أوساط بري تنقل عنه ارتياحه لنتائج التحقيق في أحداث الأحد الدامي

فضل الله يتصل بالعماد سليمان مستنكراً الاعتداءات على الجيش اللبناني وداعياً إلى حمايته

TT

تواصلت امس في لبنان اللقاءات والاتصالات الهادفة الى «تحريم الاقتتال بين ابناء الوطن الواحد» والمستنكرة للاعتداءات التي يتعرض لها الجيش اللبناني بعد أحداث اول من امس التي اسفرت عن مقتل سبعة اشخاص وجرح اكثر من خمسين خلال المظاهرات في منطقة الشياح ـ مار مخايل الضاحية الجنوبية لبيروت.

وفي هذا السياق، زار وفد من كبار رجال الدين يمثل مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان معزياً باسم المفتي بـ«شهداء الاحد الدامي». وجرى على هامش اللقاء بحث الشؤون الوطنية والاسلامية.

ورحب الشيخ قبلان بالوفد في «داره في المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى الذي هو دار المسلمين واللبنانيين جميعا، كما هي حال دار الفتوى»، مؤكدا «ان المسلمين إخوة. وهم شركاء مع إخوانهم المسيحيين يجتمعون على حب وطنهم والدفاع عنه، وعلى رجال الدين تقريب وجهات النظر والعمل على وحدة اللبنانيين ليكونوا بالمرصاد لعناصر الفتنة لا سيما ان الإسلام ينبذ التعصب ويدعو للوحدة والتعاون كما المسيحية». وأكد دعمه «كل عمل ومسعى يسهم في حل الأزمة السياسية ويحصن الوحدة الوطنية التي تشكل درعا لحماية الوطن ودرء الأخطار عنه».

من جهته، قال رئيس الوفد الزائر القاضي الشيخ عبد اللطيف دريان: «أكدنا لسماحته أننا في دار الفتوى مع الثوابت والمواقف التي تم التعبير عنها في القمم الإسلامية من حرمة التقاتل بين ابناء الدين الواحد وبين ابناء الوطن الواحد. وما حصل اخيرا في منطقة الشياح ـ مار مخايل هو صفحة سوداء يجب علينا ان نرتفع فوق ألمها وفوق جروحها. والذين سقطوا في هذه الاحداث هم ابناؤنا وهم شهداء هذا الوطن، وندعو الى الإسراع بإجراء التحقيق اللازم الحيادي والشفاف ومعاقبة المقصرين والمذنبين وكل من حاول ان يحرض على إشعال الفتنة. الجيش اللبناني هو ضمانة لوحدة هذا الوطن وهو ضمانة لحماية أمن الوطن من الاحتلال الاسرائيلي وعدوانه، وهو الذي يجمع شتات هذا الوطن. وعلينا جميعا ان ننأى بمؤسسة الجيش عن الخلافات السياسية. وبالتالي علينا جميعا ان لا نستبق التحقيقات بإلقاء الاتهامات جزافا ونستبق التحقيق الذي نتمنى ان يكون شفافا».

واضاف: «كل المبادرات السابقة لبنانية كانت او عربية او صديقة، لم يكتب لها النجاح ولم تستكمل بنجاح لعدم وجود الثقة بين الفرقاء السياسيين. من هنا ندعو، بقلب منفتح وباخلاص وحرص على الوطن لبنان، رئيس المجلس النيابي الاستاذ نبيه بري، وهو الذي اوتي حكمة كبيرة في السياسة اللبنانية، لاطلاق مبادرة جريئة كما عودنا يدعو فيها جميع الفرقاء اللبنانيين الى قبة البرلمان من اجل الحوار الوطني، وان لا يتركوا طاولة الحوار إلا وقد توصلوا الى حل يضمن لهذا البلد الاستقرار الامني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي».

الى ذلك، استعرض المرجع الشيعي اللبناني الشيخ محمد حسين فضل الله هاتفيا مع بري التطورات على الساحة الداخلية، وخصوصا احداث الشياح ـ مار مخايل وما يتعلق بالمبادرة العربية.

وذكرت «الوكالة الوطنية للاعلام» انه جرى خلال الاتصال «تأكيد على ضرورة ان يفسح في المجال امام التحقيق الذي اجري على خلفية احداث مار مخايل ليأخذ مداه، بعيدا من التدخلات السياسية او غير السياسية التي من شأنها ان تؤثر في معطياته». واكد فضل الله «وجود معوقات خارجية تعترض حركة المبادرة العربية، اضافة الى الصعوبات الداخلية» مشيرا الى «ان الادارة الاميركية اخذت على عاتقها اقفال جميع الابواب امام هذه المبادرة، وإن كانت توحي عكس ذلك في الخطاب السياسي لممثليها ومسؤوليها».

