصى وكتائب ابو علي مصطفى و«سرايا المقاومة» مسؤوليتها عن العملية. وقالت كتائب الاقصى في بيان «إن العملية مركبة من عمليتين، الأولى تمت عندما فجر استشهادي نفسه والثانية كانت اشتباكا مسلحا خاضته مجموعة من المقاومين من كتائب الأقصى وأبو علي مصطفى وسرايا المقاومة الموحدة، دون ان يقدم أي تفاصيل». وأضاف أن منفذي العملية انطلقا من قطاع غزة او ما أسماه «المناطق المحررة «أ» نافياً ان يكونا انطلقا من سيناء.

وأطلقت كتائب الأقصى اسم «وعد الأوفياء» على العملية مؤكدة انها تأتي رداً على مجازر الاحتلال في غزة والضفة وسياسة الاعتقالات وحصار غزة وتمسكا بالمقاومة كخيار استراتيجي، حسب تعبيره. واعتبر البيان ان حديث الاسرائيليين عن سيناء هي محاولة لتصدير الأزمة لمصر، قائلا إن «العلاقة الفلسطينية المصرية لا تشوبها شائبة وإن الاستشهاديين انطلقا من غزة».

وفي الوقت الذي نددت فيه السلطة الفلسطينية بالعملية رحبت بها حركتا حماس والجهاد الاسلامي واعتبرتاها «ردا طبيعيا على العدوان». وندد ابو مازن بعملية ديمونا، وبعملية اغتيال عنصري الجهاد الاسلامي في بلدة قباطية قرب جنين شمال الضفة. واعتبر ابو مازن أن أي عملية تستهدف المدنيين مدانة سواء في الجانب الاسرائيلي او الفلسطيني. واعتبر فوزي برهوم الناطق بلسان حماس ان العملية «رد طبيعي على العدوان الاسرائيلي»، مطالباً اسرائيل بوقف عدوانها.

ورحب خالد البطش احد قادة الجهاد الاسلامي بالعملية مذكراً بمئات الفلسطينيين الذين قتلوا خلال الاشهر الماضية بفعل الاعتداءات الاسرائيلية. وبعد ساعات على العملية اغتالت اسرائيل عامر ابو قرموط، «ابو الصاعد»، ابرز قادة لجان المقاومة الشعبية. باطلاق صاروخ عليه بينما كان يسير مشياً على الأقدام، في بلدة بيت لاهيا شمال غزة، فقتل على الفور وأصيب مرافقان جراح احدهما بالغة. وذكر شهود عيان أن ابو الصاعد، 44 عاما، كان قد خرج للتو من مبنى جامعة القدس المفتوحة في البلدة بعد ادائه امتحانا.