واستنكر فضل الله في اتصال بقائد الجيش، العماد ميشال سليمان، الاعتداءات التي يتعرض لها الجيش، مشددا على «انها لا تستهدف المؤسسة العسكرية فحسب، بل الوطن كله من خلال استهدافها الأمن والاستقرار الداخلي، وسعيها الى ايجاد بلبلة داخلية تعيد خلط الاوراق الداخلية بما يثير حالا من الفوضى ويقطع الطريق على مساعي الوفاق والحلحلة الداخلية». واكد «الحرص على الجيش اللبناني كمؤسسة لا بد من ان يعمل الجميع لحمايتها وصونها لتكون بمنأى عن اي احداث سلبية قد تسيء لسمعتها او تنال من مكانتها»، مشددا على «وجوب ان يتحمل كل المعنيين المسؤولية لحماية الجيش من الخارج والداخل».

ونقلت اوساط بري عنه انه تلقى بايجابية نتيجة التحقيقات الاولية ومن خلال وضع القضاء اللبناني على سكة التحقيق الجدي باصداره مذكرات توقيف بحق عدد من الضباط والرتباء والجنود. ولفتت اوساط بري الى انه رأى في هذا الامر بداية ايجابية تعكس جدية التحقيق الذي سيكشف الجاني والمحرض والضحية.

من جهة اخرى، كشفت اوساط بري ان موعد عودة امين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى الى بيروت لم يحدد رسمياً بعد، وإن بري ينتظر منه اتصالاً هاتفياً لتحديد مسار تحركه المستقبلي. وتوقعت الاوساط نفسها ان يحسم موسى الخلاف حول البند الثاني من المبادرة العربية المتعلقة بتشكيل الحكومة بحسب ما كلف به في الاجتماع الثاني لوزراء الخارجية العرب. وكشفت تأكيد بري لموسى على ضرورة معاودة المحادثات في اطار اللقاء الرباعي الذي ضم عن المعارضة رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» العماد ميشال عون، وعن الاكثرية رئيس كتلة نواب «المستقبل» النائب سعد الحريري والرئيس الاعلى لحزب الكتائب الرئيس السابق امين الجميل برعاية موسى.

وجددت اوساط بري التأكيد ان المعارضة لم تعرقل المبادرة العربية، وان بري لفت موسى الى التنبه من الاميركيين الذين لم يعلنوا حتى هذه اللحظة موافقتهم على المبادرة العربية لا بل يسعون الى عرقلتها.

وكشفت مصادر في المعارضة اللبنانية ان زيارة موسى المقبلة الى لبنان لا تزال معلقة بانتظار نتائج الاتصالات التي تجري على اكثر من صعيد عربي لبلورة امكانية عودة مقبولة لموسى تتيح له الانطلاق من اساس متين لاستكمال مبادرته لكي لا تصطدم زيارته المقبلة الى لبنان بحقل ألغام التفسير.

يشار الى ان الرئيس بري ينتظر اتصالاً هاتفياً من موسى قد يحدد موعد عودته الى بيروت قبل الموعد الرابع عشر لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية، والتي حددها بري في الحادي عشر من فبراير (شباط) الحالي، اي الاثنين المقبل. الا ان مصادر نيابية مراقبة رجحت ان يتم تأجيل موعد هذه الجلسة الى موعد لاحق قد يكون بعيداً مقارنة مع المواعيد السابقة المتتالية.

وفي سياق متصل، رأى عضو كتلة «المستقبل» النائب عمار حوري ان «لا ارتباط بين التحقيق في احداث الاحد الدامي وعودة موسى الى بيروت»، لافتاً الى ان هذه العودة «مرتبطة بجهد عربي تجاه دمشق التي تتسبب في التعطيل». واشار الى ان «الجيش اجرى تحقيقاً شفافاً سيستكمل في المحكمة. والكلمة للقضاء ولا تطلق في الازقة والشوارع والمقاهي». وقال: «ترشيح العماد سليمان اصبح اكثر ثباتاً من اي وقت سابق. وهو يحظى يوماً بعد يوم بمزيد من الاقتراب نحو الاجماع»، مشدداً على ان «الانتخابات النيابية ستتم في موعدها وتاريخها». ورأى رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط في مقاله الاسبوعي لجريدة «الانباء» الصادرة عن الحزب التقدمي الاشتراكي «ان التحقيق في أحداث الاحد الفائت بين ان الجيش لم يغط أحدا» وقال: «مرة جديدة يثبت الجيش اللبناني مسؤوليته الوطنية العالية وقدرته على التعاطي بجدية تامة مع الملفات الصعبة والتحديات القاسية كتلك التي فرضتها الحوادث المؤسفة التي حصلت في الشياح الاسبوع الفائت.

واضاف: «أما المحاولات المكشوفة التي تمارسها بعض القوى السياسية بالتهويل على الجيش والسعي للقول إنه ليس محايدا، فهي مسألة في غاية الخطورة وتؤسس لتعميق واقع الانكشاف الامني من خلال الاستهداف المباشر للقوى الامنية والعسكرية التي تقوم بواجباتها في حفظ الامن والاستقرار الداخلي من دون الانحياز لأي طرف».